لبنان يتضامن مع المصارف وخلية الأزمة تؤكد على الإجراءات
سلام: التفجير يمسّ الأمن القومي.. وخيوط أولية في التحقيقات قد تقود إلى كشف الفاعلين
في مواجهة الانفجار الذي استهدف بنك لبنان والمهجر في مبناه الرئيسي في محلة فردان، على الأرض وفي دوائر القرار، بقي البلد مستنفراً كلّه، حكومياً وقضائياً، وعلى مستوى التحقيقات والمشاورات والاتصالات بين جمعية المصارف والسلطتين السياسية والنقدية، وسط تحليلات ذهبت ذات اليمين وذات الشمال، في قراءة الانفجار بحد ذاته، وفي سياق سياسي وأبعاده وحدوده، وفي ظل صدمة راحت تتلاشى لمصلحة الاطمئنان ان «الوضع برمته تحت السيطرة»، وان ما حدث محدود في المكان والزمان والرسالة، بصرف النظر عن الجهة التي بعثت بالرسالة الحامية لـ«بلوم بنك» ومن ورائه القطاع المصرفي وحاكم مصرف لبنان والمتمولين من لبنانيين وأجانب، وفقاً لمرجع رفيع يتابع هذا الملف.
ولعل مفتاح المعالجة هو في ما ترسو عليه التحقيقات التي تجريها شعبة المعلومات، باشراف القضاء المختص.
التحقيقات
معلومات «اللواء» حول النتائج الأوّلية التي توصلت إليها التحقيقات تشير:
1 – اعتقال شخصين مشتبه بهما كانا متواجدين على مسافة قريبة من مكان الانفجار، والتحقيقات مستمرة معهما.
2 – وجود شجرة في المكان الذي وضعت فيه العبوة حالت دون تصوير حركة واضع العبوة ووجهه من قبل كاميرات المراقبة.
3 – عصف الانفجار كان موجهاً نحو المبنى وواجهته الزجاجية من جهة الجنوب بحرفية عالية، اوقعت اضراراً فادحة في واجهة المبنى الزجاجية، ولم تصب شظاياها جدران الأبنية المجاورة.
4 – الاشتباه بسيارة توقفت في الشارع الخارجي الممتد من تلة الخياط إلى نهاية شارع عائشة بكار إلى الحدود الشرقية الخارجية لمبنى المصرف.
5 – تبين أن العبوة كانت مربوطة بساعة توقيت، بحيث تنفجر في الوقت الذي انفجرت به بصورة تلقائية، خلافاً للتفجيرات التي تتم عبر «ريموت كونترول» وعن بعد، وأن وزنها 8 كيلوغرامات من مادة ت.ن.ت شديدة الانفجار.
وتبدي أوساط قريبة من التحقيق ثقتها بإمكانية التوصّل إلى كشف الجهة التي تقف وراء الانفجار، وصولاً إلى توقيف الفاعل.
وخارج التحقيقات التي تبقى هي الأساس في تقدير الخطوات المقبلة، التقت التحليلات السياسية والدبلوماسية، عند النقاط التالية:
1 – أن حادث التفجير يأتي في سياق الاشتباك الحاصل حول الإجراءات التي اتخذتها المصارف بخصوص حسابات لأشخاص ومؤسسات مرتبطة «بحزب الله» وثمة تساؤلات حول ما إذا كانت أجهزة خارجية دخلت على الخط، لكن لا شيء محسوماً حول هذه النقطة.
2 – أن هذا الحادث غير مرتبط بالتفجيرات الإرهابية الأخرى والدائرة في فلك الصراعات المحتدمة في المنطقة، لا في غرضه ولا في نتائجه.
3 – إن انتظار نتائج التحقيقات من شأنه أن يفتح الباب لمتابعة البحث عن حلول خارج دائرة الانفعال أو التشنج التي تهز ما بقي من مرتكزات الدولة اللبنانية، وتفتح الباب على مصراعيه لدخول جهات وأفراد لها مصلحة في هذا الاستقرار اللبناني على المستويات كافة.
4 – مع أن «حزب الله» التزم الصمت، ربما بانتظار نتائج التحقيقات، فان البيان الذي صدر عن «بنك لبنان والمهجر» من انه «يمثل كافة شرائح المجتمع اللبناني وطوائفه، سواء لجهة زبائنه البالغ عددهم اكثر من 400 ألف في لبنان، أو لجهة مساهميه الذين يفوق عددهم العشرة آلاف، أو لجهة موظفيه البالغ عددهم أكثر من 1500 في لبنان فقط، ترك أصداء طيبة، وتضمن تأكيداً على إمكانية وقف الأمور عند هذا الحد.
5 – لدى المناقشات داخل مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان بدت لهجة الأعضاء في مستوى الرد على تحدي التفجير لجهة رفض مفاعيله.
وقالت الجمعية في بيانها أن «مصارف لبنان اعتادت العمل في بيئة مليئة بالتحديات وقد خرج القطاع المصرفي دائماً أكثر متانة وسلامة».
وأعادت المصارف بعد اجتماعها التأكيد على «العمل بأعلى المعايير المهنية المعمول بها في الأسواق الدولية، والخضوع للقانون وتعاميم حاكم مصرف لبنان، والحفاظ على مصالح جميع اللبنانيين».
وأعلنت الجمعية تضامنها مع «بلوم بنك»، معتبرة أن ما أصابه أصاب كل القطاع المصرفي.
إجتماع السراي
والأهم في سلسلة الخطوات التي أعقبت التفجير الإجتماع الذي دعا إليه وترأسه في السراي الكبير الرئيس تمام سلام وشارك فيه وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه، وفي حضور مستشار رئيس الحكومة الدكتور شادي كرم.
الاجتماع استهله الرئيس سلام بإعلان تضامن الحكومة اللبنانية مع القطاع المصرفي وحاكم المركزي، واصفاًَ تفجير «بلوم بنك» بأنه «جريمة إرهابية تمسّ الأمن القومي اللبناني، نظراً لدور القطاع المصرفي في تحريك الاقتصاد الوطني».
وناقش المجتمعون الوضع المصرفي في البلاد، بحيث أكد طربيه أن المصارف ملتزمة القيام بواجباتها تجاه زبائنها والدولة اللبنانية من دون أي تغيير.
واتفق المجتمعون على تأييد أجراءات المصرف المركزي الرامية إلى الحفاظ على النظام المالي وتثبيت موقع لبنان على الخارطة الدولية المالية، وهو الأمر الذي شدّد عليه أيضاً وزير المال.
وقالت مصادر المجتمعين لـ«اللواء» أن البحث تطرق إلى معالجة بعيدة عن الانفعالات والسعي لإعادة وصل ما انقطع بين حاكم مصرف لبنان و«حزب الله»، مستبعدة أن يكون هناك قرار باستهداف المصارف، مشيرة إلى أن «هشاشة الأوضاع الأمنية والخروقات قد تكون سبباً لدخول جهة على الخط من أجل التخريب والبلبلة».
ولاحظت هذه المصادر أن الحسابات المطلوب إيقافها توقفت فعلاً كحسابات مستشفى «الرسول الأعظم» و«بهمن» ومستشفى السان جورج وبعض المؤسسات التعليمية، مشيرة إلى أن الإصرار الأميركي على تنفيذ القانون على هذه الطريقة من شأنه أن يولّد سلسلة من المشكلات، سعت خلية الأزمة المالية التي ترأسها الرئيس سلام إلى البحث في كيفية احتوائها ومنع انعكاساتها السلبية على الاقتصاد اللبناني لجهة الخسائر والتحويلات وخلق سوق مالي موازي «بالكاش».
وعلمت «اللواء» أنه تقرر معاودة الاتصالات مع الجانب الأميركي لشرح مخاطر الضغط بهذه الطريقة على لبنان، إذ لا تكفي إدانة التفجير الذي وصفته واشنطن على لسان المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي «بالإرهابي» وتأكيد «الالتزام القوي تجاه شعب لبنان وأمنه واستقراره».
وكشفت مصادر مصرفية أن القطاع المصرفي اللبناني الذي تمكّن من مواجهة تداعيات الأزمة السورية والكساد الذي ضرب النمو، متمسّك بخيارات رفد الاقتصاد الوطني والاستمرار في تقديم القروض والاستكتابات للدولة اللبنانية، حيث أن المصارف، وفي مقدمها «لبنان والمهجر» و«عودة» و«سوسيته جنرال» و«بيبلوس» و«فرانسبنك» تموّل 54 في المائة من الدين العام اللبناني البالغ 71 مليار دولار.
مجلس الوزراء
وسيحضر هذا البند من خارج جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الخميس، للتأكيد على وحدة القرار اللبناني، في ما خصّ الالتزام بالإجراءات ومراعاة الخصوصية اللبنانية.
وكشف مصدر مطّلع على خط المساعي بين حاكم المصرف المركزي وحزب الله، والمدعومة من الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط أن المقاربة شبيهة بما حصل على صعيد القرار 1559، وأن المعالجة تكون بالتفاهم والحوار الداخلي، بما لا يلحق الضرر بأي مجموعة لبنانية، ولا يحوّل لبنان إلى «دولة مارقة» دولياً.
وعشية الجلسة، أعلن الرئيس سعد الحريري تضامنه مع القطاع المصري اللبناني، والحاكم سلامة، داعياً الطلاب الذين التقاهم على مأدبة إفطار في بيت الوسط إلى دقيقة تصفيق تضامناً مع كل الصامدين في لبنان في وجه الإرهاب.
غير ان مصادر وزارية استبعدت احتمال طرح الموضوع من خارج جدول الأعمال، لأنه سيفسح في المجال أمام الأخذ والرد، خصوصاً وأن التحقيقات لم تتوصل بعد إلى نتيجة ملموسة، وانه إذا تمّ التطرق إليه سيكون من باب ضرورة تطبيق القانون وتعزيز الإجراءات الأمنية أمام المصارف.
وعلمت «اللــواء» في هذا السياق ان كتلة وزراء الرئيس ميشال سليمان ستعقد إجتماعاً اليوم ضمن «لقاء الجمهورية»، قد ينضم إليه وزراء آخرون.