صاغ الرئيس الايراني حسن روحاني ما دأب المسؤولون العسكريون في الحرس الثوري او سواهم من المحيطين بالمرشد الايراني على تكراره في شأن النفوذ الايراني المتمدد في اتجاه العراق وسوريا ولبنان واليمن باسلوب ديبلوماسي مقدما صياغة اكثر دماثة وغير استفزازية لهذه الصيغة نفسها من خلال قوله ان “الدولة التي ساعدت شعوب العراق وسوريا ولبنان واليمن” كما قال “لمواجهة المجموعات الارهابية هي جمهورية ايران الاسلامية”. وطرح المعادلة على لسان روحاني يشير بوضوح الى وجود رؤية موحدة حولها في الداخل الايراني بين المتشددين والمعتدلين لجهة الطموح الايراني الاقليمي في المنطقة بما يدحض وجود مقاربات مختلفة في التعاطي الايراني في المنطقة بين الطرفين. قال روحاني في الذكرى الـ36 للثورة الاسلامية “ان بسط السلام والاستقرار واستئصال الارهاب في الشرق الاوسط يمر عبر الجمهورية الاسلامية” بمعنى ان ايران هي مفتاح اساسي للوصول الى هذه الخلاصات ولو انها توحي في الوقت نفسه ان ايران استخدمت ما يستخدمه النظام السوري من اشعال للحريق ومن ثم طرح نفسه مساعدا اساسيا في اطفائه على ما هي الحال بالنسبة الى المجموعات الارهابية في سوريا مثلا وعلى ما كان يفعل في لبنان ابان الحرب ووصايته عليه، فلا احد ينكر على ايران دورها المهم في المنطقة انما على قاعدة ما يعتقده مراقبون انه دور تخريبي على مستوى منطقة الشرق الاوسط من خلال توظيف العنصر المذهبي وفق ما حصل في العراق ولبنان ودعم الرئيس السوري وكذلك في البحرين واخيرا في اليمن ولو ان ايران تقول بلاطائفيتها وذلك من اجل استثمار تدخلها في تحسين النفوذ الايراني وهيمنته في دول المنطقة.
اللافت الذي يتوقف عنده مراقبون متابعون للموقف الايراني هو اقرار الرئيس الايراني المعتدل بالتدخل الايراني في اليمن وليس فقط في دول اخرى معروف حجم وطبيعة تدخلهم فيها كما هي الحال بالنسبة الى العراق عبر سيطرتهم على احزاب وميليشيات ومفاتيح في السلطة او في سوريا حيث ساهمت في بقاء النظام ومده بامكانات الاستمرار واعادة تحقيق مكاسب على الارض او في لبنان عبر “حزب الله”، وذلك في الوقت الذي لم يصدر اي موقف اميركي يجزم بالتدخل الايراني لا بل يطرح شكوكا ازاء حصوله. وهو أراد بذلك توجيه الرسالة حول الشراكة التي تتوقعها ايران وتريدها في كل هذه الملفات في حال شاءت الولايات المتحدة ايجاد حلول لها. ومع انه سبق لمسؤولين ايرانيين عسكريين ان قالوا بذلك، فإن اعلان الرئيس الايراني من شأنه ان يدحض اي شك لا تزال تبديه واشنطن على رغم ان معلومات استخبارية كانت ترصد دعما ايرانيا للحوثيين وتحركهم العسكري منذ اكثر من ثمانية اشهر، وتأكيد روحاني ذلك يحرج واشنطن من زاوية انها لا تستطيع ان تغض النظر بعد الان عما يحصل في اليمن وتتعامل معه على انه تطور داخلي على خلفية الصراع السياسي الداخلي فحسب فيما تطرح طهران نفسها الشريك الذي لا غنى عنه من اجل احلال السلام والاستقرار في هذه الدول التي عددها روحاني ومن ضمنها اليمن فيما وجهت رسائل مزدوجة ازاء التطورات هناك. فروحاني يذكر واشنطن باعتبارها من سيقر بنفوذ ايران في المنطقة بان نفوذها يجد طريقه الى التمدد فيما المفاوضات على الملف النووي الايراني تجري على خط اخر وفي ظل رفض ايراني من الاساس وفق ما يقول قريبون من طهران لاي بحث يتناول شؤون المنطقة جنبا الى جنب مع الملف النووي. فيما الرسائل الاميركية المزدوجة تكمن في واقع اقفال السفارة الاميركية في صنعاء بذريعة التطورات الامنية والتي شكلت في ذاتها دعوة لدول اوروبية للقيام بالمثل في الوقت الذي بقي مستشارون امنيون ومدربون يساعدون القوى الحكومية اليمنية في ظل تساؤلات عن اي قوى هي المقصودة وهل هي التي باتت تخضع للحوثيين ام لا، ولعل هؤلاء المستشارين يعوضون تغييب اميركا نفسها عن التماس مع الواقع الميداني في اليمن علما ان واشنطن والدول الاوروبية ساورها الندم في مراحل مختلفة من الازمة السورية لاقفال السفارات بما ساهم في افقادها المعلومات المباشرة او ممارسة التأثير اللازم، وتاليا فإن التساؤلات التالية تتعلق باحتمالات عدة من بينها هل ان الانسحاب الاميركي من اليمن سيكون استكمالا للانسحاب الاميركي من شؤون المنطقة الذي ادى الى سعي كل من ايران وتنظيم الدولة الاسلامية في الدرجة الاولى الى ملء الفراغ الذي تركه الانسحاب الاميركي او اذا كان التجاهل الاميركي الذي كان قائما حول التدخل الايراني في اليمن هو من اجل عدم دحض امكان التعاون مع واقع جديد هناك بناء على ما يعلنه الحوثيون، وروج له روحاني، اي محاربة الارهاب المتمثل في تنظيم القاعدة في اليمن، فتستعاد في اليمن الصيغة نفسها التي سادت في العراق في الاشهر الاخيرة حول التعايش الايراني الاميركي من خلال عودة مستشارين اميركيين الى العراق من اجل محاربة تنظيم الدولة الاسلامية عبر قبول انقلاب الحوثيين في اليمن والتعاطي معهم كامر واقع من اجل محاربة تنظيم القاعدة باعتباره العدو الاول للاميركيين هناك وفي المنطقة، وذلك على رغم ان الوضع في اليمن لا يمكن ان يستتب بالتعاون الاميركي الايراني فحسب لان هناك لاعبين مؤثرين اخرين وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية خصوصا متى كان اليمن على شفير حرب اهلية.