Site icon IMLebanon

اميركا الكذّابة

سؤالان كبيران تجدر الإجابة عليهما بالرغم من صعوبتها وتشعبهما.

الأوّل: هل تريد الولايات المتحدة الأميركية فعلاً الحل في سوريا؟

الثاني: هل صحيح أنّ واشنطن متردّدة بالنسبة الى قرار إطاحة بشار الأسد على قاعدة: ما هو البديل؟

في السؤال الأول: لو كانت أميركا جدية في إنهاء النظام السوري:

1- في الأشهر الستة الأولى عندما كانت المعارضة سلمية مئة في المئة كان بإمكان واشنطن ممارسة ضغط على النظام وإيجاد سبيل لذهابه.

2 – عندما جاءت السفن الحربية الأميركية الى المنطقة بعدما أعلن الرئيس أوباما أنّه سيسقط النظام الذي يضرب شعبه بالسلاح الكيماوي.

فجأة وبسحر ساحر توقفت العملية بذريعة أنّ النظام قبل أن يسلم سلاحه الكيماوي.

وهنا سؤال: سلم النظام السلاح الكيماوي ولكن مَن يحاسبه على سقوط الضحايا الذين قُتلوا بالكيماوي وهم جميعهم مدنيون أبرياء من الأطفال والنساء والعجائز.

ثم: أين الأمم المتحدة لا تعاقب ولا تحاسب؟ ألَيْس هناك مجرم حرب؟ ومرتكب مجازر، وقد اعترف… فلا مَن يحاسب ولا حتى من يسأل…

ألَيْس أنّ الحساب لا يزال ملاحقاً هتلر حتى اليوم؟! أم أنّ جريمة قتل الأبرياء في سوريا ليست بجريمة في نظر هذا العالم الذي يبدو وكأنّه لا يبالي؟!

3- من العام 1990 حتى العام 2003 كان الحظر الجوي مفروضاً على العراق لأنّ صدام اجتاح الكويت، فلماذا لم يصدر عن الأمم المتحدة قرار يحظر الطيران السوري في طلعاته التي يلقي خلالها البراميل المتفجرة فيقتل الشعب ويدمر البلد؟

4- خمس سنوات لا يمر شهر خلالها إلاّ ونسمع عن:

أ- دعم أميركا المعارضة السورية بالسلاح.

ب- وأنها تدرّب الجيش الحر (والمعارضة المعتدلة).

أين هذه التدريبات؟ وما نتيجتها؟ الحكي كثير والفعل معدوم.

5- تركيا ومواقفها المترددة والمتذبذبة، والمشكلة الأكبر أنّ هناك فساداً إدارياً وعسكرياً ليس له مثيل، لدرجة أنّهم كانوا يسرقون أكثر السلاح الوافد الى المعارضة السورية، وكذلك المال يضعون يدهم عليه، ثم انّ المشكلة الأخرى مع سوريا هي التزامهم بالإخوان المسلمين، وأيضاً لم يسددوا مرتبات وتعويضات «الجيش الحر».

6- الاردن قد يكون الجبهة المثالية… ولكن أين المال وأين القرار؟

ونعود الى السؤال الثاني حول البديل عن النظام، نحن المسلمين نقول: مات النبي محمد وأمته استمرت، فليس من أمة يرتبط مصيرها بمصير شخص حتى ولو كان نبياً.

علماً أنّ النظام كان يقمع الحركات السياسية والطموحات، لدرجة أنّه كان محظراً أن يجتمع شخصان من دون أن يساقا الى السجن! فكيف كان يمكن أن تتوالد الهيئات والتنظيمات الحزبية والسياسية؟!

لو كانت واشنطن تريد فعلاً البديل، لكانت نفذت إنقلاباً عسكرياً، والجيش يتولى الحكم لفترة تجرى خلالها انتخابات تفرز نواباً، وبالتالي يكون انتخاب رئيس… ويبدأ مسار ديموقراطي جديد.

على امتداد التاريخ حُكِمَت سوريا فعلياً مرتين: مرّة مع معاوية والثانية مع حافظ الأسد وكل منهما (رغم الفارق الزمني الطويل جداً بينهما) حكما بالحكمة والذكاء والفطنة.

معاوية المضروب المثل فيه بـ»شعرة معاوية» دلالة على المرونة والواقعية والميكافيللية.

كما يسجل لحافظ الأسد أنّه لم يسجّل خلال حكمه الطويل (على امتداد 30 سنة) أنّ مجلس الأمن أصدر قراراً واحداً ضد سوريا.

ويزعم الاميركيون أنّ لا بديل لبشار، وكأنّ بشار أجرى انتخابات نيابية… صحيحة واحدة في حياته… أو كأنّه سمح بقيام حال سياسية توصّل الى أحزاب فعلية وديموقراطية يصدر عنها رأي عام يلتف حول قيادات جديدة!

الخلاصة أنّ واشنطن تريد استمرار الحروب لأنّها تستهلك السلاح الذي تنتجه المصانع الأميركية، ومردوده أكبر من موارد أي صناعة أخرى في العالم.

وأريد أن أورد مثالاً سريعاً، الطائرة ثمنها نحو 25 مليون دولار، والصاروخ ثمنه 200 ألف دولار… وفي ساعتين يمكن إسقاط مئة طائرة… والعملية الحسابية تحكي عن ذاتها بذاتها، ما يعني أنّ ثمن الطائرات التي تكون قد أسقطت يوازي مليارين ونصف مليار دولار! وهذا دليل على أهمية استمرار الحروب ذات المردود المالي الهائل على صناعة الصلب الاميركية التي تنتج الأسلحة على أنواعها!..

وليتهم يستخدمون هذه الأموال أو جزءًا بسيطاً منها في خدمة الإنسانية المعذبة، وإزالة الفقر والبؤس والأمراض التي تضرب بلدان العالم الفقيرة.

ولكن واشنطن تريد استنفادنا حتى آخر قرش من مداخيل نفطنا، لذلك ستستمر الحروب طويلاً في هذه المنطقة من العالم.