Site icon IMLebanon

الجبهة شبه المنسية  في محاربة داعش

لا حدود لارهاب داعش الذي يضرب حتى أمام الحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة عشيّة عيد الفطر. ولا فرق، سواء كانت العمليات الارهابية مخططاً لها في عاصمة الخلافة الداعشية أو صار داعش ماركة تعمل باسمها ولها ذئاب منفردة أو منظمة. فالأخطر من ارهاب داعش هو السياسة التي يخدمها تحت عنوان الشريعة. والقاسم المشترك بين سيل الادانات العربية والاسلامية هو إخراج الارهابيين من الاسلام. لكن هذا يبقى خطاباً في الهواء من دون ترجمة عملية له.

والترجمة العملية تبدأ من التوقف عن تبادل الاتهامات حول من صنع داعش، كما عن توظيف ارهابه في خدمة المواقف وربما المواقع في صراعات المحاور الاقليمية والدولية. فمنذ ظهور داعش، ونحن نسمع في تبادل الاتهامات من يقول انه صناعة أميركية، ومن يقول انه صناعة ايرانية – سورية ومن يقول انه صناعة تركية – سعودية، ومن يراه جزءاً من مخطط أميركي – صهيوني – تكفيري. والكل يتّفق على القول بعد أية عملية ارهابية ان الاسلام براء من هؤلاء الانتحاريين.

ولا أحد يجهل ان الغزو الأميركي للعراق كان القابلة القانونية لولادة داعش من رحم تنظيم القاعدة الذي ولد على أيدي الاستخبارات الأميركية والباكستانية رداً على الغزو السوفياتي لافغانستان. فضلاً عن أن ما دفع كوادر مهمة ومدربة وخبيرة في الاستخبارات والحرس الجمهوري أيام صدام حسين للانضمام الى نواة داعش مع معتقلين اسلاميين جرى اطلاقهم من سجون في العراق وسوريا ولدى الاحتلال الأميركي وبينهم ابو بكر البغدادي، هو سياسة المالكي المدعوم من واشنطن وطهران.

ومن السهل القول ان ما فعله ابو مصعب الزرقاوي ثم ابو عمر البغدادي ثم ابو بكر البغدادي كان رداً على ما سماه كثيرون في بغداد الاحتلالين الأميركي والفارسي، والأسهل طبعاً هو الحديث عن دول وقوى ساهمت في تمويل داعش وتسليحه، وعن رهانات على ترك داعش يقوى ويمارس الارهاب، بحيث يقاتل المعارضة ويصبح الخيار امام العالم هو داعش أو النظام. لكن من الصعب تجاهل كون الدواعش نتاج فكر تكفيري مبني على تأويل متشدد للفقه في رأي كثيرين. وهم بالتالي جزء من المجتمع وفيهم مهندسون وأطباء وناس من الطبقة الوسطى لا مجرد شبان فقراء انتحاريين. والأصعب هو انكار جاذبية الخلافة وكون استعادتها هي أمر اليوم منذ أنهاها أتاتورك، بحيث كانت حجر الأساس في انشاء الاخوان المسلمين على يد حسن البنا.

والقضاء على داعش ليس مهمة مستحيلة، كما يوحي الكبار الذين لم تنته وظيفته عندهم. لكن الجبهة الفكرية شبه المنسية ضد التكفير ليست اقل اهمية من المعركة الأمنية والعسكرية.