الاشتباك بتداعيات سياسية وانتخابية سلبية على الطرفين
على الرغم من انتمائهما الى المحور السياسي نفسه ضمن فريق الثامن من آذار، فان الاختلاف في وجهات النظر هو السمة الأساسية للعلاقة بين «التيار الوطني الحر» و «حركة أمل» في الماضي كما اليوم.
التباين بين الطرفين ليس جديدا، فهو يحضر دائما وتزداد حدته او تنخفض تبعا للأحداث وأجندة كل من الطرفين ومصلحتهما، لكن ان تصل الأمور الى تصعيد «مش نبيه» و»جنرال جهنم»، فهذا الوضع ليس مقبولا، كما يقول أحد سياسيي محور ٨ آذار.
أما بالنسبة الى الاشتباك الأخير، فهو بالمؤكد لا يتعلق فقط بالملف القضائي او الاختلاف بين رأي «أمل» في موضوع التحقيق العدلي، ونظرتها الى التحقيق الاستنسابي والمسيس من جهة، ورفض التيار الوطني الحر المس بالمحقق العدلي، الخلاف له أصول سياسية قديمة، ويمكن القول ان التوتر الحالي له صلات بتبعات الماضي الذي يجثم فوق العلاقة دائما، ويمتد الى ما قبل الانتخابات الرئاسية.
فالرئيس نبيه بري أعلن بالفم الملآن، وفي أكثر من مناسبة، انه لم يكن يريد ميشال عون رئيسا، وكان يفضل خيار رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية ،حيث كان من الطبيعي ان ينتقل الخلاف بعدها الى العلاقة مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، مما جعل العلاقة متوترة دائما مع الأخير في الحكومات الماضية، وبين وزراء الحركة والتيار حول ملفات الطاقة والبواخر، فيما كانت الحرب معروفة دائما بين الرئاستين الأولى والثانية حول الملفات المالية والقضائية والتدقيق الجنائي، مع تلويح المقربين من التيار بتقديم ملفات فساد ضد محسوبين على «حركة أمل»، وليس سرا ان التيار الوطني الحر يحمل الفريق السياسي لبري المسؤولية عن عدم نجاح مشروع بناء الدولة.
ما يحصل بين «أمل» و «التيار الوطني الحر» اليوم يشبه ما حصل قبل إنتخابات ٢٠١٨، قبل ان تتوقف الحملات ويدخل الاثنان في التهدئة حتى لا يؤثر ذلك على التحالفات الانتخابية، وهذا السيناريو مطروح على بساط البحث قبل استحقاق آذار المقبل، حيث ان استمرار الوضع على ما هو عليه سيترك تداعيات على حلف ٨ آذار سياسيا وانتخابيا، من هنا فالمتوقع ان تدخل حارة حريك على خط تقريب وجهات النظر.
الا ان التراجع الى الحال الماضية يبدو معقدا، فالتباعد صار كبيرا بين قواعد أمل والتيار، الذي يعتبر نفسه محاربا للفساد ويتهم الحركة بعرقلة مهمته، ومشكلة التيار انه بمأزق بين إعادة تمتين العلاقة والتحالف مع «أمل» او تسعير الخلاف معها، فالتقارب مجددا معها يُخسّر العونيين شعبيا على الساحة المسيحية في حال قدم التيار تراجعات في موضوع المرفأ، فيما خوض الإنتخابات خارج التحالف مع الثنائي يُخسّره في عدد من الدوائر الحساسة.
علاقة «أمل» و «الوطني الحر» دخلت الدائرة الحمراء والمحظور، والخروج منها يحتاج اليوم، كما يقول المتابعون السياسيون، الى أكثر من تدخل حزب الله وتضافر عوامل معنوية وسياسية.