IMLebanon

أميركا والغرب يرسمان خطاً أحمر على حدود لبنان

يبدو أنّ المظلّة الدولية التي تحمي لبنان من «داعش» وأخواتها، ستصعّب على التنظيمات الارهابية اختراق الحدود اللبنانية على رغم محاولاتها المتكرّرة. لبنان خطّ أحمر منذ اليوم الأول الذي بدأت فيه الأصوليات تنتشر في منطقة الشرق الاوسط. ويدخل تسليح الجيش في إطار الدّعم الغربي لمساندته في التصدي لأيّ هجوم إرهابيّ فُجائي خصوصاً بعدما زادت خطورة «داعش» إثر سيطرتها على مناطق كبيرة وضخمة في العراق وسوريا، ووَضْع يدها على آبار النفط لتعزيز مركز قوّتها.

كثرت التساؤلات عن الاسباب التي تمنع أو تعوق «داعش» وأخواتها من اختراق الحدود اللبنانية؛ فاعتبر البعض أنّ الدول الغربية وضعت مخطّطاً لإعادة تقسيم الشرق الأوسط، وستشمل المنطقة الاسلامية منطقة محدّدة لبنانية لتجعل منها ممرّاً مفتوحاً للارهاب إلى مناطق أخرى غير لبنانية، فيما رأى البعض الآخر، أنّ لبنان بعيدٌ كلَّ البعد من هذا المشروع.

لكن، في ظلّ الانقسامات في التحاليل الاستراتيجية والسياسية، تؤكد التصاريح الغربية، وفي طليعتها الأميركية، أنّ الغرب لا دخلَ له في المشروع الإرهابي، بل إنّه يكافحه أينما وُجد ويدعم كلّ مَن يسانده، مشيرة إلى أهميّة نجاح دور الجيش اللبناني في صدّ المسلحين المتطرفين في عرسال وطرابلس، داعمة شجاعته لتحقيق مهمّته في نشر الأمن والاستقرار.

في هذا السياق، يقول مصدر في السفارة الأميركية في بيروت لـ»الجمهورية» إنّ «الولايات المتحدة الأميركية والقوات المسلحة اللبنانية يتشاركان الهدف المتمثل في الحفاظ على استقرار لبنان وسيادته»، لافتاً إلى أنّ «الأحداث الاخيرة على الحدود اللبنانية – السورية أثبتت أنّ لبنان هو من الخطوط الأمامية في المعركة ضدّ «داعش»، و»جبهة النصرة» وغيرها من المتطرّفين العنيفين».

ويؤكد المصدر لـ«الجمهورية» أنّ «الأحداث الأخيرة على الحدود اللبنانية – السورية أكّدت أنّ الولايات المتحدة تقدّم الدّعم المناسب للجيش اللبناني ليتمكّن من تفكيك هذه المنظمّات وفضح مخططاتها، وبالتالي هزمها».

ويشير إلى أنّ «الولايات المتحدة تثني على شجاعة عناصر القوات المسلّحة اللبنانية التي تعمل لتأمين الحدود اللبنانية، وتدين الذين يسعون إلى زرع بذور الفوضى»، مبدياً ثقته بـ»الشعب اللبناني في أن يثابر ويقف صفّاً واحداً في مواجهة التهديد الإرهابي».

ويشدّد المصدر على أنّ «وحدة لبنان وأمنه ليسا مهمّين فقط للبنان بل أيضاً للولايات المتحدة وللعالم»، مشيراً إلى أنّ «القوات الأمنية اللبنانية يمكنها الاعتماد على استمراية دعم الولايات المتحدة وتضامنها، في جهودها الرّامية إلى الحفاظ على سيادة لبنان والأمن ومكافحة المتطرّفين العنيفين».

من جهة أخرى، يقول خبير في العلاقات الدولية لـ«الجمهورية» إنّ «نظرية المؤامرة التي يتذرّع بها البعض هي وسيلة للإستهلاك السياسي فقط، لأنّ مواقف الدول الغربية واضحة في شأن الإرهاب، وتتخطى تحليلات البعض بأنّ إختراق التنظيمات الارهابية للبنان خطٌ أحمر، كالحال عندما حاولت إختراق حدود كردستان العراق».

ومن الملاحظ أنّه لا يمكن للتحليلات السياسية التي يطلقها البعض أن تكشف النيات الحقيقية للغرب، ولا التكهّن بوجود مفاوضات سريّة متّفق عليها سلفاً، أو الاعتقاد بوجود اتفاقات على توزيع الأدوار مع التنظيمات الاصولية، ولكنّ التصريحات الغربية والإجراءات التي يتخذها الغرب في شأن الإرهاب، هي خيرُ دليل على مشروع غربي واضح لإطاحة التطرف في أسرع وقت، وفي أقلّ كلفة بشرية.

اختراق الإرهاب ليس سهلاً

ويرى المراقبون أنّ النفَس الارهابي لطالما كان موجوداً، لكنّه يتفشى اليوم كالمرض الخبيث ويتغلغل في الشرق بعدما كان عبارة عن خلايا نائمة في عهد الأنظمة الديكتاتورية الطاغية، في وقت وُجِد «تنظيم «القاعدة» في العراق الذي كان يترأسه أبو مصعب الزرقاوي، سابقاً في عهد النظام السوري في منطقة الرّقة، ومع ذلك لم يحاربه النظام بل تعاون معه في المبادلات التجارية خصوصاً تلك المتعلّقة بآبار النفط.

هُنا، يؤكد الخبير أنّ «الدول الغربية اتخذت قراراً بمواجهة التنظيمات الأصولية أينما وُجدت في الشرق، وهذا يعني أنّ لبنان يخضع للإشراف الدَولي لحماية حدوده اللبنانية – السورية، لأنّ انتهاكها يعني فتح المجال أمام انتهاك حدود أخرى، ولهذا لا بدّ من التحصين الكامل والحماية العسكرية من خلال وضع استراتيجية دفاعية مسبَقة هدفها حماية لبنان لتفادي تكرار المعركة العنيفة والصعبة التي شهدتها عرسال بين الجيش والمجموعات المتطرّفة».

كذلك، يُثني على «الدور الذي يلعبه التحالف الدولي في حماية لبنان، إن لجهة المواقف الداعمة له أم المبادرات والهبات المقدّمة من السعودية وفرنسا والدعم البريطاني للجيش»، لافتاً إلى أنّ «المملكة المتحدة مستمرّة في دعم الدولة اللبنانية من خلال توفير التدريب والمعدات للقوات المسلحة للحفاظ على استقرار لبنان».

من هذا المنطلق، فإنّ اختراق الارهاب لبنان لن يكون سهلاً، خصوصاً إذا تمّ تدعيم القرار الخارجي بقرار سياسي وطني جامع يحافظ على سيادة لبنان، لأنّ الجيش مستعدّ لأيّ مواجهة طالما لديه النية والقدرة العسكرية والجهوزية للمواجهة خصوصاً بعد تعزيز إمكاناته من المجتمع الدولي، وقد أثبت قدرته على ضبط المعارك التي وقعت في عرسال وطرابلس، حيث كان قادراً على حسم معركة صعبة وعنيفة وتوجيه ضربة قاتلة، وحماية الكيان اللبناني ومنع الإرهاب من إلحاق لبنان بحريق المنطقة.

مع أنّ الخبير يرى أنّ «لبنان لن يكون قلعة محصّنة إلّا بعد تعزيز المواقف الخارجية بقرار سياسي موحّد يبعده عن الانغماس في حروب خارجية، كما فعل «حزب الله» بدخوله معركة عابرة للحدود قاطعاً على الجيش القدرة على ضبطها».

وهو يعتبر أنّه «لا يمكن تبرير تدخّل «حزب الله» في المعارك في سوريا، لأنّه ليس صحّياً لحماية لبنان، وإلّا لحصل ذلك في تركيا والأردن»، آسفاً على «القرار السياسي الداخلي الذي يحوي بعض الشوائب، ما ينعكس سلباً على لبنان، ويؤثر في قرار تجديد التحالف الدولي ضدّ الإرهاب خصوصاً في ظلّ استثناء ايران منه».