بداية نحن ضدّ المحاصصة. ومن دعاة الكفاءة. أمّا إذا كان لا بد من الحصص فلتكن على قاعدة «الأفضل». ونرجو ألاّ يُفهم من كلامنا، هنا، أننا ندعو الى تقاسم جبنة الموسم التي هي، هذه المرة، التعيينات، وقد بدأت بواكيرها أمس من خلال الأعضاء الخمسة في المجلس الدستوري الذين «انتخبهم» المجلس النيابي، أمس، والذين سيكتمل عقدهم بالخمسة الآخرين الذين سيعينهم مجلس الوزراء لاحقاً.
إذاً المحاصصة مرفوضة. ولكن الذين يعترضون على المحاصصة هل هم ضدّها؟ أو إنهم ضدّ حصّة الغير في المطلق؟!
والحديث عن الآلية ألا يبدو مضحكاًَ، بعض الشيء في بلد مثل لبنان؟! هذه الآلية التي يدور حولها لغط له بداية وليست له نهاية! بين مؤيد ومعارض، بين منتقد ومتحفظ. بين غاضب وساخر! الآلية هذه أليست وجهاً آخر من أوجه المحاصصة؟!
مثلاً، هل نتصوّر أنّ الوزير الذي ينتمي الى الحزب الاشتراكي و»اللقاء الديموقراطي» سيعرض (وفق الآلية التي يطالب بها) ثلاثة أسماء ليختار مجلس الوزراء واحداً منهم، وسيكون بين هؤلاء الأسماء من هو محسوب على الأمير طلال أرسلان أو الوزير وئام وهّاب، ليملأ مركزاً شاغراً في وزارة التربية أو وزارة الصناعة؟!
وهل سيتقدم وزير من فريق التيار الوطني الحر بأسماء بعضها محسوب على القوات اللبنانية؟!
وهل سيتقدم وزير من فريق القوات اللبنانية بأسماء بعضها محسوب على الوزير جبران باسيل أو على الشيخ سامي الجميل؟!
ويمكن المضي في هذه التساؤلات حتى نهاية المقال! والجواب عليها بسيط وهو بالنفي، ما يعني أنّ الآلية هي بالضرورة، الوجه الآخر لعملة المحاصصة. ومن يرى مبالغة في هذا الكلام فليتفضّل ويقدم برهانه!
لذلك فإننا نريد أن نضع القدم على أرض الواقع فنقول إنّ التعيينات في لبنان هي أشبه بمواسم الجنى…
ينتظرها المسؤولون والقادرون موسماً وراء آخر، ليدسّوا في الإدارة جماعاتهم، ولا نستثني أحداً.
زمن الوصاية كان الأمر في غاية البساطة، تقرر عنجر، وينفذ الشباب. ومن كان يريد أن يعين خاصته في المناصب، كان «يشتري» المنصب من عنجر… والتسديد يراوح بين العملة الخضراء والهدايا الصفراء و…
وقديماً، عندما كان لبنان في وضع طبيعي، لم تكن المحاصصة غائبة مئة في المئة إلاّ أنّ القوم كانوا يختارون أصحاب الكفاءة والأخلاق والولاء للبنان.
ولكن تلك مرحلة ذهبت ولن تعود!