Site icon IMLebanon

لقاء الطاقة البديلة وجواز السفر البديل

 

معارض بيروت تستعيد دورها

 

منذ مطلع التسعينات اعتادت بيروت استضافة معارض كبرى تتجاوز بنوعيتها وأهميتها حدود البلد الصغير لتشكل منارة تجارية وتسويقية على المستويين المحلي والإقليمي. كانت المعارض تستقطب في أرجائها رجال أعمال وشركات ومستهلكين وعاملين في قطاعات مختلفة من لبنان والعالم يلتقون لتبادل الخبرات، وتخلق حركة سياحية وترفيهية تنعش الاقتصاد اللبناني. لكن وهج المعارض بدأ يخفت شيئاً فشيئاً مع تراكم الأزمات وكاد ينطفئ نهائياً ليعود بصيص ضوء إلى الظهور هذه السنة مبشراً بعودة الروح إلى معارض بيروت.

معارض كثيرة لكل متطلبات الحياة كان الجمهور على موعد سنوي معها. معرض للكتاب، والسيارات والأعراس والبناء والضيافة والتكنولوجيا والجمال والرشاقة والمجوهرت والتحف ومعارض الأعياد والصيف…كلها تعكس الدور الثقافي والإبداعي للبنان كما دوره التجاري المتوارث عبر الأجيال. وكانت تلك المعارض قادرة على المنافسة بقوة لا بحجمها وعددها إنما بنوعيتها واحترافها على ما يؤكده كل الخبراء. لكن البساط بدأ يسحب شيئاً فشيئاً من تحتها لينتقل مركز الثقل من بيروت الى دبي وتصبح تلك المدينة عاصمة للمعارض الكبرى إقليمياً وعالمياً. إنما لبنان المتشبث بدوره يأبى رفع الأيدي وها هو يجاهد من جديد للبقاء على خارطة المعارض و إن بنمط أبطأ وقدرة أقل.

 

زحمة معارض

 

من يراقب الحركة في بيروت والمناطق منذ مطلع العام يجدها على موعد مع عدد من المعارض التي تستعيد بشكل متجدد نسخاتها السابقة: معرض للنبيذ، آخر للسيارات، ثالث لتقنيات الزراعة وغيره. لكن الواقع اللبناني وحاجة السوق أوجدا معرضاً مزدوجاً لخدمات باتت مطلباً رئيسياً عند المواطن اللبناني، واحداً للطاقة المتجددة وآخر للإقامة عبر الاستثمار يعقدان في بداية شهر حزيران… مع رئيس مجلس إدارة شركة بروموتيم للمعارض إلياس الخوري وبعض العارضين نجول على أهمية المعرض المزدوج ودوره في تلبية احتياجات المجتمع اللبناني في هذه الظروف.

 

«بيروت تحتل موقعاً مميزاً في عالم المعارض لا من حيث العدد أو الحجم بل من حيث أهمية ونوعية معارضها فمعرض الأعراس مثلاً Beirut wedding fair لم يوازه أي معرض آخر باعتراف كل الشركات العاملة في هذا الإطار لأن أفضل من يعملون في هذه الصناعة من اللبنانيين وفي المجوهرات هم رواد، فاللبناني يتميز بذوقه وخبرته وموارده البشرية التي تعطي للمعارض قيمتها وتبقي القطاع صامداً. شهدت المعارض أيام عز بدأت مع نهاية الحرب واستمرت حتى العام 2005 ليدخل بعدها لبنان في دهاليز أثّرت جداً على صناعة المعارض كما على كل القطاعات السياحية والاقتصادية لتتوقف نهائياً منذ العام 2019 وما تلاها من أحداث. اليوم يمكن الحديث عن عودة للمعارض بعد أن تأقلمنا جميعاً مع الوضع الحالي وبتنا قادرين على طمأنة الشركات العارضة من الخارج الى ثقتنا بوطننا ومتابعتنا لحياتنا العادية رغم كل الظروف».

 

الحاجة أم المعرض

 

التردد كان طبيعياً لكن حاجة السوق جعلت معرضاً كهذا أمراً ملحاً؛ فالمواطن اللبناني يبحث اليوم عن حلول بديلة سواء بالنسبة للطاقة التي باتت عبئاً عليه أو للقدرة على التنقل بسهولة بين البلدان والحصول على إقامة أو جواز سفر آخر يسهلان عليه أموره. وبعد عدة معارض سابقة ناجحة في مجال ما يعرف بمعارض «الإقامة مقابل الاستثمار العقاري» تأتي نسخة السنة أكثر شمولاً تضم ما يفوق الـ 35 شركة من البلدان المعنية ببرامج «الإقامة مقابل الاستثمار» حتى يكون المواطن المهتم سواء كان لبنانياً أو غير لبناني على علاقة مباشرة مع الدول التي لديها هذه البرامج أو مع شركات معتمدة تمثل هذه الدول ولها مصداقيتها وذلك تجنيباً له للتعامل مع أشخاص قد لا يكونون موضع ثقة.

 

أما بالنسبة للطاقة البديلة فالحاجة كبيرة الى جمع شركات ذات مستوى دولي تعمل في هذا القطاع على أرض لبنان بعد الفوضى الكبيرة التي سادت سابقاً ولم تؤد النتائج المطلوبة منها وفق ما يقول الياس الخوري. «نحن نضع تحت تصرف الزوار والمهتمين واصحاب الأعمال والمستثمرين شركات ذات مستوى عالمي في شؤون الطاقة البديلة ليكون التبادل مثمراً كما نعمل على تنظيم محاضرات ولقاءات لخلق ثقافة الأمان في ما يختص بأنظمة الطاقة البديلة إضافة الى خلق الوعي حول عائد الاستثمار في الطاقة البديلة التي يمكن أن تعيد رأسمالها في غضون ثلاث سنوات. الطاقة البديلة تشهد تطورات كبيرة لا بد من الإضاءة عليها لا سيما على صعيد الكلفة والتنفيذ الصحيح والنوعية كما على صعيد البطاريات».

 

منظمو المعرض يقومون بكل الجهود لإنجاحه وجعله جذاباً للاعمال والزبائن ولكن للاسف لا دعم من قبل الوزارات المختصة ولا تسهيلات لهذا النوع من المعارض رغم الاتصالات القائمة مع وزارت الطاقة والبيئة للرعاية والتواجد. فالحكومة والوزارات المختصة تنأى عن أي جهد لحلحة الأوضاع سواء في الجمارك او الضرائب اوعبر تسهيل تأشيرات الدخول للاجانب المشاركين وتسهيل الاستثمارات وتبقى المبادرات فردية كما اعتاد اللبناني أن يفعل.

 

الإقامة مقابل استثمار

 

نغوص أكثر في تفاصيل المعرضين ونسأل السيد جاد خوري وهو ممثل لشركة My Pass التي تعنى بما يعرف باسم RCBI أي الإقامة والمواطنة عبر الاستثمار عن مدى حاجة اللبنانيين إلى هذه البرامج وإقبالهم عليها. يقول: «مفهوم هذه البرامج يقوم على أن الفرد قادر على الحصول على جنسية ثانية دون أن يغير مكان سكنه أو حياته أو عمله سواء بالنسبة له أو لزوجته وأولاده. ويمكن إدراج هذه البرامج تحت فئتين: الأولى هي التي تؤمن فيزا ذهبية أي إقامة دائمة في بلد أوروبي ما لقاء الاستثمار في عقارت او شقق او وحدات سكنية ومشاريع موافق عليها من قبل الدولة. وتتراوح قيمة الاستثمار بين 250000 و 500000 دولار يحصل مقابلها الشخص على إقامة دائمة تخوله التنقل داخل أوروبا دون الحاجة الى تأشيرة. اما الفئة الثانية فهي تشمل الحصول على جنسية وجواز سفر من بلدان كاريبية يخوله التنقل بين 140 دولة أهمها بريطانيا ودول منطقة الشنغن دون الحاجة الى تأشيرة وإقامة لمدة ستة اشهر فيها وكذلك الدخول الى روسيا والصين وأميركا اللاتينية وهو أمر مهم لرجال الأعمال بشكل خاص. الكلفة تبدأ من 100000دولار يتبرع بها الشخص المعني للدولة وكل شخص من عائلته يضاف الى البرنامج يسدد رسوماً إضافية الى المبلغ الأولي.

 

يتوقف الخيار على احتياجات الشخص وما يبغيه من وراء البرنامج هل هي الرغبة في الإقامة خارج البلد ام تعليم الأولاد في أوروبا مثلاً أو القدرة على التنقل بسهولة بين بلدان متعددة…». نعرف أن ثمة شركات تعنى بهذا الموضوع موجودة في لبنان منذ عشر سنوات لكنها كانت تعمل بشكل هادئ بعيداً عن الأضواء أما في السنتين الأخيرتين فبدأت الإعلانات تملأ الطرقات وذلك مع تزايد الإقبال على هذه البرامج من اللبنانيين المقيمين والمغتربين. فقد ازداد الطلب أضعافاً عما كان عليه في السابق ومن هنا كانت فكرة إقامة معرض متخصص يساعد الراغبين في الحصول على معلومات واضحة وموثوقة ويوجههم عبر الشركات المشاركة الى البرنامج الأنسب الذي يناسب احتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم كما يبدد مخاوفهم نسبة الى مصداقية البرامج والشركات اللبنانية التي تعنى به.

 

«سابقاً يقول جاد خوري كانت الطلبات تتوقف على فئة معينة من الناس اليوم زاد الإقبال حتى من أبناء الطبقة الوسطى للحصول على جنسيات أخرى. وكذلك تعتبر منطقة الشرق الأوسط بأكملها من أكبر الأسواق لهذه البرامج حيث ثمة إقبال عليها من السعودية وقطر والأردن والعراق وحتى الإمارات. الدول الكاريبية لم تصدق عدد الطلبات التي تأتيها من لبنان حيث الأعداد هي الأعلى نسبة الى عدد السكان».

طاقة بديلة؟

 

معرض الطاقة الشمسية او الطاقة البديلة ليس «لوكسا» ولا استراتيجية تسويقية بل هو وليد طلب متزايد على الطاقة التي لم يعد هناك بديل لها. القطاع تنامى بشكل كبير وبات يستدرج أهم الشركات العالمية حسبما يقول السيد رامي أبي سعيد من شركة أساكو للطاقة الشمسية، فهذه الشركات تبحث عن شركاء محليين يملكون القدرات التقنية العالية لتنفيذ مشاريع كبيرة وقادرين على إجراء الدراسات اللازمة لهذه المشاريع سواء من حيث إدارة الطاقة أو كلفتها ومردودها. « سابقاً ساد نوع من العشوائية في تركيب الطاقة الشمسية وكان هنالك دخلاء على المهنة لكن السوق نظفت نفسها وهذه الشركات بدأت تنطفئ لا سيما أن هامش أرباحها قد تضاءل. اليوم المشاريع الصغيرة للبيوت والمحلات وغيرها قد أنجزت وخف الطلب عليها لتحل محلها المشاريع الضخمة في مؤسسات كبيرة مثل المستشفيات والمصانع والإدارات الرسمية والمزارع والبلديات. حتى أصحاب المولدات باتوا يفكرون بالطاقة البديلة للتوفير في مصروف مولداتهم. المستقبل في لبنان بلا شك لهذا النوع من الطاقة الذي سيتم ربطه بالشبكة الرسمية للكهرباء حيث يكون المواطنون قادرين على بيع ما يفيض عنهم من الطاقة الى الشبكة الرسمية عبر تركيب عدادات ذكية وشبكات مختصرة».

 

استعداداً لهذا المستقبل لا بد أن يكون لبنان مهيّأً عبر الوعي والمعرفة التقنية والتبادل بين الشركات المحلية والعالمية، ومن هنا يكتسي معرض الطاقة الشمسية أهمية كبرى تتخطى الواقع البسيط لألواح الطاقة الشمسية.

 

الطاقة الشمسية والخطر البيئي

 

بعد أن فرح اللبنانيون بألواح الطاقة الشمسية التي أنقذتهم من أزمة الكهرباء وتحكم اصحاب المولدات وبعد أن صار لبنان رغماً عنه من أنصار الطاقة النظيفة تبين أن للطاقة الشمسية محاذيرها البيئية التي ينبغي التعامل معها بحذر. ابرز هذه التحديات هي طرق التخلص من البطاريات لا سيما تلك التي تستخدم الأسيد والتي كانت شائعة مع بداية موجة تركيب ألواح الطاقة الشمسية. ويقول المختصون إن عمر هذه البطاريات لا يتعدى السنتين أو ثلاث على أبعد حد وهذا ما يراكم اليوم في لبنان أعداداً هائلة من البطاريات المستهلكة التي لا تخضع لقوانين تجيز التخلص منها بشكل سليم.

 

وثمة خشية من أن يتم رمي هذه المخلفات في الطبيعة لا سيما في القرى الجبلية بدل معالجتها في أماكن متخصصة لا سيما ان البطاريات تضم مواد مثل الليثيوم والرصاص والأسيد وكلها مضرة بالبيئة. وكان وزير البيئة في الحكومة المستقيلة د. ناصر ياسين قد أكد أنه لا بد من تنظيم هذه الأمور ووضع معايير واضحة لاستعمال الطاقة الشمسية وطرق التخلص من مخلفاتها بشكل مستدام وعلمي. وكانت وزارة البيئة سابقاً قد عملت مع مؤسسات متخصصة ومعامل لإعادة تدوير بطاريات السيارات للحد من خطرها البيئي.

 

من جهته يقول رامي ابو سعيد الخبير في شؤون الطاقة الشمسية أن البطاريات قد تكون ثروة يمكن الاستفادة منها من خلال إعادة تصنيعها وتصدير الرصاص أو إعادة تدويره، لكن يبقى ان هذا الأمر يحتاج الى وعي وقوانين ملزمة.