تحرّكات أهالي العسكريين تتخذ مسارات تصعيدية تصاعدية في اتجاه محاصرة رافضي «المقايضة»
مسودة اتفاق تشريعي: سلسلة ورواتب ويوروبوند
مع تعاظم قلق الأهالي على مصير أبنائهم العسكريين المخطوفين، تتصاعد وتيرة تحركاتهم وتتعالى نبرة صرخاتهم لا سيما في وجه قوى الثامن من آذار الرافضة لعملية مقايضة أبنائهم ببعض سجناء رومية، مستغربين في هذا الإطار رفض «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» إنجاز مقايضة تفضي إلى تحرير العسكريين، بينما الحزب سبق وانخرط في مفاوضات ومقايضات مع المسلحين الإرهابيين أنفسهم في سبيل تحرير مخطوفي أعزاز وراهبات معلولا و50 إيرانياً كانوا محتجزين لدى هؤلاء المسلحين. أما على المستوى الرسمي، وبينما تواصل الحكومة مساعيها الحثيثة في أكثر من اتجاه داخلي وخارجي لضمان سلامة العسكريين وتأمين طريق عودتهم إلى الوطن، ثمة جهود مؤسساتية نشطة تبذل بالتوازي لعقد اتفاق تشريعي بين الكتل النيابية وقد نجحت هذه الجهود في وضع «مسودة اتفاق» تشمل سلسلة الرتب والرواتب وسندات اليوروبوند وقوننة الإنفاق بالنسبة لسداد رواتب القطاع العام.
فقد كشفت مصادر نيابية لـ«المستقبل» عن مسودة اتفاق تشريعي من المفترض تكريسه خلال اللقاء المرتقب بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة بعد عودة الأخير من الخارج.
المصادر النيابية أوضحت أنّ السلّة التشريعية ستشمل بحسب هذا الاتفاق المبدئي سلسلة الرتب والرواتب وإقرار سندات اليوروبوند وإصدار قانون استثنائي للإنفاق المتعلّق بصرف رواتب القطاع العام، على أنّ الجلسة التشريعية التي ستعقد لترجمة هذا الاتفاق ستطرح كذلك المشروع الذي أقرته لجنة المال والموازنة أمس لعقد نفقات من أجل تأمين عتاد وتجهيزات وبنى تحتية ملحّة للجيش، بالإضافة إلى طرح بند تعديل المهل الدستورية للانتخابات النيابية التي جرى خرقها بشكل قد يفتح الباب أمام التمديد لولاية المجلس القائم.
وإذ كشفت عن وعد تلقاه السنيورة من بري بقوننة الإنفاق من خارج الموازنة خلال الأعوام السابقة بما يشمل مبلغ الـ11 مليار دولار «فور إنجاز حسابات وزارة المالية ذات الصلة»، أوضحت المصادر النيابية أنّ «شبه الاتفاق الذي حصل حول مشروع سلسلة الرتب والرواتب ينصّ على إقرار زيادة 1% على الضريبة على القيمة المضافة «TVA»، ومنح 6 درجات للأساتذة والإداريين، بالإضافة إلى اعتماد مبدأ التقسيط على مدى سنتين».
أهالي العسكريين
بالعودة إلى ملف العسكريين، وتحت وطأة خوف الأهالي من بلوغ ملف أبنائهم طريقاً مسدوداً عمدوا أمس إلى تصعيد تحركاتهم المناطقية قطعاً للطرق الدولية بقاعاً وشمالاً بغية الدفع باتجاه تسريع عملية المفاوضات الهادفة إلى تحرير أبنائهم. وفي هذا السياق أقدم الأهالي على قطع طريق القلمون حيث نصبوا خيماً احتجاجية وسط الأوتوستراد الدولي مع الإبقاء على مسرب لمرور السيارات بين طرابلس وبيروت، وتحدث خلال الاعتصام نظام مغيط شقيق العسكري المخطوف ابراهيم مغيط قائلاً: «نحن لسنا هواة قطع طرق لكننا نريد إنهاء هذه المأساة، ونسأل هنا كيف يحق لـ«حزب الله» أن يفاوض المسلحين لإطلاق مخطوفي أعزاز من دون أن يتحدّثوا حينها عن هيبة الدولة؟ أم أنّ هيبة الدولة مقتصرة علينا فقط؟».
أما بقاعاً، فقد قطع أهالي العسكريين أمس أوتوستراد ضهر البيدر الدولي عند مفترق فالوغا ما دفع القوى الأمنية لتحويل السير القادم من شتورا باتجاه ترشيش ضهور الشوير. وإذ أطلق المعتصمون شعارات ومواقف منددة بالقوى السياسية الرافضة لمبدأ المقايضة في سبيل تحرير العسكريين، شددت أمهات العسكريين المخطوفين على الولاء للمؤسسة العسكرية وطالبن الحكومة بتجاوز موقف الوزراء المعترضين على مفاوضة الخاطفين وإجراء مقايضة معهم تتيح تحرير أبنائهن. إلا أنه وبعد اتصال أجراه وزير الداخلية نهاد المشنوق بذوي المخطوفين المعتصمين في ضهر البيدر، بادر الأهالي إلى إعادة فتح طريق ضهر البيدر «إكراماً لقوى الأمن الداخلي» مع التحذير من أنّ هذه التحركات ستتوالى وتتصاعد وصولاً إلى محيط منازل الوزراء رافضي المقايضة في سبيل تأمين تحرير أبنائهم.
ومساءً، أمهلت لجنة الاعتصام في القلمون بالتنسيق مع أهالي العسكريين المخطوفين الدولة اللبنانية 12 ساعة للتحرك في اتجاه إنهاء هذا الملف وإلا فسوف يقدم الأهالي على إعادة قطع الأوتوستراد الدولي بشكل تام في كل من ضهر البيدر والقلمون ابتداءً من الرابعة من بعد ظهر اليوم.
وكان وزير الداخلية، كما أفادت مصادر أمنية «المستقبل»، قد اتصل بأحد الضباط المواكبين لتحرك الأهالي في ضهر البيدر وطلب منه أن يصله بأحد أهالي العسكريين الذين يقطعون الطريق الدولي، فتحدّث المشنوق مع والد العسكري الأسير ميمون جابر وأكد له أنّ «الحكومة تعمل ليل نهار ولن تدّخر جهداً حتى تحرير العسكريين المخطوفين». وبينما أعرب جابر باسم الأهالي عن خشيتهم من «أن يرتدّ أي عمل عسكري باتجاه المسلحين سلباً على حياة أبنائهم الأسرى»، ناشد في المقابل الحكومة «القبول بالمقايضة لضمان سلامة وتحرير أبنائهم الذين هم أبناء الدولة واختطفوا ببزّتها الرسمية»، فطمأنه المشنوق إلى أنّ «الحكومة لن توفّر سبيلاً إلا وستسلكه بغية إطلاق الأسرى».
وفي الغضون، كشفت مصادر عليمة لـ«المستقبل» عن رصد «بوادر منحى جديد ربما يسلكه ملف العسكريين المخطوفين في الفترة المقبلة»، غير أنها رفضت الإفصاح عن أي معطيات متصلة بهذا المنحى المرتقب «بانتظار تبلوره بشكل كامل».
«الائتلاف» يتوعّد قاتلي حمية
وفي موقف متصل بهذا الملف، دان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «بأشد العبارات الجريمة المشينة التي ارتُكبت بحق العسكري اللبناني الأسير محمد حمية»، مؤكداً أنّ «المتورطين في هذه الجريمة سيكونون محل ملاحقة ومعاقبة».
وفي حين شدّد على أنّ «أي جهة تتبنى ارتكاب مثل هذه الأفعال هي من دون شك تقف إلى جانب القوى المتطرفة والمستبدة التي أجمع السوريون على لفظها»، أشار الائتلاف إلى أنّ «الشعب السوري كان ولا يزال أكثر المتضررين من جرائم التنظيمات المتطرفة التي أطلق لها نظام الأسد العنان»، لافتاً الانتباه في الوقت عينه إلى أنّ «إرهاب «حزب الله» الممنهج بحق السوريين كان سبباً في إثارة النعرات الطائفية وساهم في ظهور تلك التنظيمات».