IMLebanon

اتفاق أميركا وتركيا على “داعش” كافٍ؟

الاتفاق على مواجهة تنظيم “داعش” بين تركيا وأميركا، الذي وضعت تفاصيله في اجتماعات بين مسؤولين من البلدين في السابع من تموز الجاري، سيكلِّف هذا التنظيم المتطرِّف الكثير في رأي المتابع الأميركي الجدّي نفسه. ذلك أنه يُقفل طرق انتقال مقاتليه والأسلحة والبضائع التجارية. ولا يبدو أن هناك إمكاناً لإيجاد طرق بديلة في سرعة. وهي قد تمرّ في الأردن ولبنان. والنجاح في ذلك ليس سهلاً لأن في الأردن دولة جدّية، ولأن ملكها عبدالله الثاني على تحالف مع واشنطن وعلى “سلام” مع إسرائيل. وهو طبعاً لن يتَّخذ موقفاً في موضوع “داعش” كما في موضوع الرئيس الأسد ونظامه إلا بعد التشاور معهما.

هل هذه الأخبار السيئة بالنسبة إلى “داعش” جيدة بالنسبة إلى الأسد؟

المتابع نفسه يستبعد ذلك ويؤكد أنها أيضاً سيئة له. فالأتراك أخذوا ما أرادوا من الاتفاق مع أميركا. أخذوا أولاً موافقتها على إقامة منطقة آمنة شمال سوريا من دون إعلان. وحظر الطيران الحربي فوقها ليس جزءاً من الاتفاق. وأخذوا ثانياً موافقتها على بذل المزيد من الجهود للتخلُّص من الأسد بتسوية سياسية تسفر عنها مفاوضات جدية بينه وبين معارضيه برعاية دولية ومشاركة إقليمية. وأخذوا ثالثاً موافقتها على قيام المعارضة السورية المعتدلة بأعمال عسكرية ضد الأسد وجيشه وميليشياته وكذلك ضد “داعش” والتيارات الإرهابية التكفيرية، وهذا أمر لم يكن مقبولاً في السابق. وأخذوا رابعاً موافقتها على تنفيذ ضربات عسكرية ضد مقاتلي “حزب العمال الكردستاني” التركي المدرج على لائحة الإرهاب الأميركية وضد “داعش” في الوقت نفسه. وأخذوا خامساً موافقتها على ممارسة ضغط على الأكراد في كردستان العراقية وهم الحليف الأول لها في الحرب على “داعش” كي لا يقترب مقاتلوهم من سوريا، ولا يشاركوا في معارك أكرادها الذين يخوضون حرباً ضد التنظيم الإرهابي بالتعاون مع قوات الأسد، والذين يطمحون ربما إلى إنشاء كيان كردي ذي حكم ذاتي على الحدود التركية – السورية. ومن شأن ذلك مع كيان كردي قائم على الحدود التركية العراقية تهديد استقرار تركيا، وتحفيز أكرادها على الانخراط كلياً في مواجهة سياسية أمنية عسكرية مع الحكومة المركزية.

هل يُستنتج من ذلك أن تركيا دخلت حرباً شاملة مع “داعش”؟

الاستخبارات التركية، تجيب مصادر عربية واسعة الإطلاع، تمتلك وسائل اتصال منتظمة وكثيرة مع هذا التنظيم. وذلك يمكِّنها من إجراء تحقيق دقيق لمعرفة دوافع الهجوم الذي شنّته عليها في مدينة سوروج الحدودية مع سوريا والهجمات الأخرى عبر الحدود. ويمكن معرفة نتائج التحقيق في وقت غير بعيد من مراقبة الواقع على الأرض في تركيا وتحديداً في مناطقها المحاذية لسوريا. فإذا أشارت إلى أن ما حصل كان خطأ أو اجتهاداً فردياً يتم ترتيب العلاقة مع “داعش” بالتي هي أحسن. أما إذا أكدت وجود قرار تنظيمي (“داعشي”) بتنفيذ الهجمات من القادة الكبار فيه فإن مواجهة مفتوحة وشاملة ستبدأ بين الفريقين، علماً أن ذلك لا يزال غير محتمل حتى الآن. وهي ستكون مكلفة جداً لكليهما. ذلك أن “داعش” اخترق المنطقة التركية الحدودية مع سوريا وأسس فيها شبكات، وأرسل إليها أعضاء مهمتهم إدارة كل الأعمال اللوجستية لحربه في العراق وسوريا، كما إدارة أعمال تجنيد المقاتلين وتهريبهم إلى الداخل السوري، وتبييض الأموال وبيع النفط وجمع المعلومات وإرسال الأسلحة والذخائر إلى مناطق القتال. ونجاح تركيا في ذلك يعني أن التراجع العملي والحقيقي الأول لـ”داعش” قد بدأ.

هل يكفي تفاهم تركيا وأميركا لتوجيه ضربة حاسمة إلى “داعش” وفي الوقت نفسه لنجاح رئيس الأولى أردوغان في التخلُّص من عدوه اللدود الرئيس السوري بشار الأسد؟

لا شك في أنه اتفاق مهم. لكن تجاهل إيران واعتبار أنها غير موجودة في سوريا وفي العراق بل في المنطقة قد يعقِّد تنفيذه. وما يؤكد ذلك المعلومات المتوافرة عند المصادر العربية نفسها وهي تشير إلى اتصالات أجراها إيرانيون في مدينة السليمانية العراقية في حزيران الماضي مع أكراد على صلة بالحزب الكردي الذي يقاتل في سوريا. وهدفها إقناعه بالتنسيق مع قوات الأسد في شمال سوريا في مقابل دعمه الحزب المذكور في معركته.