كأنه احتفال جماهيري خاص بها، تحشد الجماعة الإسلامية إلى المؤتمر السنوي الثالث لهيئة علماء المسلمين التي آلت رئاستها، أخيراً، إلى القيادي في الجماعة الشيخ أحمد العمري للدورة الحالية الممتدة حتى ستة اشهر. على مواقعها ،وعبر الرسائل الهاتفية، عممت الجماعة الدعوة الى المؤتمر الذي يعقد غداً في أحد فنادق الحمرا. لكن من يرغب بالمشاركة، يفترض أن يجيب بالإيجاب عن الأسئلة التي تضمنتها الدعوة: «هل تريد نصرة الحق؟. هل تطالب أن يكون لكم دور مؤثر في إحقاق الحق ودفع الظالمين؟. هل تريد أن يعود للعلم والعلماء مكانتهم ودورهم؟. إذاً ملقانا الأحد في المؤتمر». الجماعة طمأنت إلى أن المواصلات مؤمنة وحددت أماكن للتجمع في المناطق التي لها حضور فيها.
تسابق الجماعة الوقت، قبل انقضاء ولاية العمري، لتعزيز رصيدها واستعراض قوتها ليس داخل الهيئة فحسب، بل في الساحة السنية لبنانياً، لا سيما بعد المكاسب التي حققتها في انتخابات المجالس الشرعية والإدارية في دار الفتوى أخيراً، متخطية حليفها تيار المستقبل. علماً بأنه لم ينته بعد الجدل الذي رافقه انتخاب العمري بين الأجنحة داخل الهيئة، حتى دعا إلى عقد المؤتمر. كان يمكن للعمري ألا ينظم المؤتمر ضمن ولايته، أو على الأقل أن يتريث قليلاً إلى حين استقرار مشهد المرحلة المقبلة. لكنه أخذ المبادرة وباغت أعضاء الهيئة الذين يمثلون الأجنحة الإسلامية الأخرى، حتى أن البعض فسّر دعوته المعجلة للمؤتمر بتلقّيه إشارة ما من أصدقائه في السعودية وقطر وتركيا.
وليس مستغرباً أن تصدر عن المؤتمر توصيات ومواقف عالية النبرة، كما اعتادت الهيئة التي تأسست مع انطلاق الأحداث السورية ورأسها في البداية شيخ الجماعة القاضي حسن قاطرجي المعروف بمناصرته لـ «جبهة النصرة». علماً أن المؤتمر يعقد بعد القمة الإسلامية التي عقدت الثلاثاء الفائت في دار الفتوى بدعوة من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بحضور رؤساء الطوائف الإسلامية، والتي أوصت برفض الجماعات التكفيرية وأكّدت الحرص على مقدسات المذاهب الإسلامية. كما يأتي بعد مؤتمر الإتحاد العالمي لعلماء المقاومة في بيروت والذي أعلن موقفاً حاسماً داعماً للرئيس بشار الأسد وإيران. فما هو الخطاب الذي ستعتمده الهيئة؟. وأي صبغة ستغلبها الجماعة على أداء الهيئة في الفترة المقبلة، لا سيما بعد التصالح بينها وبين السعودية، وفي ظل التحالف الدائم مع تركيا الذي يعتبر العمري أبرز أركانه، حتى أنه يعرف بـ «صديق أردوغان»؟
إلى المؤتمر، تشخص الأنظار لتحديد مستقبل الهيئة داخلياً. التيارات في الهيئة باتت أشبه بالأجنحة المتكسرة. على نحو مبدئي، تم التوصل الى تسوية بين أركانها الرئيسية. انتخب ممثل التيار السلفي الشيخ سالم الرافعي نائباً أول للعمري، وانتخب قاطرجي ممثل الصقور والتيار المتشدد والمناصر للجماعات التكفيرية، نائباً ثانياً.
دريان برعاية أحمد الحريري!
قبل ظهر أمس، تقاسمت شاشة قناة المستقبل جلسة استجواب المحكمة الدولية وافتتاح «مسجد ومجمع الخير» في المنية «برعاية المفتي والشيخ أحمد الحريري» كما ذيل في أسفل الكادر. لدى التدقيق بالصورة، تبين أن المفتي المقصود ليس مفتي المنطقة بل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. أما الحريري فليس شيخاً زميلاً له، بل هو الأمين العام لتيار المستقبل. علماً بأن الدعوة كما عممها تيار المستقبل كانت الى افتتاح المسجد «بدعوة من النائب كاظم الخير وبرعاية الرئيس سعد الحريري ممثلاً بأحمد الحريري وحضور دريان». هكذا حضر دريان شأنه شأن الضيوف الآخرين كنواب المنطقة وفعالياتها. علماً أن «بروتوكول الإفتاء» يقضي بأنه في حال حضور مفتي الجمهورية «لا يكون لأحد غيره رعاية أو معية، إلا إذا حضر معه رئيس الحكومة. وفي حال عدم حضور الأخير، ينتدب المفتي عنه مفتي المنطقة لتمثيله». غير أن دريان ارتضى خرق البروتوكول كرمى لعيون «الشيخ أحمد».