IMLebanon

حركة أمل

 

حركة أمل من الأطراف التي واكبت الأزمة اللبنانية منذ بداية الحرب اللبنانية. خمسة عشر عاماً من موقع المعارضة، وهذا موثق في تسجيل مصور لرئيسها يصول ويجول كلاماً من غير رحمة يدين فيه المنظومة الحاكمة يومذاك داعياً إياها إلى التنحي والرحيل، وخمسة وثلاثون عاماً بعد اتفاق الطائف صارت حركة أمل خلالها طرفاً فاعلاً في السلطة وجزءاً لا يتجزأ من «المنظومة».

 

بدأت الأزمة في سبعينات القرن الماضي، إذن عمرها خمسون عاماً، وما رقم الثلاثين الذي يتم تداوله إلا لتضييع الحقيقة. ذلك أن الأزمة بلغت ذروتها، خلال الخمسين لا الثلاثين، مرتين، في المرة الأولى حين اندلعت معارك ضارية بين أهل الطائفة الواحدة، بين حزب القوات وقائد الجيش ميشال عون وبين أمل و»حزب الله»، ترافقت مع انهيار مالي ونقدي، فهبطت قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار من ليرتين ونصف إلى ثلاثة آلاف ليرة. وفي المرة الثانية انفجرت حين حصل انهيار مالي ونقدي لا سابقة له في تاريخ الأنظمة الحديثة تسببت به منظومة الفساد والإفساد والنهب المنظم فهبطت قيمة العملة الوطنية هبوطاً كارثياً حتى بلغ أكثر من ثلاثين ألف ليرة مقابل دولار واحد، فاندلعت ثورة 17 تشرين.

 

في الانهيار الثاني حركة أمل هي الوحيدة التي استمرت طرفاً رئيسياً في التحالف الحاكم، فصار يصح رقم الثلاثين، ومن دون انقطاع، على رئيسها رئيساً دائماً للبرلمان، وعلى ممثليها في كل الحكومات طيلة ثلاثة عقود، مع أن أحدهم أدرج إسمه على لائحة المطلوبين للعدالة وآخر على لائحة المحكومين بالسجن.

 

حركة أمل تدخل إلى الانتخابات مبرئة نفسها من الأزمتين، مع أنها تتحمل جزءاً من المسؤولية عن الأولى مثل سائر المشاركين في الحرب الأهلية، وتتحمل المسؤولية عن الثانية أكثر من الآخرين لأنها الوحيدة من دونهم التي استمرت من غير انقطاع طرفاً نافذاً في السلطتين التشريعية والتنفيذية كما في كل أجهزة الدولة الإدارية والأمنية والعسكرية.

 

حركة أمل تدعو الناخبين إلى تجديد الثقة بنوابها والاقتراع لمرشحيها، لأن في ذلك، بحسب بياناتها الانتخابية، باباً وحيداً للنجاة من جهنم الموعودة، خصوصاً لأن جهنم هذه هي من بنات أفكار الرئيس عون ومن المعروف أن خيّال الشتائم والتهم المتبادلة يلعب بين الطرفين، منذ زلة البلطجي الباسيلية الشهيرة حتى آخر تصريح لصاحب الفخامة يتهم فيه حركة أمل بتعطيل التحقيق بانفجار المرفأ، ما اقتضى ويقتضي على الدوام أن يأتي الرد على لسان من فضّل طيلة حياته النيابية والوزارية أن يكون ممثلاً شخصياً لرئيس المجلس على أن يكون ممثلاً للأمة، لأن رئاسة المجلس في نظره فوق الأمة.

 

تشدد الحركة في بياناتها الانتخابية على تطبيق الدستور مع أنها المتهم الأول بتعطيله وبإقفال أبواب المجلس النيابي لأشهر طويلة وبالتهديد الدائم باستقالة الوزراء لحرمان الحكومة من «الميثاقية» وهي بدعة لا سند دستورياً لها ولا حماية لها غير التشبيح الميليشيوي. كما تشدد على التمسك بالديمقراطية، مع أنها «ابتكرت وأبدعت» في استخدام العنف رصاصاً من بنادق حرس المجلس النيابي واعتداءات وحشية من شبيحة جيرانه ومن الموتوسيكلات الحليفة، وآخر تلك الإبداعات التصدي للائحة المعارضة في الصرفند.

 

تتهرب بيانات الحركة من مواجهة القضايا الساخنة وتشيح عن معالجة الانهيار وأسبابه. فهي تركز على قضية العلاقات مع ليبيا وقضية استخراج النفط والغاز من البحر وترسيم الحدود مع إسرائيل، مع أن الانهيار الداهم ناجم عن أسباب أخرى في طليعتها إدارة شؤون الدولة بعقلية ميليشيوية لا تقيم وزناً للدستور ولا للقوانين وأن العلاج يبدأ بالإصلاحات السياسية والمالية التي رسمت معالمها الثورة اللبنانية منذ اليوم الأول وأكدتها نصائح الدول الصديقة والمؤسسات التي تتفوق على التحالف الحاكم في حرصها على مستقبل لبنان وعلى حياة اللبنانيين.

 

أمل معيارها استخدام السلطة لممارسة النفوذ، وهي مسؤولة أكثر من سواها عن تقويض أسس الدولة ومؤسساتها، منذ أن أوكل إليها نظام الوصاية ذلك، وآخر فعلاتها اعتداء الشرطي البلدي في الزرارية على مخفر قوى الأمن الداخلي. خلال وجودها في السلطة لم تحترم القيم الدستورية ولا الفصل بين السلطات ولا الكفاءة ولا تكافؤ الفرص.

 

أما الثورة فمعيارها الدولة، وهو في نظر أمل عدوان على نفوذها في السلطة. خوفها على هذا النفوذ سيدفع من استخدم النفوذ غير المشروع للإثراء غير المشروع إلى استخدام العنف. فلا يكون مستغرباً إذاك أن يحصل ما حصل في البلدتين في الزهراني، لأن هذا هو مآل الخطاب الخشبي وهذه هي ترجماته.