الحريري نوّه بتجسيدها «صورة لبنان» ودعا إلى «فتح الطريق» أمام تحرير العسكريين
قمّة «الثوابت»: رسائل وزيارات للعواصم الروحية
على قدر استثنائية المرحلة والمخاض في لبنان والمنطقة أتت قمة «دار الفتوى» أمس لتوجّه الرسائل وتكرّس المبادئ «بزند روحي ووطني واحد» وفق تعبير مصادر القمة لـ«المستقبل»، و«لتضع الإصبع على جراح المرحلة» وتجسد صورة لبنان «وطن العيش المشترك والإرادة الوطنية الجامعة» على ما جاء في تنويه الرئيس سعد الحريري بمضامين الوثيقة الوطنية الصادرة عن القمة. في حين كشفت المصادر أنّ وفداً إسلامياً مسيحياً مشتركاً سيتوجه تباعاً في زيارات رسمية متلاحقة إلى عدد من العواصم الروحية في المنطقة لإطلاع مرجعياتها الدينية والسياسية على نتائج القمة والثوابت التي كرّستها، وستشمل هذه الزيارات الأزهر الشريف وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وقُم.
مصادر القمة المسيحية والإسلامية في دار الفتوى أوضحت أنّها «وجّهت رسالتين داخلية وخارجية» بإجماع المشاركين فيها، وقالت لـ«المستقبل»: «خارجياً شكلت القمة الروحية، وهي الأولى من نوعها على مستوى قادة الطوائف الإسلامية والمسيحية، أوّل مناسبة بعد انتخاب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان لتوجيه موقف شديد الوضوح وعالي النبرة من دار الفتوى في استنكار ما يتعرض له مسيحيو الشرق من اعتداء وتهجير، لا سيما بعد العتب المسيحي على عدم بروز صوت إسلامي عال في استنكار الاعتداء على المسيحيين في المنطقة».
وفي سياق تفنيدها «الرسائل الداخلية» التي وجّهتها القمة، لفتت المصادر إلى أهمية ما اختزنته من «رفض إسلامي ومسيحي واضح للاحتكام إلى السلاح في الداخل وللاستقواء بالخارج على الدولة وأبنائها»، مشيرةً إلى أنّ «هذين المبدأين طُرحا «بزند واحد» خلال القمة مع تشديد المسلمين كما المسيحيين على واجب انتخاب رئيس للجمهورية بما يشكل في مجموع هذه الرسائل والمبادئ ثوابت وطنية أساسية في التصدي للمرحلة الراهنة والمقبلة على لبنان والمنطقة». وأفادت المصادر أنّ «المفتي دريان افتتح القمة بكلمة مرتجلة دامت نحو عشرين دقيقة تناول فيها المبادئ التي كرسّها في خطابي انتخابه وتنصيبه، تلتها كلمات عامة مقتضبة للقادة الروحيين قبل أن يصار إلى مناقشة بيان القمة وتصديقه بالإجماع»، كاشفةً في سياق استعراض مقررات القمة عن أنّ «وفداً إسلامياً – مسيحياً مشتركاً سيقوم بزيارات متتالية إلى عدد من العواصم الروحية في المنطقة للقاء المرجعيات الدينية والسياسية وإطلاعها على نتائج القمة والثوابت التي كرّستها لا سيما لجهة التشديد على أنّ هجرة مسيحيي الشرق تنعكس خراباً على مسلميه وتفكيكاً للمجتمعات العربية».
الحريري
وتعقيباً على انعقاد القمة الروحية، أشاد الرئيس الحريري ببيانها «التاريخي» ولفت إلى أنّ المواقف والتوجّهات التي صدرت عن القمة «تشكّل وثيقة جديدة من وثائق العيش المشترك وإعلاناً قوياً عن تمسك الشعب اللبناني بكل أطيافه ومذاهبه بالكيان اللبناني، دولةً ورسالةً وانتماءً عربياً»، منوّهاً بشكل خاص بدعوة المجتمعين إلى انتخاب الرئيس اللبناني المسيحي الوحيد في العالم العربي، وبتشديدهم على تثبيت أسس وركائز الدولة اللبنانية في مؤسساتها واحترام ميثاق الطائف الجامع بين اللبنانيين، مع التأكيد على أنّ القمة جسدت «لبنان الذي نريده جميعا، وطناً على صورة العيش المشترك والارادة الوطنية الجامعة».
وإذ أشاد بوضع القادة الروحيين «الإصبع على جراح المرحلة ورفعوا الصوت عالياً في وجه المشاريع المشبوهة»، شدد الحريري على أنّ الدعوة إلى استخلاص العبر من معاناة المجتمعات العربية بفعل «ثنائية الاستبداد والإرهاب» يجب أن تكون «محل تلاقي القيادات العربية المسؤولية واللبنانية خصوصاً»، داعياً في ما معرض تأكيده وجوب تجنّب «مهاوي الإرهاب والاستبداد» إلى «التفتيش عن الوسائل والحدود التي تحمي لبنان وتفتح الطريق أمام تحرير العسكريين الرهائن لدى المجموعات الإرهابية».
أهالي العسكريين
في غضون ذلك، يستمر أهالي العسكريين المخطوفين في تحركاتهم الميدانية المتنقلة مناطقياً بينما باءت بالفشل كل المحاولات والمفاوضات التي أجريت معهم أمس في سبيل إعادة فتح أوتوستراد ضهر البيدر الدولي نظراً لما يشكّله من شريان حيوي يربط البقاع ببيروت.
وبعدما أعلن الأهالي عن عزمهم فك اعتصام ضهر البيدر عند السادسة مساءً، عادوا فعدلوا عن ذلك مؤكدين الاستمرار في قطع الطريق الدولي «حتى إشعار آخر»، وتقدموا من «الشعب اللبناني» بالاعتذار «إذا سببنا لكم الأذية»، متوجهين في المقابل إلى المسؤولين في الدولة بالقول: «اتخذوا القرار الجريء للإفراج عن أبنائنا وإلا سنصعّد أكثر عبر اتخاذ خطوات لن نعلن عنها ونأمل ألا نلجأ إليها».