IMLebanon

أميركا وإيران وحكاية ابريق الزيت

 

 

التاريخ لم يشهد علاقات بين دولتين: إحداهما دولة عظمى، لا بل هي الدولة التي تحكم العالم بفضل الدولار اقتصادياً، وبفضل جيشها المنتشر في جميع بلاد العالم عسكرياً، وعلى كل حال لا يوجد جيش منتشر في جميع البلاد كالجيش الأميركي… وبين الدولة الاسلامية في إيران التي تدّعي انها إسلامية، لكنها في الحقيقة دولة تحكمها مجموعة من «الملالي» يدّعون بأنهم متدينون، متمسكون بالحق، عليهم واجب تشييع أبناء العالم الاسلامي السنّة الذين يبلغ تعدادهم ملياراً وخمسماية مليون، في حين لا يتعدّى عدد الشيعة في العالم الـ150 مليوناً.. ولكن الفرق ان جماعة الشيعة هم الأكثر تطرّفاً ويملكون الكثير الكثير من البِدَع، مثلاً: الوعد بالذهاب الى الجنّة، كما ان بعض الأئمة الايرانيين يوزعون بيوتاً في الجنة، الى ما هناك من ان الشهيد يذهب الى الجنة مباشرة، كما حدث في الحرب مع العراق حيث كان المتطرّف في الحرس الثوري يلبس كفنه ويذهب للحرب ظناً منه أنّ هذا هو أقصر طريق الى الجنة… الى ما هناك من بِدَع وتصرفات لا يقبلها العقل ولا يستسيغها المنطق.

 

على كل حال، وبالعودة الى العلاقات بين أميركا التي «خلقت» نظام آية الله الخميني الذي كان هارباً من بطش الشاه الذي قتل ولديه في التظاهرات، وهو كان في النجف. ثم جاءت أميركا ونقلته الى باريس، واستأجرت له بيتاً أو بالأحرى قصراً صغيراً في منطقة راقية والايجار كان باسم المخابرات المركزية الاميركية «C.I.A»، ولم تستحِ أميركا بذلك. وبعد تحضير دام سنوات وتوزيع خطاباته التحريضية بـ»الكاسيت» للدعوة الى إسقاط الشاه، وإطلاق الوعود بحياة أفضل للشعب الايراني، وبعد مرور فترة زمنية خلعت أميركا الشاه وجلبت الخميني ليحكم إيران.. وما إن عاد آية الله الخميني حتى بدأت المشاكل والتظاهرات واحتلال السفارة الاميركية.. والحقيقة انه لم يكن احتلالاً، بل كان حصاراً للسفارة الاميركية دام 444 يوماً، ولم ينتهِ إلاّ عندما فاز الرئيس رونالد ريغان بالانتخابات الرئاسية الاميركية، حيث كان قد هدّد اثناء الحملة الانتخابية بأنه إذا فاز لن يسمح ببقاء السفارة محاصرة ولو ليوم واحد… وهكذا فُكّ الحصار بهدوء وبسرعة.

 

طبعاً عدّة الخداع تمثّلت بإقفال السفارة الاسرائيلية في طهران وإقامة سفارة لدولة فلسطين بدلاً منها.. والأهم إنشاء «فيلق القدس» الذي هو في الحقيقة مجموعة كبيرة من عناصر الحرس الثوري الأم بقيادة اللواء قاسم سليماني ليوهم الناس ان هناك شخصاً هو آية الله الخميني يريد أن يحرّر القدس، وهذه كانت أكبر كذبة في العالم، لأنه لم يطلق رصاصة واحدة «في حياته» لتحرير القدس… والمصيبة ان كل الوعود التي كان يطلقها صدّقها بعض الجهلة وآمنوا بما يعدُ به. وبالرغم من مرور 44 سنة على نظام آية الله الخميني لم يتم إطلاق رصاصة واحدة لتحرير القدس، بل كان كل ما فعله هذا النظام هو تدمير العراق وسوريا ولبنان واليمن، وظلّ على ادعائه يومياً انه يريد تحرير القدس.

 

والأنكى أنّ كل المعارك التي قام بها «فيلق القدس» هي ضد الشعوب العربية في سوريا ولبنان والعراق واليمن… اما الحقيقة، فإنّ كل ما فعله هو تعليم الميليشيات الشيعية على الخطف والقتل ومحاربة أهل السنّة.

 

وبالعودة أيضاً الى صفقة التبادل بين خمسة أميركيين كان الحرس الثوري قد اختطفهم، جرت كعملية مفاجئة، لأنّ أميركا لم تدّعي في يوم من الأيام أنّ هناك مواطنين أميركيين خطفهم نظام الملالي… والمصيبة الأكبر ان الولايات المتحدة «أفرجت» عن 6 مليارات دولار أميركي مجمّدة في بنوكها عقاباً للنظام الايراني المتطرّف. لقد كانت تلك العملية مفاجئة للجميع بالفعل، لأنّ عملية الخطف لم تكن معروفة ولم يتحدّث عنها أحد في الاعلام، بل جاءت مفاجئة للجميع، إثر تبادل 5 أميركيين مقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار أميركي عن طريق دولة عظمى ثانية اسمها قطر، إضافة الى إطلاق سراح خمسة إيرانيين كانوا محتجزين في أميركا.

 

أخيراً… فإنّ العلاقات الأميركية – الإيرانية تشبه تماماً قصّة ابريق الزيت.. وسوف نتحدّث عن موضوع المفاعل النووي الإيراني وتاريخه، ولماذا السكوت عنه من قِبَل إسرائيل في الأيام المقبلة.