Site icon IMLebanon

أميركا وحلفاؤها في المنطقة والعالم

لا يجرؤ أي من حلفاء أميركا في العالم الثالث، وبخاصة في منطقتنا، على اتخاذ أية خطوة مفصلية في الداخل أو في المحيط، دون التشاور المسبق، وأخذ الإذن من ولي الأمر الأميركي. والدور الأكبر الذي يقوم به الأميركيون مع حلفائهم هؤلاء هو الاستماع الى شكاوى الأنظمة في المنطقة من بعضها بعضا، أو على بعضها بعضا! وعندما يبلغ نهج التنابذ ذروته والأحقاد أوجها وغريزة الثأر آخر مداها، لدى أحد الأنظمة ضد نظام آخر شقيق أو صديق، يرتمي هذا النظام الغاضب على أعتاب أميركا، ويناشدها في السرّ وعبرمجارير المخابرات الوقوف الى جانبها، وفي التآمر معه على النظام الخصم!

***

تتردد أميركا أولا، وتتدلل ثانيا وتمعن في الدلال كلما كان هذا النظام محترق الصبر ومتعطشا الى الدم! ويكون القصد الأميركي الخفي من هذه المناورة، هو رفع منسوب الابتزاز لهذا النظام الصديق، ورفع قيمة الجعالة المفروضة عليه الى مليارات الدولارات! وعندما تتم الصفقة أخيرا بين هذا النظام وأميركا، ويدفع ما يتوجب عليه من أموال طائلة وفوائد وبخشيش، يخرج مزهوا بانتصاره في اقناع أميركا بالانضمام اليه في التآمر على النظام الآخر الشقيق أو الصديق، والعمل على ضربه واسقاطه، وازاحته من الطريق!

***

تجهل هذه الأنظمة حقيقة الأهداف الأميركية ونياتها وأساليب عملها في المنطقة والعالم. وحقيقة الأمر هي ان السياسة الأميركية تعمل في الأصل على ضرب المنطقة وتحريض أنظمتها على بعضها بعضا، والعمل على اشعال الفتيل بينها، لأن كل حرب أو توترات أو صدامات ثنائية أو أكثر ستكون أميركا هي الرابح الأكبر منها. وهي تنظر الى هذه الحروب وتلك التوترات كنظرة من خاطب السحاب والغيمات في الصحراء يوما وقال لها: إذهبي أنّى تشائين فخراجك سيعود إلي! وبهذا المعنى، فان الحسابات الأميركية تجري في اتجاه، في حين أن حسابات الأنظمة الحليفة لأميركا تذهب في اتجاه آخر عشوائي!

***

في الحسابات الأميركية ان أي صدام بين نظامين في المنطقة سيضعفهما معا، لا سيما وان أميركا المخادعة لا تميّز بين حليف وخصم، وتعتبرهما معا عبئا عليها! فاذا انتصر النظام الشاكي وأسقط غريمه النظام الآخر، تكون أميركا هي الرابحة لأنها تخلّصت من عدو لها دون أن تتكبّد شيئا. أما اذا فشل هذا النظام الشاكي، فان أميركا تعرف انه في النهاية سيعود اليها، ليقنعها بمؤامرة أخرى، ويدفع أكثر في المرة المقبلة… ومن السهل ايجاد مصداقية لهذا التحليل، بمجرد النظر الى تطورات المنطقة وما يحدث فيها!