وأي منهما ليس الشخص الذي يقلل من حجم اللامساواة ويعيد توزيع الثروة بين القلة التي فوق والكثرة التي تحت بقدر أقل من الظلم.
والانطباع السائد هو التخوف من فوز أو خسارة أي منهما. اذا فاز ترامب، فان من الصعب التنبؤ بما يفعله في الداخل، ومن السهل تصور اندفاعه في حرب تجارية مع شركاء أميركا والصين والمكسيك، وامتناعه عن حماية حلفاء أميركا ان لم يدفعوا الكلفة. واذا خسر، فان أميركا مهددة بما هو أكثر من حرب أهلية باردة. واذا فازت هيلاري كلينتون، فان عليها مواجهة تحديات في الداخل وأخرى في الخارج أكبر من قدرتها، حتى لو تمكنت من كسب ثقة الذين صوتوا لها قبل الذين صوتوا لمنافسها أو صوتوا بأقدامهم. واذا خسرت، فان الانقسام العميق يزداد عمقا وخطورة في مواجهة مع ترامب والذين جاؤوا به ضد النخبة والمؤسسة.
فضلا عن ان الصورة في البيت الأبيض مرتبطة بالصورة في الكونغرس، حيث يرافق الانتخاب الرئاسي انتخاب كل الأعضاء في مجلس النواب وثلث الأعضاء في مجلس الشيوخ. والعالم محكوم بأن يتأثر سلبا أو ايجابا بما يحدث في أميركا.
أميركا اختارت ما فرضه الانحدار السياسي والثقافي، وسط الحاجة الى خيار آخر بين الجيّد والأجود لا بين السيّئ والأسوأ. وما بعد صناديق الاقتراع هو استمرار لما كان قبلها، لا العكس. ومن الصعب على الفائز، مهما يكن، ان يعيد الهيبة الى الرئاسة، ويستعيد المكانة لأميركا في العالم. فالرئاسة تشرشحت بما رافق المعركة الطويلة بين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون والمرشح الجمهوري دونالد ترامب من إسفاف وخواء وضرب تحت الزنار. ومكانة أميركا تضرّرت بانكشاف هزال المتنافسين على أقوى منصب في العالم كما لو ان الانتخابات تجرى في مجاهل أفريقيا.
ذلك ان الانقسام عميق في المجتمع الأميركي بأكثر مما تصوّر كثيرون. وفي رأي بول كروغمان الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، فان اللامساواة الأفقية جاءت بكلينتون وترامب، واللامساواة الاتنية تحدّد نتائج الانتخابات. وحسب جوزف ستيغلتز الحائز أيضا جائزة نوبل، فان دخل الموظف في الطبقة الوسطى هو اليوم أقل مما كان عليه قبل ٤٢ سنة، وفي المستويات الأدنى أقل مما كان عليه قبل ٦٠ سنة، في حين ان الدخل القومي الأميركي ازداد ستة أضعاف، لكن الثروة ذهبت الى القلة على القمة وبينها ترامب. ولم تكن هيلاري كلينتون أقل ركضا وراء المال من ترامب، بحيث كانت المؤسسات المالية في الوول ستريت تدفع لها ثلاثمئة ألف دولار مقابل حديث يدوم ساعة.