منذ اللحظة الأولى لتأليف الحكومة، تركّز الاهتمام، ولا سيما من جانب التيار الوطني الحر، على إنجاز خطّة الكهرباء. كان وزير الخارجية جبران باسيل يعتبرها «ضربة» العهد، ويراها رئيس الحكومة سعد الحريري إثباتا بأنها حكومة «إلى العمل». قدّمها الاثنان كأول مدخل إصلاحي للحصول على مساعدات مؤتمر «سيدر»، كون الجهات الراعية للمؤتمر فرضتها كشرط أساسي لدفع الأموال. لكن ما إن أقرت الخطة، حتى أخذت الدول الأوروبية موقفاً سلبياً منها. عبّرت عن توجّسها منها، لأنها لا تحقق «الشروط المطلوبة»، ولأنها «ناقصة وغير شفافة». هكذا يصفها سفراء أوروبيون خلال جلساتهم مع مسؤولين لبنانيين، معبّرين عن موقفهم بصفتهم سفراء لدول «الوصاية الاقتصادية».
قبل أيام، أعلنت وكالة التصنيف «ستاندرد أند بورز»، أن «خطة الموازنة في لبنان لخفض العجز لا تكفي لاستعادة الثقة»، وقد «لا يكون ذلك كافياً في حد ذاته لتحسين ثقة المودعين والمستثمرين». وليس لأي أحد أن يفاجأ بهذا التشكيك. فالجهات اللبنانية كانت تأمل بردود دولية مرحبة بالإجراءات التي تتخذها الحكومة، رغم أنها كانت تدرك الأجواء التي ينقلها الموفدون الدوليون، كما سفراء الدول «المانحة» في المجالس الخاصة. وفي أكثر من اجتماع، أبدى هؤلاء تحفظهم على الأداء اللبناني في ملف الموازنة. ولم تكن خطة الكهرباء استثناء في حديثهم. الأمر بالنسبة إليهم أشبه ما يكون بـ«ترقيع ثياب قديمة كي تُصبح على الموضة».
هذا ما أكدته مصادر نيابية على تواصل دائم مع السفراء، مشيرة إلى أنهم «نقلوا وجهة نظرهم هذه خلال الاجتماع الذي عقدته وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني مع الجهات المانحة والسفارات لدعم تنفيذ خطة الكهرباء منذ أسبوعين». خلال الاجتماع، «عبّر السفراء عن امتعاضهم من أن الخطة لم تتضمن تأليف الهيئة الناظمة ولا مجلس إدارة الكهرباء»، واعتبر هؤلاء أن «هذه الوعود التي تعهدت بها الدولة اللبنانية كان يجِب أن تتحقق قبل سيدر، إذ لا يُمكن إقرار خطة من دون الهيئة لأن ذلك يعني أنكم تسيرون بعكس هذه الوعود، وأنتم تظنون أنه يُمكن تأجيلها». ولم يقتنع السفراء بجواب البستاني التي أكدت «الالتزام بهيئات الرقابة ودائرة المناقصات»، معتبرين أن الجواب «غير مقنع»، ولا سيما أن أحد السفراء خلال تناوله موضوع الهيئة سأل عما إذا كان هناك تاريخ محدد لتأليفها.
وزيرة الطاقة نفت كل هذه «الشائعات»، مؤكدة أن «الحاضرين كانوا مرتاحين لسير الخطة وعبّروا عن ذلك، لأنهم لمسوا جدية في تنفيذ الآلية… وعلى سبيل المثال، حملة إزالة التعديات التي تدخل ضمن الخطة». وفي اتصال مع «الأخبار»، أشارت البستاني إلى أنهم «طرحوا أسئلة حول الهيئة الناظمة وهذا حقهم، لكننا شرحنا أن موضوع الهيئة الناظمة يحتاج إلى تعديل قانون تم الاتفاق عليه في جلسة مجلس النواب، وكان هناك توصية بتقديم تعديلات ننتظر بتّها».