وضعت المواقف الحازمة التي أطلقها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو تجاه «حزب الله» في زيارته لبيروت، الحكومة أمام منعطف بالغ الدقة، ورسمت حدوداً قد يبدو من الصعب تجاوزها، في ظل إصرار أميركي بدا واضحاً من خلال تصريحات بومبيو، على رفع منسوب التصعيد ضد الحزب في المرحلة المقبلة، ما سيضع لبنان تحت المجهر، في وقت أحوج ما يكون البلد لوقوف المجتمع الدولي إلى جانبه للخروج من أزماته الاقتصادية، وبالتالي فإن محاولة لبنان تجاهل التحذيرات الأميركية، قد تكون أشبه بمغامرة لا يمكن التكهن بنتائجها، على وقع اشتداد النقمة على إيران وأذرعها في المنطقة.
في قراءته للتصعيد الأميركي في مواقف بومبيو، يشير القيادي في «تيار المستقبل» الدكتور مصطفى علوش لـ«اللواء» إلى أن «ما قاله الوزير الأميركي يأتي استكمالاً للإجراءات التصاعدية التي بدأتها إدارته منذ أشهر ضد إيران وأدواتها، وبالأخص حزب الله، ولذلك فإن الحكومة اللبنانية لا يمكنها تجاهل ما قاله بومبيو، أو الالتفاف حوله، وبالتالي فإن الحكومة مطالبة باتخاذ خيارات لا تتجاهل القرارات الأميركية ضد حزب الله، خاصة وأن ما قاله الوزير الأميركي بما يتعلق بالحزب صحيح»، مشدداً على «خطورة أي توجه من جانب لبنان لفعل الشيئ ونقيضه، لأن ذلك سيضر بمصالح البلد، ما يجعل المسؤولية أكبر على حلفاء حزب الله في الداخل من أجل إيجاد مخرج، لإنقاذ لبنان من التداعيات».
واستناداً إلى المؤشرات الإقليمية والدولية، فإن الضغوطات على حزب الله ستتزايد كما يتوقع علوش، «في ظل وجود قرار أميركي بتضييق الخناق على أدوات إيران في المنطقة، ما سيجعل لبنان عرضة للتداعيات، في حال لم تبادر الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات التي من شأنها أن تحمي لبنان من انعكاسات العقوبات المفروضة على الحزب على أكثر من صعيد، لأن لبنان أصبح تحت المجهر الدولي بالنسبة لطريقة تعامله مع إيران وحزب الله في آن» .
ويرى من جهته النائب السابق فارس سعيد، «أننا أمام مرحلة أميركية جديدة، بدأت بإعادة النظر بالاتفاق النووي الذي وقع بين إيران وإدارة باراك أوباما، مروراً بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، إلى زيارة وزير الخارجية الأميركية إلى المنطقة وما قاله في الجامعة الأميركية بالقاهرة، عندما ساوى الإرهاب السني بالإرهاب الشيعي، وصولاً إلى زيارته بيروت، عندما اعتبر أن الإرهاب ليس إرهاباً سنياً، وإنما أيضاً إرهاباً شيعياً تديره إيران وأذرعها في المنطقة»، مشدداً على أن «الحدث الأساسي كان إعلان دونالد ترامب إنهاء داعش، وبالتالي لا يمكن إنهاء داعش، بمعنى إنهاء الإرهاب السني وإبقاء ما يسمى الإرهاب الشيعي على ما هو عليه» .
وأشار إلى أن «من تولى الدفاع عن «حزب الله» هما رئيس الجمهورية ووزير الخارجية المارونيان، باعتبار أنهما ينفذان الاتفاق المبرم مع حزب الله مسبقاً، أي أننا نأخذ على عاتقنا الدفاع عنك أمام دوائر القرار العربية والخارجية، وأنت تؤمن لنا المكاسب والمقاعد في الداخل، وبالتالي فإن رئيس الحكومة سعد الحريري أمام ضرورة أن يجيب عما إذا كان جبران باسيل يتكلم باسمه أو باسم الحكومة؟ أي أن الرئيس الحريري مطالب أن يجيب كيف يدير حكومة مهمتها مواجهة العقوبات المفروضة من الخارج على حزب الله، وبالتالي على لبنان. كما أنه في الوقت نفسه على رئيس الجمهورية أن يقدر أيضاً أن العطاءات لا تتجزأ، وأعني المنح المعطاة للدولة اللبنانية من «سيدر» وغيره، انطلاقاً من قوله أن العقوبات على حزب الله لا تتجزأ وستصيب الشعب اللبناني» .
ويطالب سعيد، «القوى المسيحية صاحبة المصلحة الوطنية، والتي لا تزال متمسكة باتفاق الطائف والعيش المشترك، ألا تسمح بأن يكون رأس حربة الدفاع عن تنظيم معتبر بأنه إرهابياً من قبل كل العالم فقط مارونياً، دون أن يكون هناك صوت آخر من الوسط المسيحي يقول بأن هذا الوضع شاذ ونحن نريد إعادة رسم الحدود بين مصلحة الدولة اللبنانية وبين حزب الله» .