IMLebanon

تحالفات «التيار الوطني الحر»: هلا بـ«الإخوان»!

 

وكأنّ حزباً جديداً وقف رئيسُه على مسرح “البيال” السبتَ الماضي يعرّف عن نفسه، واستطراداً عن تحالفاته ومرشّحيه وخطابه الانتخابي. لا يمتّ لـ”التيار الوطني الحر” في صلة إلّا في عنوانه. هذا ليس تاريخه، ولا سلوكه ولا قواعده في التفاهمات ولا انسجامه مع مبادئه أو ذاته.

خلطة تحالفات متناقضة، متشابكة، متعرّجة، لا شيءَ يجمعها إلّا المصلحة الانتخابية. وإذا ما افترضنا أنه قرّر مجاراة “الدارج” في الواقعية المطلقة، فما معنى إذاً أن ينزّهَ نفسَه عن كل الموبقات التي رمى بها خصومه، وهم إما شركاؤه في بعض المطارح، وإما شركاء شركائه، وإما حلفاء الأمس؟

إستعراضيٌّ بامتياز كان الاحتفال بإعلان اللوائح. “فلش” العونيون “مفاتنهم” و”عضلاتهم” وصفّوا مرشحيهم على طول المسرح قبل أن يعتليه “نجمُ” الاستحقاق: جبران باسيل.

ومع ذلك، الستة والثمانون مرشحاً في كفّة، وكلمة رئيس الحزب في كفّة أخرى. من الضروري تفنيد الخطاب بتفاصيله ورسائله، خصوصاً إذا قرّر “التيار” اعتمادَه كعنوان لمعاركه الانتخابية التي يخوضها في كل لبنان تقريباً.

وفق خريطة التحالفات التي حاكها باسيل لحزبه، يتبيّن أنّ “التيار” متحالفٌ مع كل القوى السياسية، باستثناء الأحزاب المسيحية، أي “القوات” و”الكتائب” و”المردة” وبعض الشخصيات المستقلّة كنائب رئيس مجلس الوزراء النائب ميشال المر ورئيسة “الكتلة الشعبية” ميريام سكاف… أما غيرهم فـ”هلا بكم” في “جنّة” “اللوائح البرتقالية”. حتى حركة “أمل” لها حصتها في لائحتي بعبدا والدائرة الثانية في بيروت، وبالتالي هي شريكة وليست خصماً أبداً.

وعليه، يجوز السؤال: لمَن توّجه باسيل بخطابه الهجومي؟ مَن قصد بأنهم “يريدون أن يحاصرونا ويصغّروا كتلتنا”؟ مَن هم “شركاء الصفقات والفساد”؟ مَن هم “الذين خافوا القانون وألغوا البطاقة الممغنطة”.

فعلياً، سها عن بال “التيار” أنّ مَن قصدهم رئيسه في انتقاداته هم شركاء معه في بعض اللوائح وأنّ ليس في استطاعته تعميم هذا الخطاب على كل الدوائر الانتخابية، هذا إذا افترضنا أنّه قرّر الخروج على مبدأ الشمولية ولجأ الى مدرسة “لكلِّ مقامٍ مقال”!

وإذا ما اعتبرنا أنّه قرّر في زمن المتغيرات السياسية التي حوّلت الخصومة مع تيار “المستقبل” تفاهمَ “السرّاء والضراء”، العودة الى المربّع الأول، أي نزاع “القط والفأر” مع “القوات”، فقد نسي أنّ معراب كانت شريكة أساسية في “إعلان النوايا” الذي أوصل العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية.

الأرجح أنّ باسيل لم يرِد لنفسه هذه السلّة من التحالفات المتناقضة. لا بل كان مكرَهاً لا بطلاً. في الأساس هو كان يخطط ليكون شريكَ رئيس الحكومة سعد الحريري في كل لبنان. عينُه على فائض “الأصوات الزرقاء” في دوائر الإلتقاء التي في إمكانها رفع حاصله من دون أن يبذل أيَّ مجهود، مع العلم أنّ النظامَ الانتخابي النسبي يقوم في جوهره على تظهير قدرات كل فريق، فيعطي ما “لقيصر لقيصر”، بلا “منّة” من أحد أو دعمه.

لكنّ رئيس “التيار الوطني الحر” قرّر تجاوزَ هذه الخصوصية ليشكل لوائح ملوّنة، حتى ولو صارت هجينة. لكنّ المفاجأة كانت في “تخلّي” الحريري عنه في كثير من الدوائر التي يحتاج “التيار” اليه فيها، مفضّلاً الشراكة مع “القوات” لاعتبارات إقليمية، فكسبت معراب التعاونَ في عكار وفي الشوف – عاليه وفي بعلبك – الهرمل…

هذه المعادلة المستجدّة تركت للتيار العوني “فتات” الأصوات “الزرقاء” وخلفها بعض المرشحين “الودائع” في اللوائح البرتقالية، ما اضطُر “التيار” الى البحث عن شريكٍ سنّي جديد حيث وقع الخيار على “الجماعة الإسلامية”، وتحديداً في دائرتي صيدا- جزين وعكار، ما أثار نقمة شريحة من الجمهور العوني الذي اتّهم قيادتَه بالتحالف مع “الإخوان المسلمين” في اعتبار أنّ “الجماعة” تعَدّ فرعاً من “الإخوان” في العالم. وهؤلاء بالتحديد سبق لـ”التيار” أن قاد حملةً ضدهم حين قال رئيس حزب “القوات” سمير جعجع يوماً “فليحكم الإخوان”.

أما التحالف “على القطعة” مع “حزب الله” فله قصة أخرى، حيث أخذ “التيار الوطني الحر” من الحزب حيث يحتاجه، ومنها الدائرة الثانية في بيروت مثلاً، في اعتبار أنّ الحاجة متبادَلة بينهما في دائرة بعبدا، بينما أدار “التيار” ظهرَه للضاحية الجنوبية حيث تحتاج إليه، مثل كسروان – جبيل. وفي المقابل اختار “التيار” أن يقود معركةً في دائرة بعلبك – الهرمل مع خصوم “حزب الله” حيث أعلن الأمين العام السيد حسن نصر الله أنه سينزل “بثقله” لمنع تحقيق أيّ إختراق في “اللائحة الصفراء”!