IMLebanon

أميركا وإيران… متفقتان أم مختلفتان؟!!  

 

 

ما أثار الدهشة والاستغراب، ما حدث فجأة ومن دون مقدّمات بالإعلان عن صفقة تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران، ما أعاد ملف برنامج طهران النووي للواجهة مع حديث عن اتفاق غير رسمي وغير معلن بين البلدين لتخفيض التصعيد بينهما بعد وصوله لنقاط حرجة، مع دعم إيران العسكري لروسيا في حربها على أوكرانيا، إضافة للتوتر في الخليج العربي وأمن الملاحة فيه.

 

وعلى الرغم من نفي المسؤولين الأميركيين مراراً التوصّل الى اتفاق نووي جديد مع إيران، بعد المحادثات غير المباشرة التي عُقدت في عُمان في وقت سابق من هذا العام. فإنّ مسؤولين من عدة دول تحدثوا عن اتفاق يبدو أنّ إيران ملتزمة به، ويشمل إبقاء تخصيب إيران لليورانيوم بمستويات نقاء لا تزيد عن %60، وعدم القيام بهجمات كبيرة ضد القوات الاميركية من قِبَل الميليشيات التابعة لإيران في سوريا والعراق.

 

ويتضمن الاتفاق الجديد أيضاً دفع 6 مليارات دولار لإيران من أموالها المجمّدة مع وعد بدفع 6 مليارات أخرى لشراء أدوية ومعدات طبية وشراء الغذاء.

 

إشارة الى أنّ المفاوضات التي تجريها إدارة جو بايدن قد توقفت في الصيف الماضي بسبب ما وصفه المسؤولون الاميركيون بالمطالب الايرانية غير المقبولة.

 

ونشير أيضاً الى انه وبعد انهيار المحادثات النووية خلال الصيف الماضي عادت العلاقات للتوتر. وحذّر المسؤولون الاميركيون إيران من أنّ تخصيب اليورانيوم الى مستوى نقاء بنسبة %90 هو رمز فعلي للعمل العسكري. وكان الاتفاق النووي قد أُبْرِم بين الجانبين إثر مفاوضات صعبة ومخاضٍ عسير، إذ عقدت إيران والدول «5+1» (الصين، روسيا، أميركا، فرنسا وبريطانيا، إضافة الى ألمانيا)، مفاوضات ماراتونية في مدينة لوزان السويسرية من 26 آذار لغاية 2 نيسان 2015، من أجل التوصّل الى تسوية شاملة تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الايراني، وإلغاء جميع العقوبات على إيران بشكل تام. وقد تميّزت جولة المفاوضات تلك بكونها بدأت ثم عُلّقت ثم تواصلت ثم مدّدت، وأخيراً توصلت الدول الست (5+1) وإيران الى بيان مشترك في 2 نيسان 2015، يتضمن تفاهماً وحلولاً في ما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني، على أن يتمّ إنجازه في نهاية حزيران 2015. وقد اعتبرت إيران -يومذاك- ان هذا الاتفاق وضع حدّاً لحلقة مفرغة، لم تكن في مصلحة أحد، فيما وصفته واشنطن بالتاريخي.

 

وقد تباينت ردود أفعال دول وزعماء العالم حول هذا الاتفاق، فمنهم من اعتبره تاريخياً ومنهم من اعتبره خطيراً لأنّ إيران لا يوثق بها.

 

أشير هنا الى أنّ خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة باسم صفقة إيران، أو الاتفاق النووي الايراني، سارت ببطء ولو مترنّحاً أحياناً، حتى جاء الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب فأعلن في خطاب من البيت الابيض انسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق وذلك يوم الثامن من أيار عام 2018.

 

في الظاهر، مثّل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الايراني مجرّد انسحاب من طرف واحد من ضمن ستة أطراف أخرى وقّعت الاتفاق. هذا الاتفاق الذي اكتسى لاحقاً صبغة دولية بعد اعتماده في مجلس الأمن الدولي. ولكن في الواقع كان انسحاب واشنطن من هذا الاتفاق يمثل في رأي العديد من الخبراء إصدار شهادة وفاة له.

 

وفي عهد الرئيس الاميركي الحالي جو بايدن، حاول الأخير إحياء هذا الاتفاق لكنه توقف الصيف الماضي.

 

والمحيّر فعلاً ان الجميع متفقون على أنْ لا ثقة بإيران… فقد كانت عودة الخميني وإنشاء الجمهورية الاسلامية في إيران أكبر خدعة في تاريخ العالم العربي… من حيث الشكل، فإنّ الادعاءات بأنّ نظام الملالي جاء لمهمة محدّدة هي أسلمة العالم العربي، وبمعنى أدق أنّ مهمة الملالي هي تشييع العالم الاسلامي السنّي، حيث يوجد مليار وخمسماية ألف مواطن من أهل السنّة مقابل 150 مليون شيعي.

 

هذا النظام الذي يحكم إيران منذ عام 1979 بعد خلع الشاه، وتسلم الملالي الحكم، قام بعملية تمويه رهيبة وهي:

 

أولاً: إقفال السفارة الاسرائيلية واستبدالها بسفارة فلسطين…

 

ثانياً: فتح أول سفارة فلسطينية في العالم وهي سفارة فلسطين في إيران، وكما قُلنا أقيمت مكان السفارة الاسرائيلية.

 

ثالثاً: إنشاء ما يُسمّى بـ «فيلق القدس» وتعيين اللواء قاسم سليماني من الحرس الثوري قائداً له..

 

وهنا بدأت الخدعة الكبرى، لقد ظننا ان إيران الاسلامية الجديدة سوف تشن حرباً على إسرائيل لاسترجاع الأراضي المقدّسة وفي مقدمها القدس والحرم الابراهيمي، لكنها قامت بحرب ضد صدّام حسين بحجة أنّ الشيعة في العراق يتعرضون لمجازر واضطهاد من نظام صدّام.

 

وهكذا بدأت حرب استمرت ثماني سنوات، دُمّرت فيها البنية التحتية للبلدين: إيران والعراق، ودفع العراقيون مليون شهيد وخسائر مالية وصلت الى حدود الألف مليار دولار.

 

والجدير بالذكر ان «صدّام» كان يحارب الفرس طبعاً بالجيش العراقي الذي وبالصدفة كانت تركيبته مناصفة بين أهل السنّة وبين الشيعة..

 

لذلك، فإنّ ادعاء الملالي بأنهم يريدون تحرير الشيعة من صدّام لم يكن صادقاً، بل الحقيقة أنّ هناك مهمّة كُلّف بها نظام الملالي وهي العمل على إحداث فتن وحروب بين المسلمين السنّة والشيعة تحت نظرية «التشييع»..

 

وبالمناسبة، فقبل مجيء نظام الملالي لم يكن أحد في العالم الاسلامي يتحدّث عن: «هذا سنّي» و»هذا شيعي».

 

سبحان الله ما إن جاء نظام الملالي حتى بدأت الفتنة تلعب دورها وتؤدي المهمة التي جاءت من أجلها.

 

بعد عشرات السنين من المفاوضات وبعدما وقع اتفاق بين أميركا وإيران، وبدا أنّ الموقف يسير بشكل طبيعي بدأت تطفو خلافات، تتبعها اتفاقيات، وفترات مصالحة بعد عداء.

 

من هذه النقطة بالذات أعود الى ما أشرت إليه في العنوان:

 

أميركا وإيران… متفقتان أم مختلفتان؟ والأيام المقبلة كفيلة بكشف المستور.