حاولت الولايات المتحدة أمس التخفيف من وقع تصريحات وزير خارجيتها جون كيري الذي تحدّث عن مفاوضات مع بشار الأسد بهدف إنهاء الأزمة السورية، ما استدعى سيلاً من التصريحات الرافضة من فرنسا وبريطانيا وتركيا والمعارضة السورية، وحتى في دمشق فإن تصريحات كيري لم تجد سوى مطالبة الأسد واشنطن بالأفعال وليس فقط الأقوال.
فقد أوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جين ساكي أمس، انه بينما تقبل الولايات المتحدة ان تكون هناك حاجة لأن يشارك ممثلون لحكومة الاسد في أي مفاوضات، «فإن هذا ما لن يحدث ولن يحدث على الاطلاق – وهذا ما لم يكن الوزير كيري يقصده – ان يكون الاسد نفسه«. وقالت للصحافيين «ما زلنا نعتقد… انه لا يوجد مستقبل للاسد في سوريا«.
وأوضحت ساكي ان الولايات المتحدة تجري «مناقشات عديدة» مع الروس – حلفاء الأسد – بالاضافة الى شركاء أوروبيين وعرب. وعندما سئلت ان كان هناك أي جهود ديبلوماسية جديدة تجري عن طريق طرف ثالث مثل الامم المتحدة قالت ساكي «لا توجد عملية تجري الآن.. ولا توجد عملية على وشك ان تبدأ«.
وتابعت ان الولايات المتحدة منفتحة على سماع المزيد بشأن اقتراح روسي لعقد محادثات سورية جديدة، لكنها اضافت انها لا يمكنها التكهن «بنتيجة يمكن ان تحرك الكرة الى الامام«.
وكذلك أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن واشنطن لم تغير موقفها الرافض لبقاء الأسد في السلطة. وقال فابيوس إن نظيره الأميركي أكد له أن واشنطن لم تغير موقفها بشأن سوريا. وقال الوزير الفرنسي للصحافيين في اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل، «تحدثت الى جون كيري هذا الصباح عبر الهاتف. اكد لي أنه لا يوجد بالتأكيد شيء جديد في موقف الولايات المتحدة بشأن سوريا«.
وأضاف أن الموقف الفرنسي بشأن الأزمة السورية لم يتغير كذلك. وقال «الحل هو انتقال سياسي يجب أن يحافظ على مؤسسات النظام، وليس السيد بشار الأسد.. ويشمل المعارضة بالطبع. هذا هو الاتجاه الذي نعمل فيه. هذا هو الحل الواقعي الوحيد«.
وكان فابيوس في ختام اجتماع في بروكسل قال ان «حل (النزاع السوري) هو في (مرحلة) انتقالية سياسية تحافظ على مؤسسات النظام ولكن ليس على بشار الأسد«. واضاف «اي حل يعيد بشار الأسد الى الواجهة سيكون بمثابة هدية مشينة وهائلة لارهابيي «داعش««. واعتبر ان «ملايين السوريين الذين اضطهدهم الأسد سيدعمون «داعش«. وهذا بالضبط ما يجب تفاديه».
وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس انه يأسف لتصريحات وزير الخارجية الأميركي، مضيفاً لتلفزيون «كانال بلوس« الفرنسي ردا على سؤال عما إن كان يأسف للتصريحات «نعم.. بالطبع.» واضاف أن الأسد «مسؤول عن مقتل عشرات الآلاف«، وتابع «لن يكون هناك حل سياسي.. لن يكون هناك حل بالنسبة لسوريا طالما بقي بشار الأسد.. وجون كيري يعرف ذلك.» وأوضحت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية في وقت لاحق ان تصريحات كيري أمس عن أن الولايات المتحدة سيكون عليها التفاوض مع الأسد، قائلة انه لم يكن يشير للأسد بالتحديد وانما لحكومته.
وفي لندن، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية ان «الأسد ليس له مكان في مستقبل سوريا». واضافت: «كما اعلن وزير الخارجية (البريطاني فيليب هاموند) الاسبوع الماضي، فاننا مستمرون في ممارسة الضغوط على هذا النظام عبر العقوبات الى ان يضع حدا لاعمال العنف ويدخل في مفاوضات جدية مع المعارضة المعتدلة».
ونددت تركيا بتصريحات كيري. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو لوكالة انباء الاناضول ان مشاكل سوريا الحالية مع حلول الذكرى الرابعة لاندلاع النزاع في اذار 2011 سببها نظام الأسد. ونقلت عنه الوكالة قوله خلال زيارة الى كمبوديا «ماذا هناك لكي يتم التفاوض حوله مع الأسد؟». وقال «اي مفاوضات ستجري مع نظام قتل اكثر من 200 الف شخص واستخدم اسلحة كيميائية؟«.
وتساءل وزير الخارجية التركي «حتى الآن، اي نتيجة تحققت (مع النظام) عبر المفاوضات؟». وقال ان كل الاطراف يجب ان تعمل من اجل «انتقال سياسي» في سوريا.
وكان كيري صرح في مقابلة بثتها شبكة «سي بي اس» الاميركية السبت ردا على سؤال حول احتمال التفاوض مع الأسد، «حسنا، علينا ان نتفاوض في النهاية. كنا دائما مستعدين للتفاوض في اطار مؤتمر جنيف1». الا ان المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ماري هارف نفت ان تكون تصريحات كيري تشكل تغييرا في السياسة الاميركية حيال سوريا.
وكتبت هارف على تويتر ان كيري «جدد التأكيد على سياسة راسخة اننا بحاجة الى عملية تفاوضية مع وجود النظام على الطاولة – ولم يقل اننا سنتفاوض مباشرة مع الأسد«.
وفي دمشق، اعلن بشار الأسد أمس، انه ينتظر اقتران التصريحات بالافعال، في وقت أبدى ناشطون ومعارضون خيبة املهم من الموقف الاميركي الاخير.
وقال الأسد ردا على سؤال للتلفزيون الإيراني عما اذا كان تصريح كيري يعكس تغيرا في الموقف الاميركي والدولي، «ما زلنا نستمع لتصريحات، وعلينا ان ننتظر الافعال وعندها نقرر». واضاف في التصريح الذي نقلته وكالة الانباء الرسمية (سانا) «لا يوجد لدينا خيار سوى ان ندافع عن وطننا. لم يكن لدينا خيار آخر منذ اليوم الاول بالنسبة الى هذه النقطة»، مضيفا «اي تغيرات دولية تأتي في هذا الاطار هي شيء ايجابي ان كانت صادقة وان كانت لها مفاعيل على الارض». وعدد بين هذه المفاعيل «وقف دعم الارهابيين» بالسلاح والمال.