Site icon IMLebanon

أميركا لم تقل كلمتها في الرئاسة بعد

واشنطن غارقة في انتخاباتها.. ومعركة حلب

أميركا لم تقل كلمتها في الرئاسة بعد

الحماسة الاميركية مفقودة حيال الملف الرئاسي في لبنان.

بهذه الخلاصة عادت شخصية لبنانية مؤخراً من واشنطن، وكان لها سلسلة لقاءات على مستويات مختلفة في الادارة الاميركية.

لبنان، وكما استنتجت تلك الشخصية، نقطة في بحر الاهتمامات الاميركية، ولم يأت دوره بعد ليدرج في اجندة اولويات الادارة، وقد لا يدرج قريبا، لأن العناية الاميركية مركزة في اتجاهين:

الاول، معركة الانتخابات الرئاسية بين الديموقراطيين والجمهوريين، وتوشك ان تحصر الاهتمام الاميركي بها وحدها، دون اكتراث بأي من الملفات الاخرى الدولية والاقليمية ومن ضمنها لبنان. وهذا معناه ان تلك الملفات ستبقى معلقة، وترحّل تلقائيا الى الادارة الجديدة.

الثاني، تطورات المنطقة، واشتعال معظم ساحاتها (اليمن، سوريا، العراق، ليبيا..) واخطرها بالنسبة الى الاميركيين، الميدان السوري وتقدم المحور الروسي فيه، حيث يخشى الاميركيون ان يشكل ذلك التقدم انقلابا في الملف السوري يفرض وقائع جديدة، تطيح كل ما خطط له وسعى اليه المحور المعادي للنظام السوري منذ بدء الازمة السورية.

تبعا لذلك، فإن اكثر ما هو منتظر من الادارة الاميركية حاليا، هو ايفاد السفيرة الجديدة في لبنان اليزابيت ريتشارد، وعلى اللبنانيين الا يتوقعوا ان تبادر واشنطن الى التدخل في الاستحقاق الرئاسي.

يُشعِر الاميركيون محدثيهم بأنهم على الحياد، وانهم مع انتخابات رئاسية من صنع لبناني يسمي فيها اللبنانيون رئيسهم، ولا فيتو على اي اسم. يسألون عن ميشال عون واحتمالات فوزه او انسحابه، ثم عن سليمان فرنجية وحظوظه. ثم تكر سبحة الاسئلة عن «حزب الله»، نبيه بري، وليد جنبلاط، سعد الحريري، سمير جعجع. وتنتهي بنصيحة «ليتفق اللبنانيون في ما بينهم على انتخاب رئيسهم».

وفي حالة الحياد هذه، بحسب ما تنقل الشخصية، ما على الزائر اللبناني سوى عرض الصورة «لبنان دولة بلا رأس، مهدد بالتلاشي والانهيار، ويكاد يفقد الحد الادنى من المناعة، فكيف يمكن للدورة الدموية ان تكتمل فيه من دون رأس». ومن ثم التمني على الادارة ان تضع ثقلها في الميدان اللبناني، وتدفع به الى بر الأمان.

وهنا يأتي جواب حاسم: «صحيح ان منطقتكم متفجرة، والخطر كبير من حول لبنان، ولكن لا خوف عليه، ونحن على يقين انه مهما كان حجم الخطر كبيرا، فاطمئنوا، لبنان في امان ولن يمسَسه سوء، واشنطن معنية بالحفاظ على استقرار بلدكم، ولن تتركه ينهار او تسمح لأحد العبث به، ولذلك هي تراهن على الجيش والقوات المسلحة الرسمية وستوفر الدعم اللازم وكل متطلبات حماية لبنان».

لكن سرعان ما يأتي من يهمس بجملة صغيرة تنهي مفعول تلك النصيحة، وتقدم الموقف الاميركي كحاضر على المسرح اللبناني، وعارف بأدق التفاصيل «نحن نتابع الوضع في لبنان، نعرف ماذا يحصل».

ثم يأتي الكلام المفيد: «اي رئيس للبنان لن يأتي بمعزل عن واشنطن، للولايات المتحدة رأيها في الرئيس، ولها كلمتها في الانتخابات الرئاسية، لكنها لم تقلها بعد، او بالاحرى لم يحن الاوان لتقولها».

لا موعد محددا للنطق بـ«الكلمة السحرية»، والزائر اللبناني يستنتج من الكلام المفيد «لبنان رئاسيا، في خضم لعبة في الوقت الضائع. واشنطن تراقب الملعب اللبناني، لا تريد ان يخرب لبنان، تريد حمايته وحفظ استقراره لأن له وظيفته المستقبلية بالنسبة اليها. وطالما ان لبنان صار متكيفا مع الفراغ الرئاسي، وطالما ان ذلك لا يخل بهذا الاستقرار، فليس هناك من ضرورة ملحة حاليا للكلام المباشر، او التدخل الفاعل لفرض امر ما او للمشاركة في توليد الرئيس اللبناني».

من هنا، العين الاميركية على سوريا قبل اي مكان آخر، فبالنسبة الى واشنطن، وفق ما ينقل العائدون منها، الميدان «مفتوح على احتمالات شديدة الخطورة»، ولسان الكثير من المسؤولين الاميركيين يعبر بصراحة عن خطر الدخول مجددا في حرب باردة مع الروس.

ابرز ساحات المواجهة هي حلب، يعتقد الاميركيون، ان المعركة حولها واقعة لا محالة، والروس يحضرون لارض محروقة فيها مرتكزة على غزارة نيران غير مسبوقة لحسمها سريعا.

لا يخرج الاميركيون من حسبانهم احتمال تدحرج كرة النار الى ما ابعد من حلب، الواضح في واشنطن ان ليس هناك ميل للدخول مجددا في حروب، واولويتها الحالية في سوريا هي الوصول الى حل سياسي ولجم التوتر بالشراكة مع الروس.

يلاحظ الزوار ان الاميركيين لا يبدون متحمسين «للحماسة السعودية» بالتدخل البري في سوريا، يُشعِرون محدثهم بأن ذلك من باب التهويل، ولكن هناك من يقول ان التدخل إن حصل فسيشمل مناطق تسيطر عليها المعارضة الحليفة للسعودية. ولن يقارب المناطق التي يسيطر عليها النظام بحماية روسية، لذلك ومنعا للتصادم في ما بينهم، سيكون اسهل الطرق هو ترسيم حدود مناطق نفوذ كل طرف.. وهذا معناه ان تقسيم سوريا قد وقع.