لماذا توقفت أميركا عام 2013 عن ضرب سوريا الذي كان مقرراً لأنّ النظام السوري يستعمل أسلحة كيميائية ضد شعبه؟ هل لأنّ أميركا إقتنعت أنّ روسيا سوف تضمن نقل هذا السلاح الى خارج سوريا؟
السؤال المشروع يؤدي الى أنّ الهدف الحقيقي وراء توقف أميركا عن ضرب سوريا كان نتيجة طلب إسرائيلي الى أوباما بأن يترك النظام السوري يقتل شعبه.. فما هي الخسارة التي تجنيها أميركا من نظام يقتل الشعب السوري ويدمر سوريا؟ طبعاً الجواب أنها ترحب بأي عمل يضعف العرب ويكون ضد مصلحتهم لأنه سيكون بالضرورة لمصلحة إسرائيل… وهذا طبيعي جداً.
اليوم بدأت أميركا تشعر بخطر تطرّف الاسلاميين لأنه أصبح يهدد النظام السوري والنظام العراقي… وكما هو معلوم هناك اتفاق بين إسرائيل وسوريا منذ عام 1973 وهو من أهم الاتفاقات التي عقدتها إسرائيل منذ قيامها حتى اليوم، فلماذا تفرط بنظام يحمي لها حدودها وبأقل كلفة ممكنة؟ بل العكس فإنّ هذا النظام يقتل الشعب السوري الذي هو في الحقيقة العدو الرقم واحد تجارياً كما هو الشعب اللبناني تجارياً ووجودياً إذ انّ صيغة العيش المشترك في لبنان كما في سوريا هي التي تناقض الكيان الصهيوني القائم على التقوقع، وأنّ اليهود لا يستطيعون أن يعيشوا مع أي شعب آخر: مسلم مسيحي لا فرق يريدون فقط دولة يهودية…
ماذا عن التمدّد الإيراني؟ ولماذا سمحت أميركا لإيران بأن تستفيد من العراق وأن تسمح لها ببسط سيطرتها العسكرية عليه وتعيين نوري المالكي رئيساً للحكومة بالرغم من عدم حيازته الأكثرية في الانتخابات التي حازها اياد العلاوي… وتلك كانت انتخابات برلمانية حرة كأحد الأهداف المعلنة للغزو الاميركي على العراق… فضربت واشنطن الارض بإرادة الشعب العراقي.
طبعاً السبب الحقيقي أنّ أميركا هي التي جلبت نظام آية الله الخميني وحكمته في إيران هذا النظام الذي يريد تصدير الثورة، باختصار يريدون فرض التشيّع على المسلمين السُنّة وطبعاً هم يعرفون أنّ هذا الهدف مستحيل تحقيقه خصوصاً أنه يوجد مليار و350 مليون مسلم سنّي مقابل 150 مليون شيعي فكيف يمكن أن ينجح هذا المخطط؟ طبعاً مستحيل ولكن أهمية «الفتنة» بين السُنّة والشيعة هي أيضاً مصلحة يهودية تستفيد منها دولة إسرائيل كما حدث حتى في لبنان إذ منذ عشر سنوات من تاريخ 2006 يوم خطف «حزب الله» جنديين إسرائيليين وطبعاً أجبر لبنان على القبول بتوقيع اتفاق 1701 الذي أبعد «حزب الله» مسافة 50 كيلومتراً عن الحدود مع إسرائيل ومنذ ذلك التاريخ و»حزب الله» لم يقم بأي عمل ضد إسرائيل لأنه مشغول في سوريا وهذا أيضاً في مصلحة إسرائيل.
ما يحصل في سوريا هو في مصلحة إسرائيل فقط لا غير والجميع خاسر أولاً الشعب السوري وثانياً العرب جميعاً.
نعود الى التدخل الروسي في سوريا، فهل كان هذا التدخل بالاتفاق مع أميركا أم بموافقة من دون إعلان أو أنّ أميركا تركت روسيا تغرق في بحر دماء الشعب السوري… غير مهم اتفاق او لا اتفاق المهم أنّ روسيا فعلياً تورّطت وما كانت بحاجة الى تفجير طائرتها فوق سيناء وهذه البداية، لأنّ هناك جمهوريات إسلامية داخل الاتحاد الروسي سوف تنتقم من بوتين ونظامه، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية أنّه في الوقت الذي يعاني الاقتصاد الروسي من مشاكل كبيرة تبدأ بانخفاض سعر النفط من 110 دولارات الى 40 دولاراً، وإلى هبوط سعر الروبل الذي خسر أكثر من 65% من قيمته أمام الدولار فإنّ دخول روسيا الحرب في سوريا سوف يفاقم الوضع الاقتصادي الروسي، هذا عدا عن التدخل الروسي في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا.
خلاصة الموضوع أنّ أميركا مستفيدة من تدخل إيران وروسيا وتورطهما في الحرب السورية ولكن ماذا بعدما كبر الوحش الداعشي الذي عملوا على تضخيمه ورعايته؟
للبحث صلة…