تضعف الدولة حالة الاهتراء التي تجتازها البلاد بفعل انقسامات القوى السياسية التي تشهر انحيازها الى السعودية او ايران وتحول دون قدرتها على معالجة الازمات التي تتراكم واحدة تلو أخرى. وما يقلق الدول الكبرى والامين العام للامم المتحدة هو تفتت للمؤسسات في لبنان تبلغه مجلس الامن في التقرير الذي قدمته منسقة الامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ قبل أيام نتيجة لخلو الجمهورية من رأسها. وتعود مسؤولية هذا التفتيت الى تخلي العدد الأكبر من رؤساء التيارات والأحزاب السياسية عن مسؤولياتهم في إعادة المؤسسات الى انتظامها وتحديدا عدد لا بأس به من النواب الذين تغيبوا عن الجلسات الـ26 التي دعا اليها الرئيس نبيه بري وسيظل يفعل كل ثلاثة اسابيع وسيبقى المعطلون من النواب على تعطيلهم لتأمين نصاب الجلسة لانتخاب رئيس للبلاد، إلا اذا تأكد رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” ميشال عون انه هو مرشح التسوية. إلا أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي دعاه من دون ان يسميه الى التخلي عن هذا الموقف يوم السبت واوحى انه اقرب الى خطاب المرشح سميرجعجع الذي ابدى استعداده لسحب ترشيحه لمرشح يقتنع بانه يؤمن ما يريده من الرئاسة، رغم ان النواب الذين يؤيدون انتخابه يحضرون الى مقر البرلمان لكنهم لا يؤمنون النصاب القانوني للجلسة الانتخابية عددياً.
وحضّ البطريرك “كل فريق على إعلان مرشحه الحيادي القادر والجامع لرئاسة الجمهورية”. وعلمت “النهار” ان مصادر قيادية ونيابية راجعت المرشحين لمعرفة اي مرشح تنطبق عليه هذه الصفات.
وافادت معلومات اخرى وردت الى بيروت ان أوساطا في الفاتيكان اوحت اسم مرشح كان قد تردد اسمه سابقا لكنه لا يلقى تأييدا من عون وليس له شعبية تمثيلية ولا تمثيلا نيابيا ولم يمارس العمل السياسي. ويؤكد مقربون من الرابية ان عون الذي يخوض معركة التعيينات الامنية والمطالبة بتعيين قائد جديد للجيش قبل حلول 21 ايلول المقبل، موعد انتهاء الولاية الممددة له، ربح من المعركة المستمرة عدم التمديد للعماد قهوجي وقطع الطريق على اي اتجاه الى تسليمه رئاسة الجمهورية.
وسئل ديبلوماسي غربي عن رأيه في النداء الجديد للراعي من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد، فتمنى “لو ان البطريرك اتبع اسلوبا مغايرا وتوجه الى النواب الموارنة المتخلفين عن حضور جلسات البرلمان بغير تحذير من خطورة الفراغ الرئاسي ومحاسن ملئه”، لكنه أشار الى ان على الجنرال ان يفهم عدم الرضى البطريركي لاستمراره في الترشح وعرقلة اكتمال النصاب لعقد جلسة الانتخاب.
ونبّه الى تسيب الامن، مشيراً الى جريمة قتل جورج الريف في وضح النهار في قلب الاشرفية.
وقال ان ترك قاتله يذبحه على الطريقة الداعشية ظاهرة خطرة ولا يمكن اعتبارها جريمة قتل عادية كباقي الجرائم، كما ان خطف خمسة تشيكيين في كفريا ليس دليلاً على استقرار أمني بل هو حادث أمني يجعل كل دولة اجنبية تحذر رعاياها من زيارة لبنان.
ولم يخف استغرابه ان يصل حال تفتيت المؤسسات الى العجز عن معالجة أزمة النفايات المطروحة منذ تسعة أشهر! وختم: “لا احد يمكنه التكهن بما ستؤول اليه الاوضاع في لبنان اذا استمرت حال المناكفات بين زعمائه”.