Site icon IMLebanon

سفير “داعش” في واشنطن!

يقول تقرير أصدرته مؤسسة الدراسات الاستشارية الأمنية في نيويورك ان هناك ما بين 27 ألفاً و٣١ ألف مقاتل أجنبي على الأقل التحقوا بتنظيم “داعش”، وان ٣٠٪‏ منهم سيعودون الى بلدانهم، وقياساً بالعمليات الإرهابية التي جرت في فرنسا ولندن وكاليفورنيا وبما خلفته من مشاعر عصابية عمياء ضد المسلمين في بعض الأوساط، بات من الضروري والملح التركيز على الحرب التي يشنها “داعش” في الغرب أكثر من التركيز على فظائعه المتنقلة بين الرقة والموصل!

ليس دونالد ترامب أول المعتوهين ولن يكون آخرهم في دعواته العنصرية ضد المسلمين الذين يريد ان يطردهم من أميركا، وليست مارين لوبن اول مجانين اليمين الأعمى في فرنسا ولن تكون آخرهم في دعواتها المتصاعدة الى إغلاق فرنسا في وجه المسلمين، ولهذا ليس كافياً كل ما قيل ويقال في سياق رفض هذه العنصرية البغيضة ودحضها، لا بيانات البيت الأبيض تكفي ولا تصريحات المتنورين في الغرب تكفي، ولا ما يصدر في العواصم الإسلامية كافياً، لمواجهة هذه الموجة المتصاعدة التي يمكن ان تقود الى ما هو أسوا بكثير من تصريحات البغضاء التي يمكن ان تتحول قرارات وسياسات في الدول الغربية.

ان تعميم الكراهية والمواقف التلقائية المعادية للمسلمين تعمل على خط الفسطاطين أي فسطاط الخير وفسطاط الشر اللذين تحدث عنهما أسامة بن لادن، وعندما نقرأ ما يقوله ترامب في كراهية المسلمين لن يكون مستغرباً إذا قلنا انه سفير “داعش” في واشنطن ومبعوث ابو بكر البغدادي الى أميركا، على الأقل لأن بث الكراهية يخدم “داعش” من خلال موجة الكراهية المضادة التي يمكن ان تتشكل.

كذلك عندما نستمع الى لوبن نستطيع بكل تأكيد ان نرى فيها سفيرة ممتازة لزرع البغضاء العنصرية التي تخدم “داعش”، وليس من المبالغة القول إن انحسار مساحة قبول الآخر في الثقافة الغربية لا يشكل طعنة لكل قيم الحرية والديموقراطية والحق الإنساني التي ينادي بها الغرب فحسب، بل تشكل نوعاً من ضخّ الظلامية الداعشية في هذه المجتمعات.

لا يجوز ان يقتصر النظر الى هذا التحول المرضي المخيف من خلال ما يقوله ترامب ولوبن مثلاً، لأن من الضروري ان نتذكر ان اليمين يصعد في بلدان كثيرة، لنتذكر الحس القومي المتطرف كيف ينمو في المجر وفي بولونيا، ولنتذكر المشاعر القومية التي تغلي في اسكوتلندا وفي كاتالونيا، ولن ننسى الصعود الملحوظ لأحزاب اليمين في اليونان والبرتغال، بما يعني اننا امام تحوّل خطير يحتاج الى ما هو أكثر من التصريحات سواء عندنا أو في الغرب!

هناك حاجة ملحة الى وضع استراتيجية شاملة تواجه هذا الدفع المتصاعد نحو نظرية صدام الحضارات وهذه مسؤولية مشتركة بين المتنورين في الغرب وفي الإسلام.