IMLebanon

أميركا «عالمكشوف»  

 

 

فوجئ الكثيرون في لبنان والعالم بما رافق عملية الإنتخاب الرئاسي في الولايات المتحدة الأميركية وما أعقبها بالذات في فرز الأصوات، ليس فقط من حيث تعقيدات القانون والآلية، إنما أيضاً من خلال المواقف المُذهلة التي «يقودها» الرئيس دونالد ترامب، وأقلّ ما يُقال فيها إنها تدعو إلى الإستغراب الشديد.

 

هذا الرئيس الذي شغل العالم وأقام الدنيا ولم يُقعدها طوال السنوات الأربع الماضية، والذي قدّم نفسه إلى العالم كلّه، وليس إلى الشعب الأميركي وحده، بأنه الحاكم مطلق الصلاحيات من خلال أقواله وتصرّفاته التي كان الكثير منها خارج المعقول والمنطق والمألوف… هذا الرئيس من يُصدّق أنه يشكو موظفين يُشرفون على عمليات فرز الأصوات في بعض الولايات التي لم ينل فيها الأكثرية؟ ومن يصدّق أنه يُقدم على القول إنه سيُعلن فوزه في الرئاسة (اليوم الجمعة) مهما كانت النتيجة التي ستصدر رسمياً؟ ومن لا يُذهله الكلام على التزوير والتلاعب بالنتائج، وزيادة مئات آلاف الأصوات لمصلحة هذا أو ذاك واشتراك متوفّين في الإنتخاب وغير مسجّلين كذلك، حتى ولو كان هذا القول مبالغاً فيه؟!.

 

إنها الولايات المتحدة الأميركية التي أسقط عنها ترامب كلّ غطاء وتركها مكشوفةً أمام أعين العالم وكأن إنتخاباتها الرئاسية هذه قد حدثت في آخر بلد من بلدان العالم الثالث. ليس بضرورة الفعل إنما بما يُرافقها من أقوال وتصرّفات وتشنّج واستنفار.

 

ولمن لا يعرف فإنّ «الحديدة حامية» جداً في الشارع الأميركي تقليدياً. هذه الدولة التي تتحكّم بمصائر بلدان وشعوب تنتشر فيها مئات، أجل مئات، الميليشيات المسلّحة أمثال:

 

حركة Boogaloo التي تؤمن بتفوّق العرق الأبيض ولديها مجموعة إمتدادات مسلّحة في غير ولاية. وميليشيا حَفَظة القسَم (Oath Keepers) التي تضمّ 35 ألف عنصر مسلّح وترفع شعار «حماية الدستور بالعنف أو بالسلم»، وحركة «الثلاثة بالمئة» (3 Percent Movement) التي تُعارض تدخّل الحكومة الفيدرالية في الشأن المحلي للولايات وتُعلن عن إستعدادها لمقاومة الجيش بالسلاح عند الضرورة.

 

إلى ذلك، تُسجّل الولايات المتحدة 17,500 جريمة قتل سنوياً ناهيك بالقتل الجماعي الذي يُطاول الأبرياء من تلامذة مدارس وطلاب جامعات ومُشاة في الشارع وروّاد الملاهي والمقاهي ودور السينما إلخ، إلى ذلك هناك نحو 135,000 عملية إغتصاب سنوياً إلخ…

 

في هذه الأجواء المُهيَّأة سلفاً للعنف والقلاقل وسفك الدماء جاء ما تشهده الإنتخابات الرئاسية من تشنّج وتحريض ليصبّ الزيت على النار ما يجعل المستقبل مفتوحاً على أسوأ الإحتمالات. علّ دعوات المعتدلين إلى التهدئة والأخذ بنتائج الفرز أياً كانت تلقى آذاناً صاغية.