بيّنت الأحداث أنّ كل شيء يتعلق بإيران، يتعامل معها الأميركيون بطريقة مختلفة، فلو أخذنا مثالاً المفاعل النووي الإيراني، فقد استمر التفاوض نحو عشر سنوات بين مجموعة الـ(٥+١) وإيران، أميركا التي تعتبر ذاتها أقوى دولة في العالم ولا يستطيع أحد أن يقول لها: لا! فكيف بإيران تستطيع أن تقول «لا»؟
في المقابل، المفاعل النووي العراقي ضربته إسرائيل سنة ١٩٨٠ من دون أي مفاوضات أو تهديد مسبق أو اتفاق!
وفي العام ٢٠٠٦، المفاعل النووي السوري ضربته إسرائيل أيضاً.
فما هو هذا السر بين أميركا وإيران؟
لو عدنا لأواخر أيام الشاه يوم كانت إيران تعتبر من الدول الكبرى: لديها رابع جيش في العالم، فيها مصانع أميركية وأوروبية للسيارات، إضافة الى كونها دولة نفطية تنتج ٤ ملايين برميل يومياً قابلة للزيادة، الى غناها بالثروات الطبيعية الأخرى كالأحجار الكريمة وسواها مما تختزنه أرضها، فلماذا استغنت أميركا عن الشاه وجاءت بالإمام آية الله الخميني الذي كان هارباً خوفاً من الشاه ولاجئاً الى العراق؟ فنقلته الى فرنسا حيث حضّرته وكانت وصلت أعداد كاسيتات خطبة الجوع التي يلقيها الى الملايين ما أطلق على الثورة الإيرانية إسم «ثورة الكاسيتات»، ثم انتقل بطائرة «إير فرانس» الى طهران حيث استقبلته الجماهير الحاشدة.
واللافت للنظر والإهتمام أنّ أول عمل قامت به الثورة الايرانية كان محاصرة السفارة الاميركية في طهران لمدة ٤٤٤ يوماً الى أن جاء الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان وهدّد قوات الحرس الثوري التي كانت تحاصر السفارة، فهربت هذه القوات.
كما أغلق الخميني سفارة إسرائيل واستبدلها بسفارة فلسطين ليسرق العلم الفلسطيني ليتاجر بقضية فلسطين وبقضية القدس.
أميركا تتحدث دائماً عن تفجير سفارتها في بيروت (منطقة عين المريسة) حيث سقط ٦٣ قتيلاً داخل السفارة (في ١٨ نيسان ١٩٨٣).
الى تفجير المارينز وسقوط ٢٤١ أميركياً و٧٥ جريحاً إضافة الى قتيلين من المارة المدنيين، وإثنين من منفذي التفجير (٢٣ تشرين الاول ١٩٨٣).
الى تفجير الوحدة الفرنسية العاملة في قوى حفظ السلام وسقوط ٨٥ قتيلاً (في المرحلة ذاتها).
نعود الى تهديدات ترامب الموجهة الى إيران (طبعاً غير العقوبات) وقوله إنّه سيمنع الفايسبوك والانستغرام عن الحرس الثوري الايراني… ما يذكرنا بالسيىء الذكر الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما… الذي أدّى تردّده وسوء معالجة الأحداث والثورة في سوريا… وبلغ هذا التردّد ذروته عندما هدّد بتوجيه ضربة حاسمة الى النظام السوري بعد ضربه شعبه بالأسلحة الكيميائية في منطقة الغوطة… فأرسل أوباما القوات وحشد الأساطيل بما فيها حاملة الطائرات باتجاه الشاطئ السوري، وكانت الساعة الصفر محدّدة بالساعات وليس بالأيام… وفجأة تراجع أوباما وأوكل الى الروسي أن يحل المسألة على طريقته… وبالفعل أعلن الرئيس بوتين أنه سيرحّل السلاح الكيميائي السوري الى خارج سوريا!
وكانت بداية الدور الروسي الكبير الذي وصل لاحقاً الى حد الهيمنة الكاملة على هذا البلد العربي وإقامة فيه ثلاث قواعد: قاعدة بحرية في طرطوس وقاعدة جوية في حميميم وقاعدة صواريخ في القامشلي.
فكفاكم الكذب… واتركونا من دون وعودكم العرقوبية وادعاءاتكم الفارغة… لنطرح السؤال الذي بات على شفاه الكبار والصغار: ماذا بين واشنطن وطهران على حساب هذه الأمة العربية؟
عوني الكعكي