تتريّث أوساط نيابية مطّلعة، في إبداء أي موقف إيجابي في مشهد التفاوض بين لبنان وصندوق النقد الدولي، وتكشف أن العملية تزامنت في انطلاقتها مع لحظة ديبلوماسية غربية بالغة الحساسية، في ظل بروز معالم ضغط دولي بدأ من الأمم المتحدة وصولاً إلى عواصم غربية فاعلة، على الحكومة اللبنانية كما على «حزب الله»، الداعم لها وفق المواقف الصادرة أخيراً من أكثر من جهة دولية. وهذا التزامن قد يترك تداعيات سلبية على الواقع الحكومي الحالي، وفق الأوساط النيابية، وخصوصاً بالنسبة للمقاربة الدولية لبرنامج الحكومة للإنقاذ المالي، والذي تجري مناقشة تفاصيله اليوم مع صندوق النقد.
ومن ضمن هذا السياق، تقرأ الأوساط النيابية المطّلعة، في الموقف الأخير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي دعا إلى قيام الدولة اللبنانية والجيش بسحب سلاح «حزب الله»، تطوراً مفاجئاً في المقاربة الأممية المستجدّة إزاء الواقع اللبناني، وذلك في الوقت الذي يواجه لبنان جملة تحدّيات تتعدّد ما بين تحدّي عودة الإنتشار الوبائي لفيروس «كورونا»، وتحدّي الأزمة المالية وتحدّي الإنهيار الإقتصادي، وصولاً إلى تحدّي عودة اللبنانيين المنتفضين إلى الشارع بسبب الغلاء الفاحش، وارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من خمسين في المئة من الشعب اللبناني.
وإزاء هذه المستجدّات، تطرح الأوساط نفسها، تساؤلات حول التوجّه الدولي لدعم خطة التعافي والإنقاذ الحكومي من خلال صندوق النقد الدولي، وهو ما برز في البيان الأخير الصادر عن مجموعة الدعم الدولية التي طالبت المجتمع الدولي بدعم هذه الخطة لمواجهة الأزمة المالية والإقتصادية من جهة، والموقف الأممي الذي تزامن مع تشدّد أميركي متجدّد من الحكومة و«حزب الله» من جهة أخرى. وتوضح أن هذه القرارات الأممية والأميركية تنذر بمرحلة من التصعيد في المنطقة تتّجه إليها الإدارة الأميركية بشكل خاص مع انطلاق الحملات الإنتخابية في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك في غضون أسابيع معدودة، وفور طي صفحة التدابير الخاصـة بانـتشار وباء «كورونا». وتضيف، أنه على أساس هذا الإستحقاق الأميركي من المتوقّع أن ترتسم خارطة طريق أميركية ودولية جديدة في المنطـقة، وستكون لها انعكاسات بالغة الأهمية على مجمل الملفات الإقليمية، وفي مقدّمها الصراع الأميركي ـ الإيراني مع ما يحمله هذا الملف من توجّهات أميركية لرفع نسبة الضغط على طهران من خلال تشديد العقوبات وارتداد هذا الأمر على الحزب في لبنان.
ومن هنا، فإن الأوساط النيابية المطّلعة ذاتها، تربط ما بين الموقف الأممي المفاجئ وما بين روزنامة السفير الأميركية دوروثي شيا في بيروت، وذلك انطلاقاً من تحرّكها في أكثر من اتجاه، وبالنسبة لأكثر من ملف يحمل طابعاً إقليمياً، وبالتالي، فإن المصادر نفسها، تتحدّث عن تحوّلات بارزة في المشهد الداخلي، قد تكون في ظاهرها مرتبطة بالأزمة الإجتماعية الخانقة، ولكنها لن تبقى من دون دلالات على المرحلة الآتية، والتي شكّل موقف الأمم المتحدة الدليل البارز على خطورتها.