IMLebanon

الحرب الإسرائيلية البديلة

تشنُّ اليوم إسرائيل حربا عدوانية مفتوحة من نوع جديد، هي أقسى أنواع الحروب. نشطت أسراب مسيّراتها المزوّدة بالكاميرات وبالتقنيات وبالصواريخ، وببرامج الذكاء الإصطناعي والتعرّف على البصمات من كل الأنواع: بصمات الأيدي والعيون والأنفاس والوجوه. أدخلتها الخدمة، بعد تطويرها والإضافات على نشاطاتها، وجعلتها جاهزة في مخابئها، في إسرائيل ولدى العملاء والمتعاونين معها، لدخول مرحلة جديدة من الحرب، هدفها تنفيذ الاغتيالات الذكية والطائشة على حد سواء.

إنها نوع من الحرب البديلة عن الحرب، حضّرت لها لائحة من الأهداف، تجدّدها عند اللزوم، وبادرت إلى برمجتها، وقامت بتحضير الكتائب لها، لتنطلق إلى أهدافها، في المواعيد المحددة.

 

هدف إسرائيل الخبيث من ذلك، هو أن تجعل الحرب مفتوحة، هو أن تجعل خيوط الحرب في يدها، تحرّك جيش المسيّرات، حين يتوقف جيشها، بحيث تظل في أجواء حرب دائمة. فهذه هي غاية وجودها، في المنطقة كلها.

تخوض اليوم إسرائيل حربا مزدوجة، تعمل آلتها العسكرية هدما وتخريبا وإحتلالا، في غزة والقطاع، وتقوم بالحرب الثانية، بالقصف من خلال المسيّرات التي تمتلك عندها الجهوزية الكاملة.

لكن حرب تنفيذ الاغتيالات، لها محاذيرها الكبرى، في المنطقة وفي العالم، ما دامت إسرائيل قد شرعتها. فإذا ما ظنت إسرائيل، أنها تمتلك الجهوزية والتحديث والذكاء الصناعي، في تحضير أسراب المسيّرات، وأنها تتفوّق في هذا المجال العسكري واللوجستي، على جميع القوى التي تحاربها، فإن هذه القوى، سوف تجد نفسها مضطرة لتجديد إستراتيجيتها: في حرب الاغتيالات، وفي حرب المتابعات، وفي حرب رصد الأعداء أينما كانوا وملاحقتهم، بالكمائن والعبوات وبالفرق السرية، التي تقوم على إستقصاء الأهداف في العالم أجمع، وجعلها أهدافا حربية مشروعة لها.

 

يبدو للجميع القوى في المنطقة وفي العالم، أن إسرائيل انتقلت بالنار، من زاوية إلى زاوية، تشنّ الحروب التي تجتاح بها البلدان المحيطة بها، وتأمر مسيّراتها بتنفيذ الاغتيالات على قدم وساق، دون وازع يردعها، بل على العكس من ذلك، تجد من يشجّعها، بوقف الاجتياحات، واستبدال ذلك بضربات المسيّرات.

حرب المسيّرات، أنهكت أميركا العظمى في أفغانستان، ودفعتها عنوة لتغيير إستراتيجيتها منها:

1- فهي تصيب المدنيين أكثر مما تصيب الغرماء والأعداء. وفي ذلك ما يمكن أن يرتب عليها مسؤولية جسيمة، تجاه الضمير العالمي، وضمير شعبها.

2- حرب المسيّرات، توسّع دائرة ما يسمّى «الإرهاب الدولي». وهذا ما لا تريده جميع الدول والشعوب، لأن مصالحها، سوف تصبح جميعها مهدّدة.

التفوّق الإسرائيلي في حرب المسيّرات، لن يدوم لإسرائيل طويلا، لأنها تستهدف الشعب الذي يمتلك من مخزون القوى، ما يجعلها يقاومها لدهور طويلة. وخير دليل على ذلك، ما لاقته إميركا في أفغانستان، وما لاقاه الاتحاد السوفياتي قبلها. ولهذا عليها أن تأخذ عظة، بل دروسا من التاريخ القديم والحديث، أن الشعوب المقهورة لا تنام على ضيمها، والحرب عليها، بالمسيّرات، كما بغيرها، سوف تجعلها أكثر إصرارا، على تمسّك بحقوقها، وعلى الدفاع عن مقدساتها، وعلى العمل ليل ونهار، لتجهيز نفسها، ومواجهة الحرب الإسرائيلية البديلة: حرب المسيّرات الرخيصة واللئيمة والأليمة، بكل ما تمتلك في يدها.

نشطت إسرائيل منذ أسابيع الحرب البديلة عن الحرب، ووصلت الرسالة إلى جميع القوى المواجهة لها. وقد فتحت بذلك النار على نفسها دون بكل غباء. فهل تظن أنها بذلك سوف تحقق ما عجزت عن تحقيقه عسكريا على الأرض؟ فهذا لعمري منتهى الحماقة السياسية والعسكرية التي تصيبها.

الحرب الإسرائيلية البديلة، جعلت دولتها تنتقل بالنار من زاوية إلى زاوية. كانت تحرق نفسها على الأرض التي تحتلها، والآن جرّت النار على نفسها بحرب المسيّرات، خارج أرضها، ولسوف ترى، قوى الشعب المقاوم كيف يغيّر قواعد اللعب معها ويواجهها.