ينقل مصدر سياسي بعد لقائه بسفير غربي بارز قوله بأن اغلبية السياسيين اللبنانيين لا يريدون رئيساً للجمهورية وهذا ما تأكد منه خلال لقاءاته معهم، اذ يعتبر بأن الدول الاخرى تبدي اهتماماً بهذا الاستحقاق اكثر منهم، لانهم لا يأبهون إلا لمصالحهم الخاصة، ويشير السفير المذكور الى ان الملف الرئاسي يحوي العديد من التعقيدات الداخلية قبل الخارجية، وبالتالي فلا تسوية عليه إلا من خلال انتخاب مرشح توافقي لا ينتمي الى اي فريق سياسي في لبنان، ويعتبر بحسب ما نقل عنه المصدر السياسي بأن إضعاف الجمهورية يعني إضعاف المسيحييّن وموقعهم في لبنان، وعلى الزعماء المسيحيين ان يتوافقوا اولاً على إنتخاب رئيس للجمهورية لان القصة تتكرّر مع كل رئيس .
بدوره سأل المصدر السياسي «لماذا يصّر البعض على اعتماد سياسة التعطيل دائماً في الكثير من الاستحقاقات؟ ففي العام 2008 تم تعطيل الانتخابات الرئاسية ولم تحصل إلا بعد مشاهد مأساوية، ثم حصل شغور على خط التأليف الحكومي كما تجري العادة مع كل تشكيلة حكومية، بعدها حصل الخلاف على القانون الانتحابي فإنتهى بالتمديد للمجلس النيابي، وصولاً لقصة ابريق الزيت الحكومية التي إستمرت لأكثر من 11 شهراً لتشكيلها، امتداداً الى الشغور الرئاسي اليوم، مما يؤكد يقول المصدر بأننا لم نصل بعد الى حكم انفسنا وهذا معيب جداً، اذ آن الاوان ان يجلس الجميع من دون إستثناء حول طاولة مستديرة للبحث في مخاطر عدم إنتخاب رئيس جديد، والاستماع بروّية الى كلام البطريرك الراعي وملاقاة الصرخة التي يطلقها دائماً مع مجلس المطارنة الموارنة خلال إجتماعهم الشهري، وسط كل ما يجري من ازمات سياسية وامنية واقتصادية على الساحة اللبنانية، لافتاً الى ان السياسة في لبنان باتت مرتبطة بالخارج لدرجة ان القرار لم يعد لبنانياً، بفضل السياسييّن المنقسمين دائماً والمنتظرين موافقة السعودية وايران وغيرهما من الدول الفاعلة في الشرق الاوسط والغرب، او بمعنى ان لبنان ينتظر الضوء الاخضر في شتى المسائل المتعلقة به من تلك الدول، وقال: «للأسف لا نسمع سوى كلام فقط، فيما المطلوب الحلول السياسية الجذرية والقرارات التي توصل الى الانتاج الفعلي في كل القضايا».
وعن مدى الاخطارالامنية التي تحدق بلبنان اليوم جراء ما يجري في محيطه والتي تفرض توافقاً من فريقيّ 8 و14آذار، اشار المصدر الى ان الاخطار كبيرة وحقيقية وقابلة للتطور اكثر جراء ما نشهده يومياً، واعتبر انه لو بقي لبنان بمنأى عن الصراع الاقليمي وإلتزم الحياد لكان تجنّب كل هذه الويلات، اذ كان الحل الانسب لوضع البلد الذي تحوّل بفضل هذه الاخطاء الى وطن مرتهن لدول اقليمية، فنحن نريد لبنان الوطن اللبناني فقط لا غير، ونريد ان نعيش مع شركائنا في الوطن، مما يعني انه علينا جميعاً ان نناضل لتحقيق ذلك.
وحول صعوبة تحقيق كل هذا وسط الانقسامات السائدة حالياً، دعا الى تنازلات من قبل الفريقين، وإلا لن يكون هنالك رئيس للجمهورية في لبنان، مما يعني ان الرئيس ميشال سليمان سيكون آخر الرؤساء المسيحيين، وبالتالي فإذا أردنا فعلياً ان نخلّص لبنان من هذه المصاعب، علينا ان نكون يداً واحداً كلبنانييّن وكمسيحيّين لان دورنا كبير واساسي، كما ان انقسامنا أضعف لبنان، لذا علينا ان نتذكّر كيف كنا عندما تم وضع الميثاق الوطني. ورأى ان هنالك خطراً اليوم على هوية لبنان، وإذا زاد الانقسام بين السّنة والشيعة فلن يَسلم أحد، لان الخطر سيطال المسيحيين ايضاً، مبدياً تخوّفه من إمكانية حدوث خضة امنية كبيرة او إغتيال شخصية بارزة لفرض رئيس يكون على قياس البعض سياسياً، مما يعني ان ما يتحضّر للبنان يجب ان يوقظ ضمير المسؤولين، فيبادر جميع النواب اليوم قبل الغد الى انتخاب رئيس للجمهورية، لان البعض يتعامل مع الاستحقاق الرئاسي كأنه أمر ثانوي وعابر في الحياة السياسية في حين هنالك رمزية خاصة لدور الرئيس المسيحي.
وختم المصدر بأن ما يجري اليوم امنياً يقلقنا كثيراً نظراً الى العراقيل والتعقيدات القائمة، لافتاً الى ان الأيام المقبلة ستشهد تصعيداً خطيراً للصراع في لبنان اذ بات أي حادث يشكل ذريعة لإشعال الوضع الامني.