Site icon IMLebanon

غموض تداعيات عملية «حزب الله» لا يقلّل من خطورتها

 

رغم عدم اتضاح حجم التداعيات التي ستنجم عن هجوم «حزب الله» أمس على دورية إسرائيلية أسفر عن مقتل عسكريين اثنين على الأقل، تحركت هواجس اللبنانيين خشية ضربة إسرائيلية تذكر بعدوان صيف 2006 الذي أتى كبيراً بدرجة لم تتوقعها حتى قيادة الحزب حينها وفق ما عبر عنه أمينه العام حسن نصر الله بعدها بقوله «لو كنت أعلم».

فالوضع خطير بغض النظر عن حجم التداعيات رغم تركيز المحللين الدائرين في فلك «حزب الله» على «الذكاء» في اختيار مكان العملية حتى لا تتذرع إسرائيل بها لتشن حرباً كما عام 2006 عندما نفذ عمليته خلف الخط الأزرق. فعملية الأمس استهدفت دورية في منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها والتي بقيت خارج جغرافيا القرار الدولي 1701 لأنها وفق الأمم المتحدة تخضع لمنطوق القرار 242 الخاص بسوريا. لكن هذه المزارع لبنانية ومنطوق القرار 1701 يقضي بوقف العمليات العسكرية بين الطرفين على الأراضي اللبنانية بحيث يمكن اعتبار عملية «حزب الله» خرقاً له، خلافاً للغارة الإسرائيلية على القنيطرة السورية التي حصدت ستة من كبار قياديي «حزب الله» وجنرالاً إيرانياً رفيعاً قبل عشرة أيام، والتي أتت عملية الأمس ثأراً لهم.

فـ»حزب الله« لا يريد حرباً واسعة تتناقض والاستراتيجية الإيرانية التي درج على تنفيذ مقتضياتها لكنه بحاجة الى حفظ ماء الوجه والاثبات لجمهوره، الذي يعاني من حجم الخسائر الناجمة عن التورط في المستنقع السوري، بأنه لا يتهيب مواجهة إسرائيل وأنه ما زال قادراً على أن يفي بما وعد به. فبعد أن أعاد نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم قبل أيام قليلة إحياء ثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة» جدد الحزب بعمليته التذكير بأن قرار الحرب والسلم في جيبه وحده.

ويشير ديبلوماسي غربي في بيروت الى أن الدقة في اختيار موقع العملية سببه رسالة إسرائيلية حملها موفد روسي الى بشار الأسد مفادها أن توسيع الرقعة وجر لبنان وسوريا الى مواقع لا يمكن للحزب ضبطها، بمعنى اندلاع حرب شاملة في المنطقة ستكون أولى نتائجها الحتمية التخلص منه شخصياً.

أما إيران فمن الواضح أنها لم ترد مباشرة على «استشهاد» جنرالها الرفيع لأنها لا تريد أن تعكر أجواء مفاوضاتها التي يُقال إنها باتت في ربع الساعة الأخير، كما أنها لا تريد التفريط بالجهود الكبيرة التي تبذلها لتعويم الأسد.

ولا يتوقع المصدر أن تتمادى إسرائيل رغم عدوانيتها المعروفة بردّ يتخطى حدود الأراضي المتاخمة لمزارع شبعا، رغم تذكير نتنياهو بعدوان 2006 الذي أسقط نحو 1300 قتيل إضافة الى نزوح مئات الآلاف والى أضرار مادية بمليارات الدولارات من جهة وبالعدوان الأخير على غزة من جهة أخرى، فالولايات المتحدة سارعت الى رسم سقف الرد الإسرائيلي على ما وصفته بأنه «حادث خطير» لكنه «لا يستدعي نشوب حرب»، فهي لا تريد التشويش على صفو مفاوضات الملف النووي الإيراني خصوصاً في ظل رغبتها الجامحة بإنجاز يغطي على سائر إخفاقات الرئيس باراك أوباما.

لكن الخشية تبقى قائمة، رغم أن إسرائيل لا تتحدى الولايات المتحدة عند اتخاذ قرارات كبيرة، إذ من الصعب على نتنياهو أن يفوت فرصة الذريعة التي قدمها له «حزب الله» على طبق من فضة في توقيت شديد الدقة فإن توسع بالرد يغضب الأميركيين وإن لم يتوسع يتيح لمنافسية الهجوم عليه قبيل أسابيع قليلة على انتخابات الكنيست التي ستحدد نتائجها مصيره.

أما لبنان الرسمي فكل ما بيده بذل جهود ديبلوماسية لخفض منسوب العدوانية الإسرائيلية، خصوصاً أن ردّاً يهجر أبناء الجنوب سيشكل أزمة كبيرة في ظل انعدام منفذ الى سوريا يحتضن أعداداً كبيرة كما في صيف 2006، إضافة الى وجود نحو مليون ونصف مليون نازح سوري.