واشنطن تعمل لتولّي الملف اللبناني ورعاية تسوية تشمل الرئاسة والوضع الجنوبي –
هل تتجه الادارة الاميركية الى تجاوز “اللجنة الخماسية”، ومصادرة دورها للانفراد في العمل لتسوية تضمن اعادة الهدوء الى جبهة الجنوب وانتخاب رئيس للجمهورية؟ ثمة مؤشرات برزت مؤخرا تعزز هذا الاعتقاد، لا سيما بعد اندلاع حرب غزة والتداعيات الناجمة عنها .
منذ فترة غير قصيرة عجزت “الخماسية” المركزية عن عقد اجتماع لها، لاقرار خطة عمل تتعلق بالضغط على الاطراف اللبنانية من اجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولم ينجح عضو اللجنة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان خلال تحركاته الناشطة باتجاه السعودية وقطر، وتواصله مع الجانبين الاميركي والمصري، في التوصل الى اتفاق لاجتماع اللجنة في باريس او الرياض.
واذا كان السبب الظاهر لفشل هذا المسعى هو عدم التوصل الى خارطة طريق جديدة فعالة لـ “اللجنة الخماسية”، فان ما ظهر من مؤشرات يدل على ان الجانب الاميركي لم يكن متحمسا لعقد مثل هذا الاجتماع، بل عمد الى العمل على تأخيره، وربما الاجهاز عليه مسبقا .
ويقول مصدر سياسي ان الجانب الاميركي منذ اللحظة الاولى لم يكن مقتنعا بـ “اللجنة الخماسية”، ولم يقدم اي اقتراح ملموس في اطار السعي لانجاز وحسم الملف الرئاسي اللبناني، مكتفيا بابداء موقف مشابه للمواقف العمومية، التي تعلنها الادارة الاميركية تجاه الاستحقاق الرئاسي في مناسبات مختلفة .
ويضيف المصدر ان تحرك سفراء دول “الخماسية” في لبنان مؤخرا، يقتصر على تعبئة الوقت او ملء فراغ غياب اللجنة على المستوى المركزي . وفي اجتماعهما في مقرّيِ السفيرين السعودي والفرنسي، واللقاءات مع الرئيس بري وقيادات ومرجعيات لبنانية، لم يطرح السفراء صيغة او خطة عمل محددة للمساهمة بشكل فعلي للدفع باتجاه انتخاب رئيس الجمهورية .
ويقول نائب ناشط مع الاوساط الديبلوماسية انه لم يسمع من السفراء الخمسة انهم بحثوا او اتفقوا على خطة عمل بشأن الاستحقاق الرئاسي، وان كل ما يجري هو مجرد تبادل آراء بينهم لا يرتقي الى مستوى الاتفاق على خطة عمل محددة، او خارطة طريق لانجاز الملف الرئاسي، وما يجري بين السفراء هو نسخة طبق الاصل لما يجري بين اعضاء اللجنة .
ويضيف ان السفراء في حراكهم الاخير اعربوا صراحة انهم ليسوا في صدد طرح خطة او صيغة لانتخاب الرئيس، وان مثل هذا الامر هو مسؤولية لبنانية، وكل ما يفعلونه هو الضغط وحث الاطراف اللبنانية للاسراع في انتخاب الرئيس، وعدم انتظار انتهاء او ربط هذا الاستحقاق بحرب غزة .
وبرأي المصدر النيابي ان الاشارة الجدية لتقدم “اللجنة الخماسية”، هي في عودة الموفد الفرنسي لودريان الى لبنان، واجتماعها المرجح في المملكة العربية السعودية . لكن هذا لم يحصل حتى الآن، ولم تظهر مؤشرات على حصوله قريبا .
وبغض النظر عن درجة تهديد السفيرة الاميركية ليزا جونسون بالخروج من اللجنة، فان ما نقل عنها وموقفها الاعتراضي على اداء هذه اللجنة، كان واضحا وشديدا احيانا . ولم تخف جونسون انتقادها لاسلوب “الخماسية”، متحدثة عن الحاجة الى اسلوب ومسار آخر مختلف، يمكن ان يساهم جديا في الضغط على الاطراف اللبنانية لانتخاب رئيس الجمهورية .
ويقول قيادي لبناني ان كل الدلائل والمؤشرات تدل على ان الجانب الاميركي، قرر اليوم تظهير موقفه تجاه موضوع الاستحقاق الرئاسي، وانه بصدد تولي المهمة منفردا او بشكل اساسي وبـ “شراكة” محدودة مع أعضاء “اللجنة الخماسية” .
وعما اذا كان الاميركي يسعى الى انجاز ملف الرئاسة قبل التسوية المتعلقة بالوضع الجنوبي ام بعدها، يقول ” الاعتقاد السائد والمؤشرات حتى الآن تدل على انهما سيتلازمان . وما صار شبه مؤكد ان الادارة الاميركية تريد ان تتولى كل شيء، وان تلزم تنفيذ التسوية التي ستتوصل اليها لدول اعضاء “الخماسية” وغيرها “.
واللافت ان هذا الموقف جاء مترافقا مع تنامي الحديث عن الاتجاه لتولي الموفد الاميركي اموس هوكشتاين شخصيا ملف رئاسة الجمهورية، بالاضافة الى ملف الجنوب .