IMLebanon

هكذا «سُحبت» شيكات الإغاثة.. من الأشرفية إلى طرابلس

«تطمينات لا ضمانات» بشأن العسكريين.. وزعيتر يتوعّد باسيل بفتح ملفات «الطاقة» و«الاتصالات»

هكذا «سُحبت» شيكات الإغاثة.. من الأشرفية إلى طرابلس

 

.. وكرّت سبْحة التحقيقات في الاختلاسات المضبوطة في الهيئة العليا للإغاثة لتتكشف على هامشها فصول عمليات اختلاس وتزوير مُحكمة أدارتها «شبكة» تضم 11 متورطاً تنوعت مهامهم وتوزعت أدوارهم في إطار تنفيذ هذه العمليات بحسب مجال عمل كل منهم. «المستقبل»، وفي إطار مواكبتها قضايا مكافحة الفساد والإفساد بمقدرات البلاد والمال العام، تكشف النقاب غداة الادّعاء على المتورّطين عن خيوط مفصلية في هذه القضية تُظهر طبيعة عمل هذه «الشبكة» وكيفية إدارة وتنفيذ أفعالها الجرمية التي طاولت حقوق عدد من المواطنين.. من الأشرفية إلى طرابلس.

القضية بدأت منذ شهر تقريباً، حين تقدّمت مواطنة من الهيئة العليا للإغاثة لتحصيل «شيك» مرصود لها بوصفها متضرّرة من انفجار الأشرفية الذي استهدف موكب اللواء الشهيد وسام الحسن عام 2012، غير أنها تفاجأت بإبلاغها من قِبَل الموظف المختصّ أنّ «الشيك مسحوب». وعندما تبيّن أنّ المواطنة المستفيدة من قيمة هذا الشيك لم تكن هي مَن أقدمت على سحبه، بلغت المسألة الأمين العام للهيئة اللواء محمد خير فأثارت ارتيابه بعدما استشعر أبعاداً خطيرة تتعدّى موضوع هذا الشيك بحد ذاته، فبدأ إجراءات تعقّب خيوط القضية بالتنسيق مع مصرف لبنان المركزي باعتبارها قضية مالية تخضع في أحد جوانبها إلى مبدأ السرّية المصرفية.

على الأثر، وما أن تقدّم المصرف المركزي بكتاب إلى النيابة العامة التمييزية يطلب بموجبه التحقيق في اختلاس أموال عائدة للهيئة العليا للإغاثة، تدحرجت كرة التحقيقات القضائية لتكشف النقاب عن أحداث ومعطيات توثّق عمليات اختلاس وتزوير ممنهجة نفّذتها شبكة يرئسها «ج. بشير» إبن شقيق أمين عام الهيئة السابق ابراهيم بشير المتهم مع زوجته وآخرين بجرم اختلاس 8 مليارات ليرة وتحويلها إلى حسابات مصرفية خارجية.

وفي التفاصيل، بحسب المعلومات الموثوقة التي استحصلت عليها «المستقبل»، أنّ «ج. بشير» كان الرأس المدبّر لشبكة المتورطين بهذه القضية وهي مؤلفة من 11 شخصاً أحدهم بشير، 9 من طرابلس و2 من بيروت، ومن بين أعضائها سكرتيرة كاتب بالعدل وزوجها وصرافون ومالك محل لبيع الهواتف الخليوية في طرابلس.

أما عن أدوارهم في إطار تنفيذ عمليات التزوير والاختلاس، فقد بيّنت التحقيقات أنّ السكرتيرة كانت تعمل بالتعاون مع زوجها على تزوير أوراق ومستندات ووكالات صادرة عن الكاتب بالعدل من دون علمه، في حين كان مالك محل الخليوي يعمد إلى تزويد الشبكة بصور هويات لاستخدامها في عمليات التزوير وهي تعود أصلاً لمواطنين سبق وأن قدّموها بغرض شراء خطوط هاتفية من محلّه، على أنّ اكتمال دورة التزوير كانت تنتهي بسحب شيكات مالية من هيئة الإغاثة بغير وجه حق تعود لمتضرّرين من تفجيرات الأشرفية ومسجدَي «التقوى« و«السلام« في طرابلس كانوا قد تأخّروا عن تحصيل تعويضاتهم لأسباب إمّا صحية أو بداعي تواجدهم خارج البلاد، بينما تولّى صرّافون متهّمون بالضلوع في هذه الشبكة بتسييل هذه الأموال من خلال شراء الشيكات بنصف قيمتها المادية الفعلية تمهيداً لصرفها من ضمن جملة معاملات مصرفية يقومون بها في إطار عملهم الصيرفي الشرعي.

وإذ لم يتبيّن بعد ما إذا كان «ج. بشير» يدير هذه الشبكة في إطار متّصل بقضية الاختلاس المتّهم بها عمّه، تتواصل التحقيقات القضائية لتبيان مدى الاتصال من عدمه بين القضيتين، وقد ظهر حتى الساعة أنّ عدد الشيكات المسحوبة بموجب مستندات مزوّرة بلغت حتى الساعة 100 شيك لمتضررين من طرابلس، و10 شيكات من الأشرفية، بالإضافة إلى بضعة شيكات تعود لمتضررين من الضاحية الجنوبية لبيروت.

أهالي العسكريين

أمّا في قضية العسكريين المخطوفين، فلا جديد يُكشف النقاب عنه في ضوء استمرار نهج التكتم الحكومي حيال معطيات القضية حرصاً على نجاح المفاوضات الجارية بشأنها. وبينما نجح الاجتماع الذي عقده وفد أهالي العسكريين مع الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير في السرايا الحكومية في تهدئة نفوس الأهالي وعدولهم تالياً عن الخطوات التصعيدية التي كانوا يعتزمون تنفيذها بدءاً من اليوم، أوضحت مصادر الوفد لـ«المستقبل» أنّه سمع «تطمينات من اللواء خير لا سيما لناحية تأكيده أنّ المفاوضات مستمرة بجدّية وفق وتيرة يومية، كاشفاً في هذا الإطار عن إقدام رئيس الحكومة تمام سلام على تشكيل لجنة أمنية عسكرية مصغّرة مؤلّفة من خير وممثلين عن الأمن العام ومخابرات الجيش وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ويقوم أعضاؤها بالتواصل يومياً مع بعضهم لمواكبة كل تفصيل ومستجد متّصل بملف اختطاف العسكريين، بحيث يتم إطلاع رئيس الحكومة دورياً على كل المعلومات التي تتوصّل إليها اللجنة في إطار تنسيقها اليومي».

المصادر لفتت كذلك إلى أنّ «وفد الأهالي تلقى تأكيدات بأنّ مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم على تواصل يومي مع الوسيط القطري، وأنّ الحوارات الجدية الجارية في كافة الاتجاهات تمكنت من إحراز تقدّم ملموس على خط المفاوضات لا يزال يقتصر في هذه المرحلة على تلقي تطمينات لم ترقَ بعد إلى درجة الضمانات، بدليل وقف مسلسل التهديد بتصفية الأسرى العسكريين».

مجلس الوزراء

وكان الرئيس سلام قد استهلّ جلسة مجلس الوزراء أمس بالتأكيد على كون المساعي تتواصل من أجل تحرير العسكريين المخطوفين، ونقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» إشارة سلام أمام أعضاء المجلس إلى أنّ «الأمور تتقدّم لكن ببطء»، وقال: «من الواضح أنّ المسألة تحتاج إلى مزيد من الوقت لكنّ الأكيد أنّ كل الأطراف العاملة على خط المفاوضات مستمرة بعملها الحثيث والمتواصل سواءً على مستوى الوساطة القطرية أو على مستوى المساعي المبذولة من قبل خلية الأزمة ومن خلال الدور الذي يضطلع به اللواء ابراهيم»، رافضاً الخوض في أي معلومات إضافية متصلة بهذه القضية حرصاً على سرية مسار المفاوضات.

أما على صعيد مجريات الجلسة، فكشفت المصادر الوزارية عن مشادة حادة حصلت بين وزيري الأشغال غازي زعيتر والخارجية جبران باسيل، موضحةً أنه حين طُرح البند الرابع المدرج على جدول الأعمال والمتعلق بطلب وزارة الأشغال موافقة الحكومة على صرف مبلغ للوزارة وفق السقف المالي الوارد في مشروع موازنة 2015 «طلب باسيل الكلام فشدد على أنّ مشروع وزير الأشغال لتوزيع الزفت على المناطق يحرم الكثير من المناطق المسيحية بالإضافة إلى مناطق في عكار وطرابلس، فرد زعيتر بالإشارة إلى أنه في ضوء تقديم النائب أحمد فتفت سؤالاً للحكومة حول هذا الموضوع، يقوم حالياً بإعداد جواب على هذا السؤال يفنّد الأموال التي صُرفت من قبل الوزارة منذ 3 سنوات حتى اليوم، مؤكداً عزمه تصحيح أي خلل مناطقي تظهره جداول الوزارة». 

إلا أنه وأمام إصرار باسيل على تأجيل البتّ بهذا البند «ريثما يقوم وزير الأشغال بمعالجة الموضوع»، نقلت المصادر أنّ «زعيتر انتفض وردّ بعنف على باسيل قائلاً: «شو قصدك (…) أنا سأفتح كل ملفات وزارة الطاقة والالتزامات التي تمّت خلال تولّيك هذه الحقيبة بالإضافة إلى ملفات وزارة الاتصالات إبان عهدك». وختمت المصادر بالإشارة إلى أنّ «باسيل اكتفى حيال ذلك بعدم الإجابة والرد، بينما عمل عدد من الوزراء على تهدئة زعيتر، وسرعان ما تقرر ترحيل النقاش في باقي بنود جدول الأعمال إلى الجلسة المقبلة».