Site icon IMLebanon

«العواصم الثلاث» منزوعة الشعارات

سليمان يروي لـ «المستقبل» وقائع لقائه جيرو ويحذّر من نظرية «اتفاق المسيحيين على رئيس»

«العواصم الثلاث» منزوعة الشعارات

 

من الساحل الجنوبي في صيدا إلى الساحل الشمالي في طرابلس مروراً بسواحل بيروت.. تتطلع العواصم الثلاث إلى يوم «تُصبح فيه على وطن» منزوع السلاح غير الشرعي بعدما باتت أمس ليلتها الأولى منزوعة الشعارات واللافتات والصور الحزبية والطائفية والمذهبية، في إطار التطبيق العملي لباكورة نتائج حوار عين التينة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» لناحية قرار تنفيس الاحتقان وتنكيس الرايات الضاربة على وتر النعرات والحساسيات بين المواطنين. أما في ما يتعلق بالقرار الآخر المتخذ على طاولة الحوار والمتعلق بالخطة الأمنية في البقاع فقد شدّد وزير الداخلية نهاد المشنوق مساء أمس لـ«المستقبل» على كون «التنفيذ أصبح قريباً جداً». 

بدورها، نوّهت مصادر أمنية رفيعة لـ«المستقبل» بالأجواء «الإيجابية» التي رافقت عملية نزع الشعارات طيلة نهار أمس، مؤكدةً أنّ «العملية قوبلت بارتياح شعبي ملموس وجرت بانسيابية تامة لم يُسجل خلالها أي تحفظ أو إشكالية تحت وطأة الالتزام الواضح من كل الأطراف المعنية بالخطوات التنفيذية للقرار». إلا أنها لفتت الانتباه في الوقت عينه إلى أنّ «اعمال نزع الشعارات على امتداد الخط الساحلي من الجنوب إلى الشمال مستمرة ولم تنته بطبيعة الحال في يوم واحد»، مشيرةً رداً على سؤال إلى أنّ «هذه الأعمال تشمل كافة المناطق الساحلية مروراً ببيروت وطريق مطار رفيق الحريري الدولي»، أما في ما يتصل بموضوع الجنوب فأوضحت المصادر أنّ استثناء المناطق الجنوبية التي تلي صيدا من العملية يعود لكونها «مناطق خاضعة لخصوصية معيّنة متصلة بانضواء الجنوب تحت مندرجات القرار الدولي 1701».

وكان محافظ بيروت القاضي زياد شبيب قد واكب ميدانياً بمرافقة القوى الأمنية وعدد من مسؤولي الأحزاب والجمعيات أعمال نزع الشعارات واللافتات الحزبية والدينية انطلاقاً من منطقة عين المريسة وامتداداً إلى مختلف أحياء العاصمة، بينما تولّت بلدية الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت إزالة الشعارات والملصقات الحزبية الواقعة ضمن نطاقها الجغرافي بما شمل الشوارع العامة والأنفاق في مناطق بئر حسن والطيونة والمدينة الرياضية وأوتوستراد المطار ومستديرة السفارة الكويتية ونزلة الرحاب. علماً أنّ عناصر كل من «حزب الله» و«حركة أمل» كانوا قد بدأوا منذ يوم الأربعاء الماضي عملية «نزع ذاتي» للصور واللافتات العائدة لكل منهما في عدد من مناطق وأحياء بيروت التزاماً بمقررات الحوار.

وفي الشمال أشرف المحافظ رمزي نهرا على العملية في طرابلس وجبل محسن بمشاركة بلدية وأمنية، أما في صيدا فبادر عناصر «حزب الله» إلى إزالة صور ولافتات الحزب والجدارية التي كان قد نصبها عند المدخل الجنوبي للمدينة من جهة أوتوستراد الجنوب، وسط تأكيد مسؤول الحزب في صيدا زيد ضاهر أنّ الحملة «ستشمل أيضاً حارة صيدا».

سليمان يحذر من «لحس المبرد»

رئاسياً، لا بوادر خرق يُذكر في جدار الشغور بعد الجولة اللبنانية الأخيرة لمدير قسم شمال أفريقيا والشرق الأدنى في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو وفق ما تواتر من أجواء وأصداء سياسية غداة انتهاء الجولة التي وصفها الرئيس ميشال سليمان بـ«الاستطلاعية»، راوياً لـ«المستقبل» وقائع لقائه الموفد الفرنسي فقال: «جيرو أتى إلى لبنان، متسلّحاً بـ«استيعاب» سعودي وإيراني وفاتيكاني، ليسأل عن السبل التي يمكن أن تؤدي إلى انتخاب رئيس، موضحاً أنّ السعوديين أكدوا له أن الاستحقاق الرئاسي اللبناني بيد المسيحيين، كما نقل عن الإيرانيين إشارتهم في معرض إبداء اهتمامهم بإنجاز هذا الاستحقاق إلى أنّ القرار بشأنه مرهون بخيارات حلفائهم اللبنانيين مع الإعراب في الوقت عينه عن تفضيلهم اتفاق المسيحيين على الرئيس العتيد». وأضاف سليمان: «حينها قلتُ له إنه جواب طبيعي من الدول الخارجية تعبيراً منهم عن عدم الرغبة في التدخل باستحقاق دستوري لبناني، لكنّ اللوم يقع على الأطراف الداخلية» في الموضوع الرئاسي.

وأردف سليمان متوجهاً إلى الموفد الفرنسي بالقول: «إذا كان المسيحيون مسرورين بفكرة أنهم هم من يقع على عاتقهم اختيار الرئيس فهم حتماً مخطئون في حساباتهم»، محذراً إياهم من مغبة «لحس المبرد» في هذا المجال «لأنّ رئيس الجمهورية هو رئيس لكل لبنان وليس رئيساً للمسيحيين فقط، ولذلك هو مَن يُقسم اليمين الدستورية بينما لا يقوم بهذا القسم لا رئيس مجلس النواب ولا رئيس الحكومة»، وأردف: «ما حدا يغلّط» بمقاربة هذا الموضوع، فالرئيس الذي يؤيده المسلمون وغيرهم من المواطنين من مختلف الطوائف أفضل من رئيس يؤيده جزء كبير من المسيحيين فقط»، مضيفاً: «نظرية اتفاق المسيحيين على رئيس طبعاً «خبرية حلوة» في الشكل لكن في الواقع ليس عليهم أن يستسيغوها كثيراً، لأنّ مقاربة رئاسة الجمهورية من هذه الزاوية يعطي المقاطعين حجة للمقاطعة، وأكثر من يتضرّر من معادلة رمي كرة الرئاسة في ملعب المسيحيين هم المسيحيون أنفسهم».

توازياً، شدد سليمان في حديثه لـ«المستقبل» على أهمية «ألا يسير الأفرقاء المسلمون بهذه المعادلة والقول كل من جهته نحن نسير بما يسير به حلفاؤنا المسيحيون، لأنهم يكونون بذلك يساعدونهم على التعطيل وليس على الانتخاب، بينما المطلوب منهم عكس ذلك تماماً مساعدة المسيحيين على الانتخاب لا التعطيل»، معرباً عن اعتقاده بأنّ «المسيحيين لن يصلوا إلى اتفاق رئاسي، وفي هذه الحال يعني عدم اتفاقهم عدم انتخاب رئيس للجمهورية وعدم المحافظة تالياً على الأقليات في كل الشرق وليس في لبنان فحسب».

وإذ أشار إلى أنّ جيرو أبلغه في ختام اللقاء أنه عائد إلى الفاتيكان للقاء البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ولكي يبحث مع المسؤولين هناك «إمكانية لعبهم دوراً معيناً في سبيل حلحلة الأزمة الرئاسية اللبنانية»، لفت سليمان إلى أنه حينئذ أجاب الموفد الفرنسي قائلاً: «هذا أمر عظيم لكن أتمنى ألا تقتصر مهمة الفاتيكان في هذا المجال على الطلب من المسيحيين الاتفاق على رئيس، إنما الطلب منهم النزول إلى مجلس النواب لانتخاب الرئيس».