لا، هذه ليست مهزلة بالنسبة للامبراطورية الأعظم في العالم، الولايات المتحدة الأميركية… أن يغرّد رئيسها دونالد ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي داعما للعقوبات الخليجية – العربية على قطر، وان تكيل وزارة الدفاع الأميركية في المقابل، المديح لقطر وقيادتها، وتشيد بتعاونها العسكري، وتؤكد الاطمئنان الى وجود قاعدتها العسكرية الضخمة العديد على الأرض القطرية، وبقائها هناك الى أجل غير مسمّى. كما ان البيانات الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية بلسان الناطق الرسمي باسمها، لا تعكس أية نبرة عدائية أو مؤاخذة أو حتى عتاب لقطر، لا في موضوع الارهاب ولا غيره!
***
هذه هي أميركا العميقة، تعبث بالدول، وتحرّضها على بعضها بعضا، وتتعمّد قياداتها الظهور بوجهين والتحدث بلغتين، وجه يدعم الطرف الأول في النزاع ويتقاضى الأتعاب، والوجه الثاني يدعم الطرف الآخر، ويقبض المعلوم نفسه… ولكن المال في الحالتين يذهب الى الخزنة المركزية نفسها في واشنطن!
***
ألم تحرّض أميركا العراق لشنّ حرب على ايران بحجة تصفية نظام الملالي كما تسمّيه خلال أسبوعين، ولكن أميركا دعمت الطرفين في حرب دامت ثماني سنوات؟ ألم تشجع السفيرة الأميركية في بغداد، صدام حسين على غزو الكويت، فلما فعل لاحقته على مرحلتين الى أن أسقطت نظامه وقادته الى منصة الاعدام شنقا؟ ألم تدعم أميركا الانفصال في جنوب السودان حتى اذا حصل عمّ الخراب الجنوب والشمال معا؟ ألم تمارس أميركا تخصصها باعدام الرؤساء العرب مع القذافي أيضا في ليبيا؟ وماذا حدث لأنور السادات في مصر ولخليفته حسني مبارك؟ وماذا حدث لمن تشبه بهما في تونس زين العابدين بن علي؟ ومن يتذكّر اليوم ان الصومال بلد عربي؟ هذا حتى لا نتحدث عن سوريا والعراق واليمن؟!
***
وسؤال أخير، لماذا يختفي وباء الكوليرا عن وجه هذا الكوكب، ثم يعود فجأة للظهور في اليمن، وتنتقل العدوى الى السودان، ثم الى ما لا يعلمه إلاّ الله تعالى!