IMLebanon

المشنوق يلوِّح بالإستقالة والخروج من الحوار

المشنوق يلوِّح بالإستقالة والخروج من الحوار

شهيِّب لـ«اللــواء»: مطمر البقاع يكرّس الشراكة وجلسة النفايات مطلع الأسبوع

من عيار غير مألوف، شكلت المواقف التي أطلقها وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق حدثاً بحد ذاته.

واستدعت هذه المواقف، سواء في المناسبة التي قيلت خلالها، وهي الاحتفال بالذكرى الثالثة لاستشهاد اللواء وسام الحسن، أو الظروف السياسية محلياً وسورياً واقليمياً، اتصالات ومشاورات لمعرفة وجهة الوضع اللبناني، في ما لو سلكت هذه المواقف طريقها إلى التنفيذ، أي على صعيد استقالة وزراء تيّار «المستقبل» من الحكومة، أو الانسحاب من الحوار الثنائي مع حزب الله الذي يرعاه الرئيس نبيه برّي في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة.

وتخوف مصدر وزاري من ان تكون الحكومة قد دخلت في سباق بين جلسة النفايات التي يزمع الرئيس تمام سلام الدعوة إليها في النصف الأوّل من الأسبوع المقبل، وتصريف الأعمال، بعدما أصبحت عُرضة لسهام الخلافات السياسية والتداعيات المعقدة للدخول العسكري الروسي في سوريا.

وأكّد هذا المصدر لـ«اللواء» ان البلاد دخلت مرحلة جديدة في ظل الضغط الإقليمي على الوضع الداخلي، وفي ضوء المحاولة الإيرانية الجارية لاستثمار الضربات الجوية الروسية في سوريا والعراق لفرض رئيس للجمهورية مؤيد لمحور موسكو – دمشق – طهران – بغداد، الأمر الذي يرفع من مخاطر المواجهة الداخلية، لا سيما بعد زيارة رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، والذي اصطحب معه، على متن طائرة واحدة، وزير الخارجية جبران باسيل إلى طهران.

وكان المسؤول الإيراني وصل إلى بيروت من دمشق حيث أجرى سلسلة لقاءات استهلها أمس بلقاء الرئيس سلام، بعد ان كان التقى ليلاً الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، كما أجرى محادثات مع باسيل في الخارجية، وكذلك لقاءات مع ممثلي الفصائل الفلسطينية في لبنان.

رسائل المشنوق

في هذا الجو المكفهر سياسياً، والملبد ميدانياً على الجبهة الشرقية، بعد الاشتباكات التي جرت بين مجموعات من حزب الله ومسلحين من «داعش» قبالة رأس بعلبك، أطلق الوزير المشنوق، في ذكري عزيزة على قلبه وقلوب اللبنانيين، ومن قصر الأونيسكو، ومن على منبر اللواء الشهيد وسام الحسن، سلسلة من المواقف، لم تخرج عن الواقعية السياسية، إلاَّ انها وضعت الاصبع على الجرح، بعيداً عن المجاملة أو المسايرة أو وضع الرأس في الرمال:

1- توجه المشنوق إلى «حزب الله» قائلاً: «دخلنا إلى هذه الحكومة على قاعدة ربط النزاع مع حزب الله، وعلى قاعدة ان عناوين الاشتباك الكبرى، من مصير السلاح إلى القتال في سوريا دفاعاً عن النظام القاتل، هي عناوين مجمدة حرصاً على ما تبقى من هيكل الدولة، ولمعالجة ملفات تهم النّاس، لكن النتيجة كانت اننا عدنا إلى المربع الأوّل، مربع التعطيل وخطف المؤسسات ورهن الدستور للأجندات الشخصية، ومغامرات إلحاق لبنان بكل ما يناقض مصالحه وهويته وعروبته.

وانتهى المشنوق إلى إعلان موقف قاطع ليس لرفع السقف أو التصعيد، بل لوضع الأمور في نصابها، فالرئيس سعد الحريري لن يقبل ولن نقبل معه ان يتحوّل ربط النزاع إلى ربط للوطنية وربط للضمير وربط للألسن عن قول الحق والحقيقة.

وأعلن أن الخطة الأمنية في البقاع لا تزال حبراً على ورق، وأننا لن نقبل أن نكون «صحوات» في خدمة أي مشروع أو جهة، وأن يكون هناك ناس بسمنة وناس بزيت، وقال: «لا..مش ماشي الحال»..

واستدعى موقف المشنوق من خطة البقاع رداً من وزير الصناعة حسين الحاج حسن متهماً اياه بأنه «يتحدث بلسانين ولغتين ووجهين متناقضين»، مؤكداً أن حزب الله وحركة «أمل» قدما كل الدعم للأجهزة الأمنية للقيام بواجباتها في المنطقة، ملوحاً بأن الحزب جاهز لنشر محاضر جلسات الحوار الثنائي من أجل تبيان الحقيقة للناس.

2- بناء على هذه المقدمات، أعلن المشنوق أن بقاء الوضع على ما هو عليه هو الخطوة الأولى نحو الإستقالة من الحكومة، وخطوة أولى للخروج من الحوار الذي أردناه صوناً للسلم الأهلي.

3- وفي رسالة للنائب ميشال عون، أكد المشنوق أن الأقوى في طائفته هو من يتبوأ المنصب الموكل للطائفة، من دون أن يُخفي انحيازه لوطنية كل من الرئيسين نبيه برّي وسلام، وتحديداً لعروبة الرئيس برّي، مشيراً إلى أن قوتهما تنبع من قبول الطوائف الأخرى لهما، موجهاً كلاماً واضحاً «لدولة الرئيس الصديق ميشال عون» أن أبواب النظام اللبناني لا تفتح بالكسر والخلع، ولا باعتقال مجلس الوزراء وتعطيله قبل تعيين قائد جديد للجيش، مؤكداً أن هذا التعيين يجب أن يكون بعد انتخاب رئيس للجمهورية.

4- أما الرسالة التي وجهها لقائد الجيش العماد جان قهوجي وللمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص فكانت الثقة لأدائهما الوطني، وثقة بحجم الوطن للجيش والقوى الأمنية.

5- أما الرسالة ما قبل الأخيرة، فكانت لإيران من خلال الردّ على الحملات التي تطال المملكة العربية السعودية، من باب حادثة الحج، والتي هي أشبه بإعلان حرب خطابية بالوكالة عن إيران، معتبراً أن أغرب ما سمعه كان تشبيه ما حصل في مناسك الحج بحادثة كربلاء، واصفاً ذلك بأنها «مبالغة وكيدية تُسيء لمعنى وقيمة شهادة الإمام الحسين قبل الإساءة لأي طرف أو جهة أو دولة».

ولفت إلى أن هذه الحملات لا تخدم من تظن أنها تخدمهم، وأن نتيجتها الوحيدة هو النزيف الذي يصيب خزّان الصبر العربي على لبنان وخزان الانحياز العربي لهذا البلد، مؤكداً أن كل هذا الضجيج الفارسي المدبلج إلى العربية لن يُعيد عقارب الصحوة العربية إلى الوراء في اليمن اليوم وفي سوريا بموازاته وبعده، مشدداً على أن السيف السعودي لن ينكسر طالما أن نصله عربي، وردد هذه الكلمة ثلاث مرات.

6- وسبق كل هذه الرسائل، رسالة إلى الحراك المدني السلمي الذي لا يختلف كل اللبنانيين على عناوينه، ولا سيما بالنسبة إلى النفايات، بحسب المشنوق، لكنه لاحظ أن بعض هذا الحراك، أو بعض المستثمرين فيه يستكملون عبر أوجاع النّاس مشروعهم القاضي بتشويه ما أنتجته تجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مشيراً إلى أنه سيواجه هذا الأمر بكل ما أوتي من عزم ووطنية، معلناً أنه لن يتراجع عن أي التزام يتصل بحماية حق التعبير السلمي، مؤكداً التزامه بمسؤوليته في مواجهة الفوضى ومنعها بحزم وبكل الأدوات القانونية المتاحة.

خطة النفايات

وإذا المشنوق، ربط بين تنفيذ خطة النفايات، التي أقرّتها الحكومة سابقاً، بانعقاد جلسة لمجلس الوزراء للتوقيع على مراسيم تحتاج إليها بالوكالة عن رئيس الجمهورية، والجهة التي تمنع انعقاد المجلس وتضع المؤسسات رهينة للصراع السياسي، فإن زوّار الرئيس سلام، وابرزهم أمس، كان وزراء حزب الكتائب الثلاثة، لمسوا من رئيس الحكومة ايجابيات كبيرة في ما خص ملف النفايات.

وشدّد مصدر وزاري لـ«اللواء» على ان حل هذه الأزمة يشهد مزيداً من التقدم، ان كان على مستوى مطمر البقاع أو سرار في عكار أو الناعمة، مشيراً إلى انه من المفترض ان تكون هذه الأزمة منتهية قبل الاثنين المقبل، مرجحاً عقد جلسة الحكومة لأخذ القرار يوم الثلاثاء المقبل.

وأكد وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«اللواء» ان الرئيس سلام أبلغ وزراء الحزب ان مجلس الوزراء سيعقد جلسة له مطلع الأسبوع المقبل تخصص لملف النفايات.

ولفت حكيم إلى ان الحكومة قد تنتهي ما لم يُصرّ إلى الانتهاء من ملف النفايات، معلناً ان وزراء الكتائب طالبوا بإنعقاد جلسة للنفايات ولتسيير مصالح النّاس وبإعادة تنشيط اجتماعات الحكومة في المرحلة المقبلة.

وقال: ما نفع الحكومة ان لم تكن قادرة على حسم هذا الملف ملاحظاً ان هناك موقفاً حازماً ابداه «حزب الله» في ما خص المطمر في البقاع، وأن البحث يتركز على جيولوجية المنطقة وملاءمة الأرض.

ونفى حكيم ان تكون المناقشات قد تركزت على آلية العمل الحكومي معلناً انه لا بدّ من إنهاء ملف النفايات في البداية.

اما الوزير المعني بالخطة اكرم شهيب، فقد أمل في تصريح لـ«اللواء» أيضاً في حل الأزمة خلال الساعات القليلة المقبلة في حال جاء جواء «حزب الله» إيجابياً على إقامة مطمر في أحد الموقعين اللذين تمّ الاتفاق عليهما بين موفدين من قبله وبين فعاليات تلك المنطقة بعد معاينتهما والتثبت من صلاحيتهما.

وأوضح الوزير شهيب بأن انعقاد جلسة لمجلس الوزراء من أجل اتخاذ قرار تنفيذ الخطة الموضوعة من قبلنا لحل أزمة النفايات يتوقف على جواب الحزب والذي نأمل، كما وعدنا من قبله ان يكون ايجابياً، وقال ان الرئيس سلام سيدعو إلى عقد هذه الجلسة في حال حصلنا على موافقة الحزب على اعتماد أحد الموقعين اللذين تمّ الكشف عليهما من قبل فنيين وفاعليات المنطقة.

وشدّد شهيب على وجوب الانتهاء من هذا الملف في أسرع وقت ممكن، لأن كل الأطراف أصبحت «مزروكة» وتستعجل البدء في تنفيذ الخطة الموضوعة والتي تقوم على مبدأ الشراكة في تحمل عبء هذه الأزمة، وكل الأمور مربوطة ببعضها، حتى إذا لم يتم القبول بإنشاء هذا المطمر في هذه المنطقة لا يمكن إنشاء مطمر في مناطق أخرى كمثل مطمر سرار في عكار وفي مناطق اخرى وقع عليها اختيار اللجان الفنية.

موقوفو الحراك

في غضون ذلك، شهدت قضية موقوفي الحراك المدني في المحكمة العسكرية، انفراجاً جزئياً، تمثل بإطلاق قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبوغيدا سراح ثلاثة موقوفين مقابل كفالة مالية، وأبقي رهن التحقيق اثنين هما وارف سليمان وبيار حشاش، استناداً إلى أفلام الشغب في تظاهرات وسط بيروت، وقد تمّ اخلاء سبيل موقوفين اثنين هما فايز ياسين وحسين إبراهيم، في حين بقي الثالث رامي محفوظ موقوفاً لأن أحداً لم يدفع كفالته، باعتبار ان لا هوية لديه لأنه مكتوم القيد.

وأدى إبقاء حشاش وسليمان رهن التحقيق إلى حركة اعتصامات من قبل الحراك أمام المحكمة العسكرية حيث قطعت الطريق لبعض الوقت.

وصدرت دعوات إلى المشاركة في خطوات تصعيدية، اتخذ بعضها طابعاً مأسوياً، حيث أقدم أحد الشبان ويدعى محمّد الحرز إلى إحراق نفسه تضامناً مع زملائه، لكن الصليب الأحمر تمكن من اسعافه في اللحظة الأخيرة، في وقت أعلن عن تحرك سينظم اليوم في ساحة رياض الصلح احتجاجاً.