IMLebanon

أميركا ضدّ “التورُّط” البرِّي لا القصف الجوّي؟

عن سؤال: ماذا يجب على الرئيس أوباما أن يفعل في الموضوع الإيراني؟ أجاب المسؤول الكبير السابق نفسه في “إدارة” أميركية مهمة والمسؤول حالياً في مركز أبحاث جدّي في واشنطن، قال: “على الرئيس بعد ذلك أن يقول لإيران هذه هي الخطة فنفذِّيها إذا كنتِ جدّية. من خلال ذلك تتحقق مطالبك وأبرزها رفع العقوبات ومطالبنا ومطالب العالم وأبرزها عدم حيازتك سلاحاً نووياً. والدافع إلى مطلبنا هو أن الحيازة المشار إليها “ستخربط” ميزان القوى في المنطقة، وستطلق سباق تسلح نووي بينك وبين السعودية ومصر وتركيا وغيرها”. علّقتُ: صحيح ما تقوله. لكن إضافة إلى ذلك يجب أن يكون التفاوض على الحامي بالفعل وخصوصاً أن “جبهات” عدة مفتوحة ومُستغلة للضغط عليكم من إيران وحدها. أنا لا أدعو إلى تورُّط أميركي مباشر. فالأميركيون، على ما أعلم، انتخبوا أوباما ثم جدّدوا له لأن برنامجه نصَّ على سحب الجيش الأميركي من العراق وأفغانستان. وأنا هنا لا أحرِّضكم على إيران، بل أناقش الموضوع من زاوية عملية وعلمية بحتة. علماً أن الحزب الجمهوري هو الذي أدخل أميركا عسكرياً إلى العراق، وبذريعة ثَبُت عدم صحتها وكانت وجود أسلحة دمار شامل فيه (أيام صدام حسين). أما في أفغانستان فان التدخُّل عام 2001 برّرته عملية 11 أيلول الإرهابية في نيويورك وواشنطن. إستطلاعات الرأي في أميركا أشارت إلى أن 70 في المئة وربما أكثر من الأميركيين لا يزالون حتى الآن ضد التدخُّل العسكري الأميركي سواء في سوريا أو في غيرها من الدول. وهؤلاء ينتمون إلى الحزبين الجمهوري والديموقراطي. فكيف يطالب الجمهوريون اليوم بعمل عسكري أميركي مباشر في المنطقة أي بتورُّط؟ أجاب: “أنا لست مع (Boots on the ground) أي مع عسكر أميركي على الأرض. لكن تستطيع أميركا أن تنفِّذ عمليات قصف جوي لمطارات حربية ولطائرات حربية ولقوافل أسلحة مرسلة لـ”حزب الله”، تماماً مثل العمليات التي تنفذها ضد “داعش” وغيره”. علّقتُ: أعتقد أن مصلحة المنطقة بكل دولها وكذلك مصلحة أميركا والعالم تقضي بربط القضايا الاقليمية المختلف عليها مع إيران بالبحث الدائر في ملفها النووي، سواء أسفرت المفاوضات الجارية معها (كان ذلك في18 آذار الماضي) عن اتفاق – إطار أو عن عدم تفاهم عليه مع الحرص على الاستمرار للتوصل إليه. والتفاوض لا بد أن يشمل القضايا والمشكلات المتفجِّرة في المنطقة وأحجام الدول (أي اللاعبين الكبار) وأدوارها. ومصلحة إيران في ذلك تكمن في كونها، رغم حجمها الكبير جغرافياً وديموغرافياً وتطورها مدنياً وعسكرياً، أقلية. ذلك أن شيعة العالم كلهم يشكِّلون15 في المئة من مسلميه. وهذا يجعلها في حاجة إلى أميركا والعالم لمحاربة الإرهاب السنّي المتطرِّف جداً. كما يجعل أميركا والعالم في حاجة إليها للهدف نفسه، ذلك أنها قلعة كبيرة وقوية في قلب العالم الإسلامي. ولا يعني ذلك إقصاء الدول العربية والإسلامية لأن النجاح في محاربة الإرهاب يحتاج إلى تعاون الجميع. أما وضع العراقيل أمام الاتفاق وخصوصاً إذا أتى من أميركيين فإنه لن يؤذي أوباما وإدارته بل المنطقة ومعها العالم. إذ يستطيع تركها لحرب مذهبية تستنزف سنّتها وشيعتها سنوات وسنوات.

في نهاية اللقاء الطويل سألتُ المسؤول السابق الكبير نفسه عن روسيا وسياستها الحالية وخصوصاً تجاه أميركا والغرب وأوروبا، فأجاب: “بوتين مجنون. وهو يعتمد على تأييد80 في المئة من الشعب الروسي له. وذلك قد يدفعه إلى أعمال مجنونة. أي تهديد منه لـ”الناتو” أي حلف شمال الأطلسي أو لدول أوروبية قد يدفع أميركا إلى إرسال قوات إليها. أوروبا تحكي كثيراً لكنها عسكرياً تعتمد على أميركا. وحلف شمال الأطلسي لا يستطيع أن يسكُت. علماً أن وضع بوتين ساء اقتصادياً وليس شعبياً، خصوصاً بعد انخفاض المدخول المالي لروسيا جرّاء انهيار أسعار النفط بانخفاضها أكثر من50 في المئة قبل أشهر”.

ماذا في جعبة مسؤول أميركي سابق كبير ومهم عمل على المنطقة العربية والإسلامية، وخصوصاً أنه لا يزال ناشطاً فيها وبينها وبين واشنطن رغم تركه الإدارة قبل سنوات؟

بدأ هذا المسؤول اللقاء بالحديث عن إيران (قبل توقيع الاتفاق – الإطار بنحو عشرة أيام) قال: “سيتم توقيع اتفاق بين أميركا وإيران وسيكون إطاراً وإن مفصلاً. لكن هناك مشكلتان. الأولى أن وزير الخارجية جون كيري جعل الإيرانيين يعتقدون أو بالأحرى يقتنعون بأن أميركا في حاجة إلى الاتفاق معهم أكثر مما هم في حاجة إليه”.

ما هي المشكلة الثانية؟ سألتُ.