يوماً بعد يوم تتفاعل قضية النازحين السوريين، وسط انشغال المسؤولين في الدولة عن الحلول الناجعة في هذا الملف، بالتنسيق مع المنظمات الأممية الدولية، من أجل تأمين عودة آمنة لهؤلاء النازحين إلى بلدهم، ومن دون تعريض البلد لأكثر مما يحتمله. وفي ظل هذه الأجواء، لا تزال بعض أصوات النشاز من حلفاء نظام الأسد تخرج من هنا وهناك للدعوة إلى التواصل مع الحكومة السورية في هذا الملف، على الرغم من تأكيد الرئيس سعد الحريري في خطابه الأخير قبل أيام خلال تخريج دفعة من طلاب جامعة بيروت العربية أن «هذه الدعوات تشكل خروجاً مرفوضاً على قواعد النأي بالنفس التي توافقنا عليها ولا وظيفة لها إلا تقديم خدمات سياسية وأمنية مجانية لنظام الأسد»، مشدداً على أن «حكومة النظام في سوريا هي طرف أساسي في تهجير مئات آلاف المواطنين السوريين إلى الأراضي اللبنانية، فكيف يمكن لهذا الأمر أن يؤهلها للبحث بإعادتهم وحمايتهم؟».
سفير نظام الإجرام في لبنان علي عبد الكريم علي، الذي كان من أبرز المتبجحين قبل أيام في دعوة المسؤولين اللبنانيين إلى ضرورة «الحوار مع الحكومة السورية من أجل حل هذا الملف وعودة اللاجئين»، مهدداً بإبقاء اللاجئين في لبنان في حال لم يتم ذلك، إستمر في تشبيحه ووقاحته على اللبنانيين بالأمس متلطياً خلف الديبلوماسية ومتخطياً جميع الأعراف، ومتخذاً من منبر إحدى الوزارات التابعة للحكومة منبراً للتشبيح عليها مشترطاً على الحكومة لحل هذا الملف تفعيل التنسيق بين الحكومتين من خلال الجيش والسفارات، إذ أشار إلى أن «هناك تنسيقاً قائماً يجب أن يفعل بين الجيشين والأجهزة الأمنية، وهناك سفارتان تنسقان بنسبة ما ولكن أقل ما يتطلبه حجم هذا العبء الذي يعانيه لبنان»، لافتاً إلى أن «التنسيق قائم بين الحكومتين، ولكن يجب أن يفعل أولاً من أجل احترام الاثنين لبعضهما البعض ومن أجل احترام المؤسسات والمسؤولين والعلاقة بين الشقيقتين، وثانياً من أجل الوصول إلى أسرع طريق لمعالجة هذه المشكلة».
يبدو أن سفير نظام الإجرام قد تناسى كيف حوّل مقر سفارته بالتعاون مع حلفائه إلى «عنجر» و«بوريفاج» جديدين، يوم خطّطوا ونفذوا عمليات خطف لمعارضين سوريين ولبنانيين في لبنان، منهم المعارض شبلي العيسمي والأخوة الأربعة من آل جاسم والشيخ اللبناني عارف المعربوني وغيرهم من المعارضين الذين تم إستدراجهم وخطفهم من قبل النظام السوري وإخفاء أثرهم حتى اليوم.
سفير نظام «السارين» الذي يقدم الدروس الوطنية للبنانيين، والذي اعتبر في حديثه أن «هناك بعض اللبنانيين الذين كانوا ضالعين في تحريض السوريين على النزوح قبل ان تكون الأزمة أو توجد دواع لنزوح بعض السوريين» على حد زعمه، يبدو أنه تناسى كيف بدأ نظامه إطلاق النار على المتظاهرين العزل الذين كانوا يطالبون بحريتهم عندما كانت المظاهرات ضده «سلمية»، وكيف عمل هذا النظام لاحقاً على قصفهم بالأسلحة المحرمة دولياً وبالغازات السامة والكيماوي وبراميل المتفجرات التي اخترعها النظام، فكيف يكون بعض اللبنانيين أو الأردنيين أو الاتراك أو غيرهم هم من حرضوا هؤلاء النازحين على النزوح فيما همجية النظام وممارساته الشنيعة وإجرامه كانت السبب الرئيسي لتهجيرهم ونزوحهم ليس إلى لبنان فحسب بل إلى كل أصقاع العالم.
أما عن ضمان أمن العائدين من اللاجئين السوريين ودعوة المسؤولين إلى عدم الحديث بالإنابة عن الحكومة السورية والنظام، مستشهداً بـ «الاقبال الذي فاق طاقة السفارة وطاقة الشوارع على الاحتمال وقت الانتخابات الرئاسية بحيث جاء السوريون بمئات الآلاف لينتخبوا كرامتهم التي افتقدوها خارج سوريا» على حد وصفه، فلا بد من تذكير سفير التشبيح والبلطجة والسارين، بأن السوريين الذين قدموا إلى السفارة حينها مورست عليهم ضغوط من قبل «حزب الله» في مناطق نفوذه وتم تهديد آخرين بالقتل والإخفاء من قبل الأحزاب التي تدور في فلك السفارة والمخابرات السورية. وبدلاً من دعوة المسؤولين اللبنانيين إلى «الخروج من المكابرة والكلام غير المسؤول»، حبذا لو يتوقف علي عبد الكريم علي عن خرق الأعراف والأصول الديبلوماسية، والتي أصلاً لا إدراك له ولنظامه المجرم بها، وليكف عن الممارسات التشبيحية والمخابراتية تحت ستار الديبلوماسية، وليحترم السيادة اللبنانية والإجماع اللبناني على سياسة «النأي بالنفس» التي تضمنها البيان الوزاري لحكومة «استعادة الثقة» تجاه الأزمة السورية. ولكن يبدو أن السفير إياه يسير وفق مقولة «إن لم تستحِ فافعل ما شئت».