تعقد «نقابة الصحافة البديلة» اجتماعها الموسّع الأول اليوم، للبحث في مصيرها كتحرّك بديل نشأ عن موقف مغاير – بالمعنى السياسي- كانت أعلنته مجموعة من الصحافيين مطلع الشهر الجاري، تزامناً مع الانتفاضة الشعبيّة. هؤلاء ضاقوا ذرعاً بنقابة المحرّرين «غير الفاعلة»، مثل صحافيين كثر لا يكترثون أصلاً بالانتساب إلى النقابة، ويبحثون عن «بديل» نقابي حقيقيّ يحميهم. في حين أنهم علموا أنّ نقابتهم «نسّبت إليها 400 صحافي جديد من دون شفافيّة!».
التصوّر البديل يتراوح بين الضغط من داخل النقابة الحاليّة وتكثيف الانتساب إليها بهدف «استردادها»، أو تشكيل جسم نقابي جديد يحتاج مخرجاً قانونياً – وهو التحدّي الأكبر – في ظلّ «حصريّة» القانون حيال ترخيص النقابات. غير أن الخطوة بمجرّد الإعلان عنها، بزخم من الانتفاضة، ستفتح كوّة في جدار «موت العمل النقابي» وتراجع حقوق الصحافيين وارتفاع أعداد المصروفين وتعسّف المؤسّسات. هذا كلّه، يُضاف إلى «قبض» رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري على مشروع إنشاء نقابة المحرّرين، بتعديلات كانت ستسمح بضمّ جميع العاملين في الإعلام إلى النقابة وتلغي وصاية نقابة الصحافة (مالكو المؤسسات الإعلامية) وإلزاميّة موافقتها على طلبات انتساب المحرّرين إلى نقابتهم.
بالمقارنة مع تجارب سابقة «أُجهضت»، تدرك الصحافيّة كارول الحاج حجم المعركة التي أطلقتها مع زملاء لها لتشكيل تجمّع باسم «نقابة الصحافة البديلة». إلى اجتماع اليوم، «نعقد السبت نقاشاً مفتوحاً في موقف اللعازريّة (ساحة الشهداء)، وورشة عملٍ نهاية الجاري لنقاش التجارب السابقة والبدائل الممكنة قانوناً». نقابة المحرّرين، أو نقابة محرري الصحافة اللبنانية (تأسّست عام 1942)، هي «نقابة ذات سيادة مطلقة وكيان مميّز مستقل على مستوى سلك مهني (ORDRE)» وفق نظامها الداخلي. التفسير العملي يجعل منها «نقابة لتنظيم المهنة وليس للدفاع عن العاملين فيها» وفق الحاج، فيما تبرز الحاجة «إلى نقابة عمّالية تدافع عن مصالحنا، وتضمّ أيضاً العاملين في الأونلاين والديجيتال والمرئي والمسموع، وغيرها من الوظائف المستحدثة في الإعلام». لذا بدأ التواصل مع مختلف النقابات ومنها نقابة العاملين في الاعلام المرئي والمسموع ونقابة المصورين الصحافيين وسواهما.
انبثقت «نقابة الصحافة البديلة» عن «تجمّع مهنيّات ومهنيّين» الذي قاد التظاهرة الكبرى من أمام المصرف المركزي نهاية الشهر الماضي، وقد بدأت بلجنة تنسيقيّة مصغّرة ثم لجان فرعيّة تهتمّ بالشقّ القانوني والتحرّكات. التجمّع يحتضن صحافيين من توجّهات مختلفة، وسقفه من «سقف الانتفاضة، مع التأكيد على رفض الارتهان المشبوه للصحافيين أو المؤسسات». الارتهان الذي ينبذه المتحمّسون للبديل، كان ضرَب نقابتهم لسنوات، وجعلها تفتح جدول الانتساب إليها قبيل كل انتخابات داخليّة من ثم تعود إلى إقفاله. أولئك يبرزون ملفّات انتساب تقدّم بها صحافيّون إلى النقابة، منذ سنتين أو أكثر، ولم يلقوا جواباً حتى الآن بالرغم من مراجعاتهم. كما يطرحون السؤال حول «تنسيب» النقابة لـ400 صحافي جديد «وهو رقم كبير يوازي نصف عدد الناخبين في النقابة».
يأمل أصحاب الخطوة بفتح كوّة في جدار «موت العمل النقابي» وتعسّف المؤسّسات
مسألة التنسيب، يردّ عليها عضو مجلس نقابة المحرّرين علي يوسف، من دون أن ينفيها، قائلاً «الـ400 منتسب دخلوا خلال الـ4 أو 5 سنوات الماضية وهم صحافيّون تقدّموا من داخل مؤسّساتهم ومنهم من وردت أسماؤهم في جدول انتخابات 2018». ما هو عدد الموجودين على الجدول حالياً؟ وهل يمكن الاطلاع عليه؟ «ليس سرياً بل اطلعوا عليه في انتخابات العام الماضي، وحينها شمل الجدول 729 ناخباً ممن سدّدوا اشتراكاتهم، فيما الجدول الأساسي كان يضمّ 1200 منتسبا». بين العامين الماضي والجاري أضيف إلى الجدول «نحو 15 اسماً فقط، مقابل 20 طلباً لم يبتّ بها وننتظر أول اجتماع للجنة الجدول للبتّ بها!». كما شطبت النقابة «260 منتسباً، كانوا أُدخلوا بطرق ملتوية وليسوا محرّرين، والبيانات موجودة بمحاضر الاجتماع وتبلّغت بها وزارة العمل بكتب رسميّة».
تقصير النقابة بحقّ المصروفين، ينفيه يوسف معتبراً أنها «وقفت إلى جانب عدد كبير منهم وضغطت لتحسين تعويضاتهم، وصلنا إلى تسوية مع وزارة العمل بموضوع مصروفي تلفزيون المستقبل، والتزمنا بقرار مصروفي دار الحياة بتأجيل البحث إلى حين إنهاء مفاوضاتهم الداخلية».
عدم قدرة النقابة على جذب عشرات الشباب من الصحافيّين الجدد للانتساب إليها، يراه يوسف «أفكاراً مسبقة»، وأنه «عليهم المحاولة من داخل نقابتهم، ونحن نقوم بتسهيلات لتنسيبهم إذ نلتفّ على معوقات القانون خاصة لناحية شرط إفادة الضمان». علماً أن شرط إفادة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يفرضه نظام النقابة على كل منتسب جديد، في حين يطلب من غير حملة ليسانس الصحافة التدرّج بين سنة وأربع سنوات وهو ما لا يتيح لهم حيازة إفادة الضمان، مما يؤكّد الحاجة الملحّة إلى تعديل قانون النقابة. وهو ما يعتبره يوسف مدعاةً «للضغط من أجل إخراج مشروع قانون إنشاء نقابة المحررين من درج الرئيس الحريري بعدما أقنعته نقابة الصحافة بعدم إحالته إلى مجلس النواب». عن الطرح البديل، يقول يوسف «ترخيص نقابة المحررين صادر بقانون وثمة حصريّة بتراخيص وزارة العمل، مع أنني ضدّ الحصريّة»، من دون أن ينفي «الالتباس بالتعريف القانوني لنقابة المحرّرين إذ لا هي ordre تماماً ولا هي syndicat».