حكومة الوحدة الوطنية تفترض تواضع كل القوى لإستيعاب تداعيات مرتقبة
الإلتباسات ترافق التسمية والتأليف.. والمناخ الدولي منقسم
ثمة من يتوقع الأسوأ في مسار الضغط الأميركي على لبنان ويتداول في أسماء حلفاء لحزب الله ستترك وقعاً كبيراً
أضفى التداخل الدولي في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، في ضوء العقوبات الأميركية – الخليجية على قيادة حزب الله وتصنيفه إرهابيا بشقيه العسكري والسياسي، مزيدا من التعقيد في المشهد المحلي المعقّد أصلا بفعل التداعيات الناتجة من الإنتخابات وما يجري من إعادة خلط أوراق داخلي وإقليمي.
شاب الاتصالات والمشاورات التي شهدتها الساعات الأخيرة في شأن الاستحقاق الحكومي تحديدا، الكثير من الحذر، نظرا الى ما هو متوقع من إنعكاسات وربما تعقيدات على عمليتي تسمية الرئيس العتيد للحكومة ومن ثم تشكيلها. ذلك أن الالتباس زاد نتيجة مجموعة من التعقيدات المستجدة، منها:
أ- هل لا يزال بإمكان الرئيس سعد الحريري الاستمرار في معادلة ربط النزاع مع حزب الله، وتاليا ترؤسه حكومة تضم ممثلين للحزب المسمّى إرهابيا في العرفين الخليجي والأميركي؟
ب – هل يرضى حزب القوات اللبنانية أن يتمثّل في حكومة تضم ممثلين لـ«حزب الله»، في حال قرر الحريري الحفاظ على ربط النزاع الذي صار موازيا للاستقرار الداخلي؟
جـ – وفي حال قرر الرئيس الحريري فك ربط النزاع مع الحزب، هل يضمن عودته الى رئاسة الحكومة؟ صحيح أن حزب الله لن يسمّيه (هو على الأرجح سيمتنع عن تسمية أي مرشح لرئاسة الحكومة)، لكنه سهّل ترؤسه «حكومة استعادة الثقة» من ضمن أسس التسوية التي أنتجت إنتخاب الرئيس ميشال عون. فهل سيسهّل الحزب تسميته للحكومة الثانية في حال قرر الحريري التشكيل بغيابه؟
د – ما الذي سيكون عليه موقف حلفاء حزب الله من مجمل هذا التعقيد الحكومي؟
هـ – أبعد من ذلك، هل تستمر التسوية الرئاسية في حال فقدت أحد أجنحتها الداعمة (حزب الله)؟ وأي مسار سيكون عليه البلد في حال تفككت أصر هذه التسوية؟
و – من سيخرج رابحا (أو حتى سالما) من كل هذه المعمعة، وفي ظل موازين القوى التي أفرزتها الإنتخابات؟
ز – في المقابل، هل يسيرٌ ثمن خروج الرئيس الحريري أو إعتكافه أو حتى إخراجه من رئاسة الحكومة؟ وهل لدى أي من الأطراف المحليين القدرة على إستيعاب واحتمال تداعيات هذه المسألة؟ وهل من اسم يقبل بأن يكون بديلا في رئاسة الحكومة؟
لا ريب أن المشاورات التي تكثفت في الساعات الـ48 الفائتة تناولت كل ما سبق، في ظل تقارير ومعلومات متفاوتة عن الموقف الدولي، وخصوصا الأميركي، من إستحقاقي رئاسة الحكومة والتأليف:
1- ثمة من يجزم أن لا تأثير مباشرا للعقوبات أو لأي إجراءات مماثلة على الشأن الحكومي، إنطلاقا من حرص عواصم القرار على الإستقرار الداخلي، وتاليا على الستاتيكو الذي لا يزال يحكم المعادلة اللبنانية. بمعنى آخر، سيسلك الشأن الحكومي مسارا سلسا بعيدا من أي تعقيدات أو تهويل بها.
2- وثمة في المقابل من يتوقع الأسوأ في مسار الضغط الأميركي على لبنان. ويُتداول في أسماء حلفاء لـ«حزب الله» من المحتمل أن تدرجها واشنطن في لائحة العقوبات. وإسمان تحديدا من اللائحة المحدّثة سيتركان وقعا كبيرا، وهما من خارج السياق المعهود للعقوبات.
وربما بسبب هذه المعطيات، خرج رئيس الجمهورية أمس بموقف لافت من مسألة التأليف الوزاري، بتأكيده ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهي إشارة بالغة الأهمية الى ما ينتظر لبنان من تحديات في المرحلة المقبلة، يُنتظر أن يتلقفها مختلف القوى، بما فيها تلك التي تطرح مطالب غير واقعية، إن لناحية عدد المقاعد أو نوعيتها.
وربما يتعيّن على حزب الله أيضا أن يدير بدقّة ما يصبو اليه هو وحلفاؤه والجبهات النيابية المستجدّة.