IMLebanon

الحلفاء يقرعون جرس الإنذار المبكّر لأوباما لا ثقة بضمانات ما بعد الاتفاق النووي

على رغم تقليل الادارة الاميركية من خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكونغرس الاميركي يوم الثلثاء الماضي حول الاتفاق المرتقب مع ايران حول ملفها النووي من خلال تعليقات مسؤولين في البيت الابيض ان الخطاب لم يأت بجديد ولم يطرح بديلا للاتفاق الذي يتم الاعداد له، فان مصادر ديبلوماسية في بيروت تعتقد ان القراءة الموضوعية للتصادم الاميركي الاسرائيلي في هذا الشأن تفرض الاعتراف بأن المسؤول الاسرائيلي فتح الباب على مصراعيه امام نقطة هي مثار قلق كبير لدى الكثير من حلفاء الولايات المتحدة في اوروبا التي يفاوض بعضها ايران من ضمن مجموعة الست كما من حلفائها في المنطقة، وهي مرحلة ما بعد الاتفاق المرتقب على النووي الايراني مع طهران. فرئيس الوزراء الاسرائيلي حاذر التصدي لحصول اتفاق مع طهران في حد ذاته ولم يظهر اعتراضا على ذلك بل تحدث عن تحسين بنوده في الوقت الذي تحدث باسهاب عن مستقبل المنطقة في ضوء التفلت الايراني من العقوبات.

وكان واضحاً جداً ان زيارة وزير الخارجية جون كيري الى الرياض ولقاءه كبار المسؤولين، وأيضاً لقاءه نظراءه من مجلس التعاون الخليجي ركزت وفق ما ظهر على مرحلة ما بعد الاتفاق ايضا من خلال اثارة دور ايران في الدول التي ردّد نتنياهو كلام المسؤولين الايرانيين، عن سيطرتها على اربع عواصم عربية. فكيري سعى الى طمأنة السعودية ودول الخليج الى النية بعدم التسليم لايران في المنطقة وفي سوريا حيث لمّح إلى ضغط عسكري على النظام السوري وفي اليمن. اذ شكل الموقف القوي الذي عبر عنه وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في المؤتمر الصحافي المشترك مع كيري لجهة شرحه ما تقوم به ايران في العراق وسوريا وتدخلها في دول المنطقة، تحذيرا لافتا لا يمكن اوباما، وفق المصادر الديبلوماسية المعنية، تجاوزها بسهولة من خلال الذهاب الى رفع كل العقوبات المفروضة على طهران لقاء التعهدات او التنازلات التي قدمتها حول ملفها النووي. فرفع العقوبات كليا وفق ما تشترط طهران وتطالب به من شأنه ان يفقد الولايات المتحدة وحلفاءها اي اوراق للضغط عليها في التفاوض حول المسائل الشائكة التي تتدخل فيها ايران في المنطقة بحيث سيكون متعذرا حل أي من القضايا او المشاكل في ظل هذا المعطى. اذ ما هي الضمانات التي يمكن ان تتوافر من اجل حمل ايران على التعاون في المرحلة المستقبلية بعد رفع العقوبات عنها. فرئيس الديبلوماسية السعودية اظهر مرونة وترحيبا ازاء الاتفاق المرتقب لكنه حذر مما سيليه، انطلاقا من اقتناع بان رفع كل العقوبات كما تطالب طهران سيترك لايران الفرصة والقدرة المادية الكبيرة للتمادي اكثر في تدخلها في المنطقة. في الوقت الذي يدرك الجميع، كما تقول هذه المصادر، أن الرئيس الاميركي يود بقوة انجاز اتفاق مع طهران حول ملفها النووي بما يشكل إرثاً سياسياً له في ولايتيه الرئاسيتين. وتاليا فان هناك انعدام الثقة لجهة ان يأتي اوباما باتفاق مع ايران يغطي كل الثغر المحيطة بموضوع الملف النووي بدليل اختلاف خطابه في هذا الشأن عما كان عليه قبل بضعة اشهر حول بنود الاتفاق، وفق ما تقول هذه المصادر، واظهاره ضعفا كبيرا في مقاربته جملة تحديات كبيرة في منطقة الشرق الاوسط وخارجها يغلب الاقتناع بان التراجع الذي تظهره هذه الادارة كانت سبببا لسعي دول عدة للاستفادة من هذا التراجع لملء الفراغ كما لتوظيف ولاية اوباما من اجل تحقيق انتصارات كبيرة كما فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اوكرانيا. ولذلك يتم قرع اجراس الانذار له بانه لا يمكن المضي بالاتفاق من دون الاخذ في الاعتبار جملة اعتبارات اخرى طرحت منذ بداية الكشف عن المفاوضات السرية بين ادارته وايران في خريف 2013 لكنها اخذت ابعادا اخرى بعد الاقتراب من اعلان اتفاق محتمل، خصوصا مع تطور الوضع على الارض منذ ذلك الوقت في اتجاه انخراط ايراني واسع وعلني في سوريا والسيطرة على العراق ودعم سيطرة الحوثيين على السلطة في صنعاء. وهذه عناصر لم تكن كلها موجودة وبعضها لم يكن قويا كما بات عليه الوضع راهنا حيث عمدت طهران الى السعي الى امتلاك اوراق نفوذ متعددة في المنطقة تحت غطاء المفاوضات النووية وعدم رغبة الولايات المتحدة في التصدي لها ولو كلاميا من اجل انجاح المفاوضات وعدم المساهمة في تخريبها مما ادى الى توظيف ايران ذلك في كل الاتجاهات.

وقرع جرس الانذار لما بعد الاتفاق النووي يندرج في اطار ادراك حلفاء الولايات المتحدة لرغبة الرئيس الاميركي في التصدي لأي قرار من الكونغرس في ما يتصل بايران مع تهديده باستخدام الفيتو ردا على قرار للكونغرس بأن يدرس الاتفاق مع ايران، كما تلويح الكونغرس برفض رفع العقوبات لاقتناعه بأن الكونغرس لن يوافق لا على الاتفاق ولا على رفع العقوبات على رغم المفارقة ان اوباما تسلح باللجوء الى الكونغرس حين اعلن النية لتوجيه ضربة الى النظام السوري على اثر استخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه خارقا “خطاً أحمر” وضعه اوباما نفسه في هذا الاطار. فكان تلطيه بالكونغرس على رغم الهامش الكبير في صلاحياته لتوجيه الضربة آنذاك من اجل عدم تنفيذها في نهاية الامر في حين يتصدى للكونغرس في شأن الاتفاق مع ايران لعلمه برفضه له من الحزبين الديموقراطي والجمهوري على السواء.