هذا الذلّ الذي يطارد اللبنانيين في مشاهد الطوابير مخيف جداً والأكثر خوفاً منه السكوت عليه وأخطر من الاثنيْن تحوّل نصف الشعب إلى تجّار سوق سوداء!! الأيام المقبلة كفيلة بجرّ لبنان إلى حيث لا يريد ولا نريد، الانفجار أم الفوضى مع تراكم الحديث عن الارتطام الكبير، هذا من دون أن نعرف بماذا سنرتطم ما دامت السفينة اللبنانية بلغت قعر الغرق واستقرّت في قاع مرٍّ بات من الصعب أن ينقذها منه أحد، في وجود هكذا نماذج من القيادات السياسيّة كانت تتراشق بالرّدح والشتم في الوقت الذي كانت أجنحة الدولار تصفّق صعوداً ساحقة اللبنانيين ولقمة عيشهم وأمان يومهم وغدهم على أبواب جهنّم الموعودة، التي يتراءى على أبوابها هول الانفجار المقبل!!
ظِلّ باراك أوباما يطارد المنطقة إلى حدّ دفع المملكة العربية السعودية للتحاور مع إيران التي لا يُؤمن لها جانب ولا يركن أبداً إلى وعودها وعهودها!! سبق وجرّب لبنان تعاون الفرنسيين والأميركيين وندرك أنّ تعنّت الاحتلال الإيراني للبلد قادرٌ على إفشال كل محاولات إنقاذه، يوم كانت إيران دولة ناشئة أخرجت بإرهابها الوجوديْن العسكريين الأميركي والفرنسي من لبنان، ويكاد يمضي عام على تفجير مرفأ بيروت وإطلاق الرئيس الفرنسي مبادرته التي منيت بفشل ذريع، فما الذي بإمكاننا انتظاره بعد إعلان وزيريْ الخارجية الأميركي والفرنسي تكثيف الجهود لإنقاذ الشعب اللبناني، في وقت يترقّب فيه الجميع ماذا ستكون ردّة فعل إيران في حال فشل مفاوضات استعادة الاتفاق النووي؟!
إبنة العشرة أشهر لم تهزّ ضمير الدولة والمؤسسات الاستشفائيّة ولا مستودعات الدواء التي تحتكر الدواء منذ وقت طويل في انتظار لوائح المدعوم وغير المدعوم، اللصوص الكبار والصغار وسلسال طويل من أبنائهم كأبناء إبليس لا يرفّ لهم جفن، وقد اعتاد اللبنانيّون أنّ الحال في لبنان لا يتغيّر إلا من سيئ إلى أسوأ بل بلغ الحال في هذه المرحلة منتهى السوء، ويُدرك اللبنانيّون أنّهم يعيشون بـ»اللطف الإلهي»، وعدم انتظار أي تحسّن يطرأ على الوضع مهما كان طفيفاً يساعد اللبنانيّين على الاستمرار، عدم الانتظار ينقذهم من الإحساس بالخيبات المتتالية من دولة تعدهم ولا تفي، فقد المواطن اللبناني ثقته نهائيّاً بكلّ الشعارات الحكومية والسياسيّة، لم تعد النّاس تحتمل هذه المهازل والاستهتار والعيش على هذا المنوال من القلق ومن المؤسف أنّه لا يوجد مسؤولون يأخذون البلد على محمل الجدّ ويقدّرون خطورة الصورة التي تركوها في أذهان العالم، وأنّ حدود غاياتهم هي تناتش السلطة والتكالب على الحصص من دون أدنى اكتراث للحال الذي بلغه الشعب!
البلد عالقٌ في نفق أسود لا منفذ له، والخناق يضيق على اللبنانيين الذين استكانوا لقرار صامت بوأدهم تحت انهيارات كلّ ما يتهاوى في البلد، لا يلام اللبنانيّون على حالة الخذلان والاستسلام التي يعيشونها حتى ملامسة الدولار العشرين ألف ليرة لن تجعلهم يخرجون إلى الشارع، عمليّاً يعيش اللبنانيون خيبة أمل فادحة ويدركون جيّداً أنّه ليس بمقدورهم التغيير بوجود فريق يملك السلاح ويسيطر على القرار، أمّا حركة ثلاثي السفراء الأميركي ـ الفرنسي ـ السعودي فتاريخ يعيد نفسه في حلقات مفرغة لن تسفر عن شيء أبداً!!