IMLebanon

تعديل تقاعد العسكريين بين سقف السنّ والسقف السياسي

وقّع وزير الدفاع سمير مقبل مشروع قانون اعدته الاسلاك العسكرية والامنية لتعديل نظام سن التقاعد من الخدمة توطئة لرفعه الى مجلس الوزراء، ويشمل الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام وامن الدولة والضابطة الجمركية

بعد خمسة اشهر على تكليف مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل اعداد مشروع قانون تعديل سن تقاعد العسكريين في الخدمة في القوى المسلحة، انجزت امس لجنة ترأسها مقبل تمثلت فيها اسلاك الجيش وقوى الامن الداخلي والامن العام وامن الدولة والضابطة الجمركية مشروع القانون، ورفعته الى رئيسها الذي وقعه بدوره، في محاولة تحتمل اكثر من تفسير عن دوافع الخوض في هذا التعديل ومبرراته.

الا انه يتزامن مع استحقاقات وشيكة تتحضر لها الاسلاك العسكرية في الاشهر القليلة المقبلة، تنتهي باحالة قائد الجيش العماد جان قهوجي على التقاعد في ايلول 2015، وقبله بشهر يحال رئيس الاركان اللواء وليد سلمان على التقاعد. على مرّ هذا الوقت يحال الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير على التقاعد في اواخر شباط، يليه المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص في حزيران، اضف قائد الدرك العميد الياس سعادة، ما يؤدي حكما ــــ ما لم يصر الى تدارك الفراغ ــــ الى انتقال المديرية العامة من ضابط سني الى آخر شيعي هو الضابط الاعلى رتبة يخلف بصبوص، قائد جهاز أمن السفارات العميد نبيل مظلوم.

يستعيد هذا الاستحقاق جدلا بدأ ابان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ولم يوصد بعد، هو ان ثلاثة من الاعضاء الستة في المجلس العسكري لا يزالون شاغرين (مدير الادارة الشيعي والمفتش العام الارثوذكسي والعضو المتفرغ الكاثوليكي)، فكيف بخروج العضو السني الامين العام خير بعد شهرين، علما ان رئيس الحكومة تمام سلام يفكر في تأجيل تسريحه.

جملة معطيات تراكمت، فتحت الباب امام الخوض في تعديل سن التقاعد الذي يصطدم بدوره بعقبات امراره في مجلس الوزراء، ومن ثم في طريقه الى مجلس النواب، في مرحلة يسابقها الوقت في ظل استمرار الشغور الرئاسي وتسارع التحديات العسكرية والامنية.

الا ان مشروع القانون، رغم موافقة الاسلاك العسكرية والامنية عليه، يواجه هو الآخر اكثر من رأي من داخل لجنة الاعداد، بين قائل باستعجال بته في مجلس الوزراء ومن ثم في مجلس النواب كقوى الامن الداخلي والامن العام، وبين متريث كالجيش وامن الدولة والضابطة الجمركية. في جانب من عدم حماسة قهوجي استعجال وضعه موضع التنفيذ، حذره من ان يُنظر اليه على انه المستفيد الرئيسي منه كونه، دون سواه من قادة الاسلاك العسكرية والامنية، لا يزال في الخدمة بعد تأجيل تسريحه في ضوء مذكرة اصدرها وزير الدفاع فايز غصن قبل اكثر من سنة أرجأت التسريح الى ايلول 2015.

وكانت اثيرت ضجة من حول تمديد خدمة قهوجي في الجيش على رأس المؤسسة العسكرية، الى جدل حيال قانونيته، ناهيك بجدية الظروف الاستثنائية التي اوجبت تأجيل تسريحه، تحت وطأة تعذّر حكومة ميقاتي ــــ من فرط تباين الرأي فيها آنذاك ــــ عن تعيين خلف له قبيل احالته على التقاعد، ما دفع الى خيار غير مسبوق في المؤسسة العسكرية التي يعين قائدها في مجلس الوزراء بنصاب بالثلثين، فإذا تأجيل تسريح قهوجي بتوقيع وزير ليس الا.

على ان لقائد الجيش حجة اخرى ترتبط بتبرير استمرار وجوده في منصبه، وان من خلال مذكرة وقعها وزير، هي انه يعتبر بقاءه على رأس المؤسسة العسكرية جزءا لا يتجزأ من قرار سياسي اقليمي يرتبط بالاستقرار في لبنان، والستاتيكو السياسي الذي يمسك بموازين القوى الداخلية فيه، والدور المنوط بالجيش في مواجهة الارهاب، وفي ظل الشغور في رئاسة الجمهورية، على ان التئام مجلس النواب لانتخاب الرئيس ومن ثم تأليف حكومة جديدة يفضي حكما الى انتفاء الحاجة الى استمرار تأجيل التسريح. وتبعا لذلك احالة قهوجي على التقاعد، بتعيين قائد جديد في العهد المقبل.

بيد ان تجاذب الموقف من العجلة في بته، لم يقلل من بضع ايجابيات يدافع عنها اصحابها، منها:

ــــ ان رفع سن تقاعد قائد الجيش الى 63 عاما، وهو الاعلى في سلسلة رتب الضباط في الاسلاك كلها، يظل تحت سقف التقاعد النافذ في الادارة اللبنانية الذي هو 64 عاما.

ــــ ان سن تقاعد العسكريين في لبنان هي الادنى قياسا بجداول سني التقاعد الملحوظة في انظمة الاسلاك العسكرية والامنية في دول عدة عربية واجنبية.

ــــ ان تمديد سن التقاعد يتيح الاستفادة من مراكمة خبرات الضباط والعسكريين الذين تتكبد القيادة مبالغ طائلة على تمكينهم من مهاراتهم واحترافهم العسكري سنوات اضافية.

ــــ من شأن المشروع تخفيف العبء التقاعدي واضطرار القيادة الى احلال عسكريين آخرين محل الخارجين من الخدمة، في وقت يكون من المفيد الابقاء عليهم.