IMLebanon

مصير المعرقلين على محكّ الخماسية

 

 

عودة سفراء الخماسية للتحرك الأسبوع المقبل، تضع الأفرقاء السياسيين اللبنانيين أمام مسؤولياتهم الوطنية، وتكشف مرة أخرى عجز القيادات المعنية عن تجاوز خلافاتها الأنانية، والعمل على التوصل إلى “صيغة خلاّقة”، تُخرج البلاد مما تتخبط فيه من أزمات. وتُنقذ الدولة من مهاوي الإنهيارات التى تتدحرج في وديانها.

فصل الإنتخابات الرئاسية عن حرب غزة، يجب أن يأخذ المنحى الجدّي، ويأخذ طريقه إلى التنفيذ العملي، لأن إصرار نتنياهو على تفشيل مفاوضات “الصفقة”، والإستمرار في الحرب حفاظاً على بقائه في السلطة مع حلفائه المتطرفين، يفرض على البلد المتأزم منذ فترة، العمل على تجاوز أزماته، وإيجاد الحلول المناسبة لها، ولو كان بعضها مؤقتاً، ليكون مستعداً لأي تطور مفاجئ في الإقليم، سواءٌ نجح نتنياهو في توريط الجميع، في حرب إقليمية شاملة، أو في حال نجحت الضغوط الأميركية في لجم إندفاعة المغامرة الليكودية الجديدة، وفرضت وقف إطلاق النار في غزة.

 

في كلتا الحالتين، على لبنان أن يكون قادراً على الجلوس على طاولة المفاوضات، ومواجهة ما قد تتمخَّض عنها من نتائج، متسلحاً بسلطة متماسكة وكاملة الصلاحيات الدستورية، من خلال إنتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة العتيدة، وما يمكن أن تحققه هذه الخطوات الأساسية من إرتياح في الداخل اللبناني، وتنفيس لإحتقان الخلافات المتشابكة، حتى داخل الطائفة الواحدة، فضلاً عن إستعادة، ولو الحد الأدنى، من أجواء التضامن الوطني في مواجهة التحديات المتوقعة.

المبادرة السعودية ــ الفرنسية في إعادة النبض إلى شرايين الخماسية، بعد زيارة الموفد الفرنسي لودريان إلى الرياض، وإجتماعاته مع مسؤول الملف اللبناني في الديوان الملكي المستشار نزار العلولا، وبحضور السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، يجب أن تُقابَل بخطوات إيجابية، وذات إيحاءات جدّية، تؤكد رغبة الأطراف اللبنانية في التجاوب مع كل ما يحقق مصالح البلاد والعباد، في هذه المرحلة البالغة الخطورة في المنطقة، حيث أصبح لبنان طرفاً في حرب غزة، من خلال جبهة الإسناد التي فتحها الحزب في الجنوب اللبناني، وربط وقف النار فيها ، بقرار وقف الحرب الإسرائيلية على غزة.

 

إن هدر الفرصة الجديدة التي أطلقتها الرياض لتمرير الإنتخابات الرئاسية، وإعادة الإنتظام للمؤسسات الدستورية والإدارات العامة، يعني التسليم بمخطط نتنياهو الخبيث، الرامي إلى إستمرار الحرب في غزة إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، حيث يظهر خيط ترامب الأبيض، الذي يراهن عليه رئيس الحكومة الإسرائيلية، من خيط هاريس الأسود، التي تعارض بقوة مماطلات نتنياهو بعرقلة وقف النار، والتمرد على المصالح الأميركية، مستغلاً الوضع الراهن للإدارة الحالية في الأسابيع الأخيرة لولاية بايدن.

وإذا كان ثمة من يُراهن على إمكانية تحمُّل الوضع اللبناني المهترئ أصلاً، إلى ما بعد الإنتخابات الأميركية في تشرين الثاني، وتسلّم الإدارة الجديدة الصلاحيات الدستورية في كانون الثاني من العام المقبل، وما يليها من فترة زمنية لتشكيل فريق عمل العهد الجديد، لا تقل عن الربيع المقبل، فهذا يعني أن أصحاب هذا الرهان يعيشون في كوكب آخر، أو في أبراجهم العاجية، ولا علاقة لهم بتردّيات الواقع اللبناني المتفاقمة يوماً بعد يوم، بل وأحياناً ساعة بعد ساعة، خاصة بعدما أصبح البلد وأهله الغلابى واقعين بين سندان الأزمات الإقتصادية والمعيشية، ومطرقة الإعتداءات الإسرائيلية اليومية، التي تزداد توسعاً، وتشتد عنفاً يوماً بعد يوم.

من المحزن فعلاً أن يكون الأشقاء العرب، وخاصة الأخوان في المملكة العربية السعودية، وقيادتها الشابة، أكثر حرصاً على الإستقرار في لبنان، بل وأكثر إدراكاً بالمخاطر المحدقة بوطن الأرز، من معظم القيادات اللبنانية التي تجترّ الشعارات الفارغة، ليل نهار، وتدّعي الدفاع عن مصالح البلد، وهي في الواقع تُقاتل من أجل الحفاظ على زعامتها الطائفية، ولو على حساب أمن الوطن وإستقراره.

وثمة مؤشرات توحي أن إنطلاقة العهد الجديد، وإطلاق ورشة إعادة بناء الدولة، سيتمان على أنقاض المعرقلين للخطوات الإنقاذية من الزعامات الطائفية، التي مازالت تقرأ في دفاتر الخلافات والمزايدات الزائفة، وتحاول عرقلة قيامة الدولة من جديد.

وإن غداً لناظره لقريب!