اليوم ينعقد مجلس الوزراء، لدرس ومناقشة خطة الكهرباء التي وضعتها وزارة الطاقة كحلّ نهائي لازمة الكهرباء التي يعاني منها لبنان منذ العام 1992 اضافة الى بندين اساسيين لتحسين اداء وزارة الطاقة، هما تعيين مجلس ادارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان وتنفيذ قانون انشاء الهيئة الناظمة الذي اخذ ويأخذ جدلا كبيرا بين رفض وزيرة الطاقة انشاء الهيئة بحجّة تضارب الصلاحيات، وبين عدد من وزراء اللجنة الوزارية الذين يصرّون على احترام المبدأ الذي يقول ان القوانين وجدت لتنفّذ لا لترمى في سلال المهملات كما هو الحال في العديد من القوانين التي كان تنفيذها في الوقت الذي صدرت فيه، خطوة متقدمة لمحاربة الفساد.
وزير العمل كميل ابو سليمان احد وزراء القوات اللبنانية في اللجنة الوزارية كشف في لقاء «تلفزيوني امس عددا من النقاط التي تم تعديلها في خطة وزارة الطاقة يستشفّ منها انها كانت تعديلات اساسية وهامة، وليس تعديلات «طفيفة وغير ذي شأن» كما حاول وزير الاعلام ووزيرة الطاقة ان يصوّرانها: وهذه التعديلات حققت وفرا ماديا محترما، وتماسكا للخطة قابلا للتنفيذ، واذا تم الاتفاق اليوم على تعيين ادارة جديدة لمؤسسة الكهرباء، وانشاء الهيئة الناظمة، يمكن القول ان لبنان قد نفّذ مطلبا اساسيا من مطالب مؤتمر «سيدر».
الخطوة الثانية الاساسية التي كان يفترض ان تنجز منذ مدة هي موازنة الدولة التقشفية التي ينتظر ان تحقق تخفيضا للعجز في الموازنة يتراوح بين اثنين ونصف وثلاثة بالمئة والمطلوب ان يتمّ دراستها في مجلس الوزراء بسرعة لاحالتها الى مجلس النواب ومناقشتها واقرارها والتأكيد على الالتزام بها من قبل الوزراء، وخصوصا وزير المال الذي يفترض به ان يكون حارس المال وعدم الموافقة على اي انفاق غير وارد في الموازنة.
* * *
الموضوع الثالث الذي شغل الرأي العام اللبناني، والدول المانحة في مؤتمر سيدر، كان الهجوم غير المبرّر لوزير الاقتصاد منصور بطيش، لا في المضمون ولا في الشكل ولا في التوقيت، على حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، وبدا الهجوم، وكأن هناك خطة متعمدّة لتحميل سلامة مسؤولية تدهور الاقتصاد، مع ان مسؤولية المصرف محصورة بحماية العملة الوطنية والدفاع عنها بتدابير وسياسات حكيمة لجأ اليها الحاكم في كل ازمة داخلية وخارجية، وما اكثرها في لبنان وفي العالم، ويمكن القول وفق مراجع مالية واقتصادية، ان امتناع سلامة عن الردّ، شعورا منه بخطورة المرحلة، وعدم تجاوب جميع الكتل النيابية، حتى الكتلة التي ينتمي اليها بطيش، والاوساط المالية والاقتصادية حالا دون وقوع لبنان في مأزق لا يمكن ان يخرج منه سالما.
يبقى هناك امر واحد على الحكومة والحكم، مقاربته بكثير من الحكمة والشعور بالمسؤولية، هو التفريق بين موظفين يقبضون ولا يعملون وهؤلاء لا يجب تخفيض رواتبهم بل يجب صرفهم من الخدمة اما الذين دفعوا دماءهم ثمنا للدفاع عن لبنان، يجب التعاطي معهم بكثير من التفهّم وعدم المسّ برواتبهم، ويكفي اللجوء الى وقف التدابير الاستثنائية التي تكلّف الدولة نفقات لم يعد ممكنا توفيرها الان.