IMLebanon

أميركا ودول الخليج :  قمة الامتحانات والتحديات

القمة الأميركية – الخليجية هي امتحان في الثوابت والمتغيرات من حول تحالف قديم ومهم للطرفين. النجاح فيه صعب، اذا أصر الرئيس باراك أوباما على تقديم أجوبة تاكتيكية عن سؤال استراتيجي. والفشل خطر وخطير، اذا تباينت الحسابات والاهتمامات الاستراتيجية، ولو جرت كالعادة تغطية الفشل بالبراعة الديبلوماسية. والرئيس اوباما يعرف أكثر من الجميع، وإن حاول تخفيف وقع الصدمة، ما وراء الرسالة التي بعث بها الملك سلمان عبر البقاء في الرياض وانتداب ولي العهد لحضور القمة.

ذلك ان اوباما وضع كل رأسماله في الرهان على اتفاق نووي مع ايران. كان هاجسه التوصل الى انجاز خارجي يأخذ مكاناً في سجله التاريخي كرئيس. ولم يكن ذلك، خارج رؤيته لمصلحة أميركا في رعاية صراع سني – شيعي في المنطقة. فما أعطاه الأولوية في اهتماماته هو هاجس اسرائيل حيال ايران نووية. وما أهمله أو تركه لمرحلة لاحقة أو لم ترد طهران البحث فيه قبل الاتفاق النووي هو هموم حلفاء أميركا العرب لجهة النفوذ الايراني الذي امتد الى العراق وسوريا ولبنان ومؤخراً الى اليمن. وهذا ما انتقده وزيران سابقان للخارجية هما كيسنجر وشولتز في مقال نشرته الوول ستريت جورنال بالقول إن الطلاق بين الاتفاق النووي والاستراتيجية الاقليمية هو من نواقص الاتفاق.

منطق أوباما ان الاتفاق النووي جسر لفك ارتباط أميركا بنزاعات الشرق الأوسط والتوجه نحو المحور في المحيط الهادئ. لكن النزاعات لحقت بأميركا وأعادتها عسكرياً الى محاربة داعش. وفي غياب الربط بين المنع النووي والتقييد السياسي، فان الخلاصة بالنسبة الى حلفاء أميركا، هي ان واشنطن قايضت تعاوناً نووياً موقتاً بهيمنة ايرانية دائمة حسب كيسنجر وشولتز.

وموجز عقيدة أوباما هو مدّ اليد الى الأعداء مع المحافظة على كامل القوة الأميركية. وبهذا المفهوم يوحي الرجل انه تعلم الدرس من تجربتين فاشلتين قبل وصوله الى البيت الأبيض: تجربة الرئيس كلينتون تحت عنوان الاحتواء المزدوج لايران والعراق. وتجربة الرئيس بوش الإبن في غزو العراق بعد وضعه مع ايران وكوريا الشمالية في محور الشر. أما التجربة التي يحاول أوباما انجاحها فانها الانخراط المزدوج مع ايران والسعودية.

والتحديات أمامه كبيرة جداً، سواء في باب التوازن بين المحورين أو في باب النظام الأمني الاقليمي وترتيب الحصص والأدوار فيه. فلا الحد من النفوذ الايراني مهمة ممكنة بالديبلوماسية بعد توقيع الاتفاق النووي أو سهلة بالوسائل العسكرية. ولا حلفاء أميركا الخليجيون الذين يعرفون طبائع الأمور في الشرق أكثر من الأميركان يقبضون عن جدّ نظرية أوباما حول دور الانفتاح الدولي على ايران في تغيير أوضاعها الداخلية وسياستها الخارجية.