بداية لا بدّ من العودة الى مقالي الذي نشر في جريدة «الديار» بتاريخ 22 شباط 2016 بعنوان «الابراهيمي: الله يساعد لبنان» حيث كشف الاخضر الابراهيمي المندوب العربي الذي كلّفه امين عام الامم المتحدة بان كي مون تقصّي حقائق ما يدور في سوريا، وتقديم تقرير الى الامم المتحدة بما يراه مناسباً لوقف القتال في سوريا والانخراط في حوار بين النظام وخصومه المعارضين عسكرياً وسياسياً، الى صديق له قبل ان يقدّم استقالته الى بان كي مون، ان «القرارات في الامم المتحدة تختصر بالتوافق بين روسيا والولايات المتحدة، وتأكد لي ان هاتين الدولتين تديران كل شيء على الارض في سوريا (…) وبت على اقتناع بأن سوريا ستقسم كما العراق، وان الاردن لن يبقى على حاله، وان الموسى ستصل الى ذقون دول الخليج (…) «امّا لبنان… فالله يساعدو…»
بعد الانسحاب الروسي المفاجئ من سوريا، كان واجباً اعادة الاتصال بصديق الديبلوماسي الاخضر الابراهيمي لنعرف منه حقيقة ما يدور في هذه الدولة الجارة، التي يتأثر لبنان كثيراً بما يجري على ارضها، سلباً او ايجاباً، خصوصاً بعدما تبيّن بالممارسة ان الابراهيمي كان على حق عندما أكّد ان لا شعرة تسقط في سوريا على الارض دون معرفة روسيا والولايات المتحدة، وقد يكون على حق ايضاً في اقتناعه ان سوريا ستقسّم كما العراق وان خرائط المنطقة العربية لن ترحم الاردن ودول الخليج، وترك لبنان بين يدي الله ليساعده عمّا يخطط له.
معلومات صديق الابراهيمي، ان روسيا تركت سوريا بعهدة الولايات المتحدة الاميركية، بعدما انهتا الخطة النهائية للحل في سوريا القائمة على ثلاث مراحل متتابعة، المرحلة الاولى انجزت بالحديد والنار، ورسمت الدولتان خطوط التموضع على الارض لكل من النظام وباقي الافرقاء، والمرحلة الثانية اللجوء الى الحوار والحلّ السياسي وتحسين العلاقات مع الدول المعنية بالحرب السورية، والقصد هنا تركيا، والسعودية، امّا الحلّ الثالث، فهو اللجوء الى القوّة المفرطة ضد اي طرف يخلّ بهذا الاتفاق، ومن المرجّح ان توكل هذه المهمة الى روسيا ولكن برعاية واشراف الولايات المتحدة، ولهذا السبب قامت طائرات السوخوي الروسية بهجمات مكثفة قبل يومين من اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانسحاب غير الكامل من سوريا، كما اعلن امس عزم روسيا على العودة في حال قضت الضرورة بذلك، في تهديد مباشر لاي طرف لا يلتزم بالخطة الروسية – الاميركية.
ويؤكد صديق الابراهيمي على امرين مهمين، بالقول: «صحيح ان الضربات الروسية المكثفة انعشت النظام الى درجة انه اعتبر ذاته منتصراً على خصومه، لكن جيشه كان ما زال منهكاً الى درجة متقدمة، وعندما حاول الاسد متابعة القتال مستغلاً تراجع المعارضة، اصطدم اولاً بموقف حاسم من روسيا برفض اي عمل عسكري، وثانياً لأن الجيش المنهك لم يكن مؤهّلاً للتقدم، وتبين للمراقبين الدوليين، ان روسيا تكفلت بردع النظام، والولايات المتحدة بردع التنظيمات المسلحة، وهكذا تمّت حماية قرار وقف النار».
ويتابع صديق الابراهيمي ضخ معلوماته، مؤكداً ان الحرب الاهلية السورية تلفظ انفاسها الاخيرة، ولن يجرؤ اي فريق التزم بوقف النار، خرق خطوط التماس التي رسمها الروس والاميركيون على الارض، لأن العقاب سيكون شديداً من الدولتين، ولكنه يؤكد ايضاً ان معارك شرسة وتصفيات، ستحصل بين التنظيمات الاسلامية، كما ان مطاردة تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» لن تتوقف دولياً وطيران التحالف بعدما فرزت التنظيمات على الارض، سيشدد ضرباته الجوية، وما زالت الولايات المتحدة وروسيا، تدرسان بعناية كيف يمكن الاستعانة بقوات برية لانهاء الحالة التكفيرية الارهابية جذرياً.