IMLebanon

الراعي- الحريري… طبخة رئاسيّة على نار أوروبيّة

لم يطرأ أيّ حلحلة على المشهد الإنتخابي الرئاسي، رغم الحراك المكثّف الذي يقوده الرئيس سعد الحريري في الخارج، ورغبته بجوجلة نتائج إتصالاته مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في روما.

سيُشكّل اللقاء المرتقب بين الحريري والراعي في العاصمة الإيطالية اليوم، مناسبةً للبحث في المستجدّات الراهنة والمخاطر المحدقة بلبنان. ويأتي هذا اللقاء بعد حركة إتصالات كثيفة أجراها الحريري مع العواصم الاوروبيّة والعربية من أجل تحريك عجلة الإنتخابات الرئاسيّة، وكان آخرها لقاؤه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في الإليزيه.

قد تكون أوروبا «القارة العجوز»، قلب العالم، والقارة الأكثر تعاطفاً مع القضية اللبنانيّة نظراً إلى العلاقات التاريخية بين الموارنة وأوروبا، من ثمّ تطوّرها مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لتُصبح علاقة لبنانية- أوروبية.

فعصر الإستعمار والإمبراطوريّات الأوربية ولّى إلى غير رجعة، والكلمة الفصل في الإستحقاق الرئاسي هي للأميركيين حالياً، وهم يكلفون الأوروبيّين عندما تكون السياسة في نقطة «اللعب في الوقت الضائع»، لكنّه، عندما تحين ساعة الحسم، فالأميركيون وحلفاؤهم في المنطقة ينتخبون الرئيس بتسوية مع الخصوم، وبنود هذه التسوية لم تكتمل بعد.

ومن هذا المنطلق، يأتي لقاء الراعي- الحريري، على وقع جولات الرَجلين الأوروبيّة. فالراعي يتَّصل بالأوروبيين عبر زياراته الدائمة أو عبر سفرائهم في لبنان، والحريري حاضر دائماً، ويتنقّل بين باريس وبرلين ولندن، لكنّ السؤال الذي يُطرح: ماذا سينتج عن لقاء الرَجلين؟ وأيّ طبخة رئاسيّة ستُطبخ على النار الأوروبية؟

يكشف مصدر مطلع في تيار «المستقبل» لـ»الجمهوريّة»، أنّ «الحريري والراعي سيبحثان في مختلف الملفات المطروحة على الساحة اللبنانية، وأبرزها الإستحقاق الرئاسي»، لافتاً الى أنّ «الحريري طلب من هولاند وبشكل واضح وصريح، المساعدة على إنتخاب رئيس نظراً إلى دور فرنسا وعلاقتها التاريخية بلبنان، فهي قادرة على تسهيل هذه العملية، لأنّها على إتصال مع كل القوى الإقليمية التي تعرقل إنجاز الإستحقاق في المنطقة، وعلى رأسها إيران، وقد وعد هولاند الحريري بالقيام بكل ما يلزم لإزالة العقبات التي تعوق إتمام الإنتخابات».

الى ذلك، يؤكّد المصدر أنّ «إتصالات الحريري وحركته الرئاسيّة العالمية، لم تؤدِّ حتّى هذه الساعة الى أيّ خرق في هذا الملف الشائك، فالموضوع ما زال مجمّداً والأمل في إحداث خرق، ضئيل جداً».

من جهة ثانية، علمت «الجمهوريّة»، أنّ الحريري والراعي «سيطرحان كلّ الإحتمالات على طاولة الإستحقاق الرئاسي، وسيبحثان في كلّ المخارج الممكنة، التي تُنهي حال الشغور الرئاسي، من دون تبنّي أيّ طرح نهائي، بل ستشكل المحادثات مدخلاً لجولة جديدة من الإتصالات.

وسيطرح الحريري مجدّداً على الراعي مبادرة «14 آذار» القاضية بسحب مرشحها رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، في مقابل سحب قوى «8 آذار» مرشحها رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، ليبدأ بعدها التفاوض على أسماء وسطيّين، ومن غير المستبعد أن يتطرق الرَجلان الى مبادرة رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط».

من جهته، سيعبّر الراعي عن هواجسه من الوضع الأمني وتمدّد «داعش» الى داخل بعض البيئات السنّية في لبنان، وسيطلب من الحريري لعب دوره كزعيم للإعتدال، نظراً إلى أنّ بكركي تعوّل على موقع الحريري في قيادة الطائفة السنّية، وذلك، لتمرير هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة، لأنّ نار التطرّف والتكفير ستطاول الجميع ولن ترحم أحداً.

إلى ذلك، سيناقش اللقاء ملف النازحين السوريين وخطرهم على لبنان، وضرورة معالجة هذه المسألة، وقضية الحدود السائبة، حيث سيؤكد الرَجلان ضرورة إبعاد لبنان عن النار السوريّة، وضبط الحدود ودعم الجيش كقوّة شرعية وحيدة قادرة على تأمين الإستقرار، ورفض كل مظاهر الامن الذاتي.

خرجت طابة الإستحقاق الرئاسي من الملعب المسيحي واللبناني، وباتت تتقاذفها السياسات الدوليّة، وعلى رغم أنّ الطبخة الرئاسية تحتاج الى النار الاميركية لكي تستوي، إلّا أنّ لا خطأ من بحثها في المطبخ الأوروبي، لعلّ أعجوبة ما تحصل؟