بري يجد بالحوار الطريق الأقصر للحل.. وبكركي ترفضه وتجده من دون جدوى
هل الحماسة التي يبديها سفراء الخماسية في حركتهم الساعية الى تأمين مناخ توافقي يؤدي في نهاية المطاف الى انتخاب رئيس جمهوريه قائمة على معطيات محلية وخارجية مشجعة في هذا الاتجاه، أم ان ما يجري راهنا يأتي في سياق ملأ الفراغ الحاصل على الساحة السياسية نتيجة اعتماد البعض من القوى سياسة الأبواب المغلقة فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي؟
صحيح ان في الحركة بركة، غير أن ما يرجّح من معلومات حول لقاءات سفراء أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر والتي تجري بمواكبة مباشرة من اللجنة الخماسية نفسها وما يتم طرحه من قبلهم وما يتلقّونه من أجوبه لا يفيد بان هناك إمكانية لفتح كوة في جدار الأزمة الرئاسية في وقت قريب، لا بل ان المواقف التي تصدر عن هذا الفريق السياسي أو ذاك يؤشر الى ان الملف الرئاسي ما زال في مربعه الأول وأن المواقف المتصلبة ما تزال هي ذاتها منذ عدة شهور وكأن أولياء الأمر في هذا المجال لا يتحسسون حجم المخاطر التي تحدّق بالمنطقة ولبنان والتي تتطلب الليونة في المواقف للعبور في اتجاه ملء الشغور الرئاسي، خصوصا وأن أي تسوية مرتقبة لإطفاء الحريق في المنطقة تتطلب وجود رئيس للجمهورية وحكومة مكتملة الأوصاف ليكون لبنان قادرا على خوض غمار أي مفاوضات يمكن أن تحصل في سياق أي حل ان حصل.
من هنا فان المعلومات الموثوقة تؤكد بان سفراء «الخماسية» لا يحملون في جولتهم الجديدة على المسؤولين أي جديد وهم يركزون في أحاديثهم على كيفيه الاتفاق على إليه تشاوريه بين القوى السياسية لأن الثابت لديهم بأن الخارج يشكّل عاملاً مساعداً، بينما الحل يجب أن يتأتّى من الداخل وهذا لن يكون ممكنا من دون حصول حلقة تشاورية، أو حوارية بين المعنيين تؤدي الى التفاهم على انتخاب رئيس، مع العلم بان البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي كان صريحا وواضحا أمام السفراء خلال لقائهم في تكرار رفضه للحوار وأن الحل الوحيد برأيه هو الذهاب فورا لعقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس ومن يحصل على أكثرية الأصوات يفوز، معتبرا ان أي طريقا آخر سيكون شائكا ومعقّدا.
ووفقا للمعلومات فإن حركة السفراء ما تزال الى الأن تدور في الحلقة المفرغة، وأن ما حصل حتى الساعة لا يؤشر بان هناك متغيّرات مرتقبة من شأنها وضع الاستحقاق الرئاسي على النار ،مع ان هناك رصد ملحوظ في تغيير ولو ضئيل في المزاج الدولي تجاه الملف الرئاسي يميل الى ضرورة إتمام العملية الانتخابية بمعزل عن الحرب الدائرة في غزة.
أما لجهة اللقاء بين الرئيس بري والسفراء الخمسة فان المعلومات تؤكد بأن رئيس المجلس استمع عما إذا كان هناك من جديد لدى السفراء وكان لديه موقفا حاسما بان الحل يكمن في عقد جولات حوارية قائمة على أسس واضحة لا لبس فيها تحت قبه البرلمان وبعدها يصار الى عقد جلسات متتاليه لانتخاب رئيس مؤكداً بأن المشكلة معروفه المكان وعلى الأفرقاء السياسيين الذين رفضوا الحوار منذ بداية اطلاقه تحمّل المسؤولية وإدراك حقيقة واحدة وهي أن الحوار، ثم الحوار، هو الطريق الأقصر للوصول الى انتخاب رئيس وما عدا ذلك لا يمكن وصفه إلّا باللف والدوران من قبل هذه القوى.
وعليه فان سفراء «الخماسية» سيقومون في نهاية جولتهم باطلاع وزراء خارجية بلادهم على نتيجة هذه الجولات للبناء عليه، وان أي جولات مماثلة لن تكون قبل عيد الفطر والى ذاك الحين فانه من الممكن أن يطرأ تطورات إيجابية كانت أم سلبية من شأنها أن ترسم ملامح المرحلة المقبلة في لبنان، فان وضعت الحرب أوزارها في غزة والجنوب يكون انتخاب الرئيس ممكنا، وفي حال تعذّر ذلك فإننا سنكون أمام مزيد من الفراغ والتآكل في كل مفاصل الدولة.