المبلغ كله بعد عيد الفطر والعمل سيستأنف في حال صدقت النوايا
من تعطيل الى تعطيل صار التدقيق الجنائي على المحك نتيجة تراكمات الازمة المالية ووضعية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة القانونية. وبعد سلسلة عقبات مبنية على خلفيات سياسية، تدخل مجلس الوزراء وأخذ على عاتقه صرف مستحقات شركة «ألفاريز اند مرسال» لتعاود عملها في التدقيق بحسابات مصرف لبنان وتنجز البنود الواردة في العقد الموقع مع الدولة اللبنانية. بالوقائع ونسبة لما قرره مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة يمكن التفاؤل بقرب انهاء الشركة عملها، لكن بالنوايا السياسية المبيتة فان التفاؤل سيخيب حتماً ازاء ملف تحول عنواناً للمساجلة السياسية وكان عرضة للتعطيل مرات متكررة لأسباب مختلفة، غايتها عرقلة اي تدقيق جنائي في عهد الرئيس ميشال عون خاصة وان مثل هذا التدقيق ان حصل فمن شأنه ان يظهر مكامن الهدر في مصرف لبنان.
بدأت الحكاية إثر تهديد الشركة بوقف العمل بسبب عدم تحويل أموالها من قبل الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة المالية، واعتبار ديوان المحاسبة ان على الشركة ان تدفع للدولة اللبنانية ضريبة على المبلغ المستحق لها. وبعد اخذ ورد دخل مجلس الوزراء على خط المعالجة. وخلافاً لقرارين سابقين صدرا عن ديوان المحاسبة قرر مجلس الوزراء خلال جلسته الاخيرة الطلب من وزارة المالية الموافقة على دفع مستحقات شركة «ألفاريز ومرسال» الموكلة اجراء عملية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان كاملة دون اي حسم. وبذلك يفترض ان يصرف للشركة كامل مستحقاتها من دون حذف الضريبة على القيمة المضافة، وكانت الشركة طالبت الدولة اللبنانية ممثلة بوزير المالية دفع كامل مستحقاتها اي قيمة العقد البالغة 2.75 مليون دولار، والا اوقفت عملها.
وبعدما كانت وزارة المالية ارسلت الملف الى ديوان المحاسبة للبت به جاء الرد مسهباً معللاً بالقانون، مستنداً الى اعتبار ان الشركة المدققة هي شركة أجنبية تعمل على الاراضي اللبنانية ويتوجب عليها دفع ضريبة عن اي مبلغ تتقاضاه، لكن مجلس الوزراء وفي تبريره للخطة اعتبر ان الضريبة على القيمة المضافة تعتبر مدفوعة ضمناً، من خلال الحسم الذي طاول اتعاب الشركة واعتبر المجلس وعلى عكس رأي الديوان ان الضرائب معفاة طالما العقد ينص على تقاضي بدل اتعاب.
وجاء في قرار مجلس الوزراء انه واستناداً الى المرسوم الاشتراعي رقم 82 تاريخ 16/9/1983 (تنظيم ديوان المحاسبة ) لا سيما المادة 40 منه، وقانون المحاسبة العمومية وتعديلاته… والقانون النافذ حكماً رقم 6 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2020)، وقرارات مشابهة سبق واتخذها مجلس الوزراء سابقاً في العامين 2020 و2021 وقرار لديوان المحاسبة وكتاب آخر كان عرضه وزير المالية يوسف الخليل خلال الجلسة. فقد تبين للحكومة ومن المستندات المذكورة ان وزارة المالية تفيد انها قد نظمت عقد اتفاق بينها وبين شركة «ألفاريز ومارسال» المتعلق بالتدقيق الجنائي لحسابات مصرف لبنان، ولما كان ديوان المحاسبة قد اوصى بعدم جواز اعفاء الشركة المذكورة من الضريبة على القيمة المضافة او اي ضرائب اخرى متوجبة بموجب القوانين اللبنانية، وعدم الزام الدولة بتحميلها على النحو الحاصل في العقد مع شركة «ألفاريز اند مارسال» بموجب القرار رقم 199 ر.م/غ4 تاريخ 16/8/2021 والقرار رقم 58 ر.م/غ4 تاريخ 5/4/2022 على عكس ما ورد في الفقرة ط من المادة الثانية من العقد.
ولما كانت الضرورة تستدعي دفع كامل قيمة المبلغ المستحق للشركة دون اي حسم التزاماً بالعقد الموقع مع الشركة، ولكي تتمكن الشركة من انجاز كافة الاعمال الموكلة اليها، لذلك فان وزارة المالية تطلب الموافقة على دفع مستحقات الشركة كاملة دون اي حسم خلافاً لقراري ديوان المحاسبة المذكورين آنفاً. وبناء عليه قرر المجلس الموافقة على طلب وزارة المالية دفع مستحقات شركة الفاريز اند مرسال كاملة دون اي حسم، لتستأنف عملها بعدما كانت العراقيل السابقة وصولاً الى التأخر في دفع المستحقات حالت دون اتمام التقرير الواجب اعداده من قبلها.
مصادر متابعة للملف أبدت تفاؤلاً بقرار مجلس الوزراء وأكدت ان التسديد سيتم بعد عيد الفطر وسيصرف المبلغ بالكامل والعمل سيستأنف في حال صدقت النوايا وتم التعاون مع الشركة من قبل مصرف لبنان. وقالت ان الامر لم يعد يلزمه قرار من مجلس الوزراء وبامكان وزير المالية الموافقة مباشرة على الدفع، على امل ان الكيدية السياسية حول هذا الملف تتوقف عند نقطة معينة.